وأضاع محور إيران الفرصة الأخيرة لـ”إزالة إسرائيل من الوجود”!

WhatsApp Image 2025-06-26 at 12.41.00_33a9d9c0

توجّه “الحزب” في بيان “بأسمى آيات التبريك والتهنئة إلى سماحة قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي، وإلى رئيس الجمهورية الإيرانية وحكومته، وإلى الجيش والحرس الثوري والشعب الإيراني العزيز، بتحقّق هذا النصر الإلهي المؤزّر الذي تجلّى في الضربات الدقيقة والمؤلمة التي وجّهتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية لكيان العدو الصهيوني، والتي حطّمت هالة منظوماته الدفاعية ودكّت عمق كيانه المصطنع ضمن عملية “الوعد الصادق 3″، وأيضًا بالرد الصاعق على العدوان الأميركي على منشآتها النووية في العملية النوعية “بشارة الفتح”. وما هذا إلا بداية مرحلة تاريخية جديدة في مواجهة الهيمنة الأميركية والعربدة الصهيونية في منطقتنا… وندعو جميع شعوب الأمة إلى استلهام هذا النصر العظيم… وبأن كل استسلام أو خنوع أو تنازل لن يزيد أعداءنا إلا تعجرفًا وتسلطًا على منطقتنا”.

لا شك أن كل من قرأ في بيان الحزب عن “النصر الإلهي المؤزّر” المتجلّي بـ”الضربات المؤلمة والدقيقة” على إسرائيل، و”بالرد الصاعق على العدوان الأميركي على منشآت إيران النووية في عملية بشارة الفتح”، دون أن يتحقق ويتأكد من تفاصيل آثار وتأثير مئات الصواريخ والمسيّرات التي استطاعت أن تسقط على الكيان الغاصب دون اعتراض أو إسقاط، ودون أن يتأكد ومن النظرة الأولى لعملية “بشارة الفتح” المنسّقة والمبلّغ عنها قبل ساعات مع الأميركيين والقطريين، من استهداف دون إصابة قاعدة العديد التي أُخليت قبل أيام من العديد، لظنّ أن النصر المؤزّر ما هو إلا إنهاء وقضاء ونهاية لدولة إسرائيل، الغدة السرطانية الواجب شرعًا نزعها حسب فتوى وتكليف قائد الثورة الإسلامية المؤسس روح الله الخميني، كذلك انطلاقًا من واستنادًا إلى ما كان يعدّ ويتوعد به المسؤولون الإيرانيون والمحوريون “الممانعون” من قادة الأذرع في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين، مصدّقين ومصدّق عليهم بـ”إزالة إسرائيل” إن هي أقدمت على الاعتداء أو حتى قيامها بأصغر حماقة بحق الأذرع أو بحق رأسها في إيران.

من قرأ في بيان الحزب عن “نصر” إيران المؤزّر من المصدّقين، عادوا إلى ما كان أكده في 1 آذار 2017 المستشار العسكري لقائد فيلق “القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني، العميد أحمد كريم بور، خلال مراسم أُقيمت في مدينة بندر عباس (المُدمّر ميناؤها وقاعدتها البحرية حاليًا) إحياءً لذكرى الشهداء، على أن “تصريح قائد الثورة الإسلامية بأن إيران سترد على أي هجوم بنفس المستوى”. وأضاف: “بطبيعة الحال إن أميركا لم تحدد أي مستوى لغاية الآن ويمكن القول إنها لا تمتلك الشجاعة والجرأة والقدرة على ذلك”. كما أكد أن إيران جاهزة للرد على أي اعتداء عسكري بردّ حازم ومدمّر، وأضاف: “حينما يقول سماحة قائد الثورة الإسلامية إنه لو استلزم الأمر سنسوي تل أبيب وحيفا بالأرض في غضون 7 دقائق، فلا مزاح في الأمر، وإن جميع مدننا جاهزة لمثل هذه العمليات، ولتعلم إسرائيل وحلفاؤها ذلك”. متحدِّيًا الإسرائيلي بقوله: “العدو يصرخ باستمرار بأن الخيار العسكري موجود على الطاولة، إذًا لماذا لا تقوم بتفعيل خيارك العسكري؟ إلى متى تريد أن يبقى على الطاولة؟ إن جميع المراكز المهمة في إسرائيل قد تم تحديدها وسيتم تدميرها في غضون 7 دقائق و30 ثانية بسرعة 14.4 ماخ بواسطة صواريخ “سجيل” و”شهاب 3” التي ستُطلق بصورة آلية، فيما لو تعرضت إيران لأي اعتداء”.

ومن قرأ دون أن يتبيّن النتائج والخسائر على إيران حجرًا وبشرًا، نوويًا ومنصّات صواريخ، ووقفًا لإطلاق النار بتغريدة من ترامب الأميركي المصاب المضروب المكلوم من “بشارة الفتح”، عاد مستبشرًا إلى ما كان قد وعد به “سيّد” الحزب، الوكيل الشرعي للولي الفقيه الإيراني، الأمين العام الراحل حسن نصرالله، من مثل ما قاله في 12 تشرين الثاني من العام 2004: “نحن الجيل الذي لدينا آمال طويلة وعريضة وكبيرة في أن نكون الجيل الذي سيصلي في القدس وبيت المقدس إن شاء الله”، وفي 4 أيلول 2010: “في يوم القدس نشعر أننا في المقاومة، في لبنان، في الموقع الصحيح من المحور المنتصر. نحن اليوم، عام 2010، أقرب ما نكون من القدس بعد 62 عامًا”، وما أكّده في 4 آذار من العام 2012 أن “التحولات الكبرى في العالم تشعرنا أننا أقرب إلى تحرير القدس أكثر من أي وقت مضى”.

وضمن هذه الحتمية بإزالة إسرائيل من الوجود و”دنو ساعة تحرير القدس قبل ساعة نصرالله”، وفي مقابلة مع الصحافي عماد مرمل عبر قناة المنار، يقول بتاريخ 12 تموز من العام 2019: “الأعمار بيد الله، وبحسب المنطق والزمن، أنا من الذين يملكون أملاً كبيرًا في أن يصلوا في القدس… أي حرب جديدة ستكون أكبر بكثير من حرب تموز من العام 2006، وهذه الحرب ستضعهم على حافة الزوال… إخواننا أصبحوا محترفين ولديهم أكثر من سيناريو، ودخول الجليل جزء من خطة الحرب… قدرة المقاومة الهجومية في الـ2006 كانت محدودة، أما اليوم فتملك قوة هجومية على مستوى المشاة مسلّحة مزوّدة بأسلحة نوعية، وسلاح الجو المسير بات أكبر ويُعتدّ به… المقاومة أقوى من أي زمن في قدرتها على استهداف وزلزلة الجبهة الداخلية للعدو… المقاومة تطال بصواريخها كل منطقة الشريط الساحلي لكيان العدو بعمق 20 كلم وطول 60 إلى 70 كلم والتي تتواجد فيها المراكز الحكومية والمصانع النووية والموانئ، فهل يستطيع الكيان أن يصمد أو أن يتحمّل؟”.

وتأكيده في 20 أيار من العام 2020 على وعد آخر بأننا “سنصلي في القدس، ونحن اليوم أقرب ما نكون إلى تحريرها”، كذلك في 5 أيار من العام 2021 جزمٌ وعزمٌ: “نحن أقرب إلى القدس من أي وقت مضى”.

وكما كانت عملية “طوفان الأقصى” وما تلاها من اعتداءات إسرائيلية على لبنان فرصًا مواتية لكل “محور وحدة ساحات الممانعة” تحت رعاية وقيادة إيران لفتح “طريق القدس” ليتوافد الحجاج للصلاة فيها، كانت الاعتداءات الإسرائيلية على إيران وعاصمتها طهران، والغارات الأميركية على منشآتها الاستراتيجية النووية، وعلى ما ذكره المسؤولون الإيرانيون وأفتى به مرشد الثورة الولي الفقيه، فرصة ذهبية لا، بل “ماسية”، قُدمت لإيران ومحورها على طبق من فضة “لتدمير جميع المراكز المهمة في سبع دقائق ونصف”، فاتحةً الطريق واسعةً مشرعةً أمام الإيرانيين والمتبقين من الممانعين لـ”إزالة إسرائيل من الوجود”.

لن نجد أفضل من خاتمة بيان التبريك بـ”انتصار إيران المؤزّر” لتأكيد ضياع، أو حتى تضييع “فرصة” إزالة إسرائيل من الوجود، وذلك بدعوة كاتب البيان “جميع شعوب الأمة إلى استلهام هذا النصر العظيم…” وتحذيره وخشيته “بأن كل استسلام أو خنوع أو تنازل لن يزيد أعداءنا إلا تعجرفًا وتسلطًا على منطقتنا”، متوقفين عند ما قد ينتظر الإيراني في المراحل المقبلة من مفاوضات وضغوطات، وربما اختراقات، لوقف برنامجه النووي والصاروخي، وذلك بعد خضوعه “لتغريدة” ترامب الآمرة بوقف إطلاق النار، والناهية عن الاستمرار بـ”النصر”، وهو الذي كان قادرًا، لو لم تتوقف الحرب، على محو أعدائه وأراضيهم ومواقعهم من الوجود، تمامًا كالفرصة الضائعة بموافقة الحزب في 27 تشرين الثاني 2024 على اتفاق وقف إطلاق النار، بعد أن “توسلته” إسرائيل وطالبت به، حسب ما كشف الشيخ نعيم قاسم في 4 كانون الثاني 2025 من أن “إسرائيل هي من طالبت بوقف إطلاق النار والحزب وافق”.

الفرصة الضائعة في لبنان، وما قبل الفرصة الأخيرة في إيران لإسقاط إسرائيل بالضربة أو بالضربات القاضية المُنوَّه عنها أعلاه، كان قد عبّر عنها نصرالله في 3 تشرين الثاني من العام 2023، قائلاً:
معركتنا لم تصل إلى مرحلة الانتصار بالضربة القاضية، لكننا ننتصر بالنقاط. وكل الشعوب وحركات المقاومة احتاجت دائمًا إلى سنوات طويلة حتى الوصول إلى نقطة يكون فيها المحتل مُجبَرًا على الإقرار بالهزيمة،
لينتهج نهجًا آخر ناعمًا غير تدميري لإسرائيل، مشابهًا لبيان الحزب عن انتصار إيران واستلهام الانتصار، وبيانات القيادات الإيرانية والإعلام المُساند، بقوله في 11 تشرين الثاني من العام 2023:
لا تستهينوا بالدعاء. أدعوكم إلى الدعاء بالنصر، وتعجيل النصر، واختصار الزمن، والدعاء لأحبائكم…”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: