تتسارع التطورات وتسير وفق إيقاعٍ متسارع مع بدء المرحلة الجديدة التي دخلتها سوريا على المستوى الإقتصادي بعد رفع العقوبات الدولية عنها، ما ساهم في نقل سوريا من موقعٍ إقتصادي ومالي إلى آخر، وبالتالي عزز التوقعات بمرحلة جديدة وبتطور الدور السوري الإقتصادي على مستوى المنطقة وبالتالي انعكاس هذا الأمر عبر وجوه مختلفة على لبنان.
وعن هذا الإيقاع المتسارع، يلاحظ الباحث الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، أنه يُنذر بتقدم الدور السوري في المنطقة على الدور اللبناني وبمنافسة إقتصادية في الدرجة الأولى، خصوصاً وأن مرحلة التعافي في سوريا قد انطلقت بينما ما زالت متعثرة في لبنان.
ولا يُخفي البروفسور عجاقة بأن لبنان مهدد بتراجع دوره الإقليمي كمركزٍ للتجارة بعد تفجير مرفأ بيروت فيما تراجع دوره المالي بعد انهيار القطاع المصرفي، وبالتالي تراجع تأثيره كمركز استقطاب للإستثمارات.
إلاّ أن هذا الواقع لا يلغي وجود انعكاسات إيجابية لرفع العقوبات عن سوريا، حيث يشير عجاقة إلى أن سوريا كانت بمثابة الجسر البري للبضائع اللبنانية إلى الدول العربية، وتأهيل الطرقات التجارية السورية سيؤدي إلى استعادة لبنان الطرق البرية للوصول إلى أسواق المنطقة، وزيادة الصادرات اللبنانية وتراجع كلفة التصدير وتأمين إيرادات إضافية للخزينة اللبنانية مع تحسن الحركة التجارية.
أمّا عن انعكاسات عملية بدء تعافي سوريا وإعادة إعمارها بعد الحرب، فيجد عجاقة أنه من المفترض أن يشكل لبنان موقعاً لدعم الإعمار من خلال مساهمة شركات البناء والهندسة اللبنانية بالعملية، إنما الأزمة الإقتصادية وضعف البنية التحتية وصعوبة حصول الشركات اللبنانية على التمويل، قد يحول دون هذا الأمر ويؤدي إلى استبدال لبنان بدولٍ أخرى.
ولا تقتصر المنافسة في المرحلة المقبلة على الجانب التجاري، إذ أن عجاقة يتوقع انسحابها على قطاعات النفط والغاز والكهرباء والسياحة وصولاً إلى العمالة السورية التي ستنتقل حكماً من لبنان إلى سوريا مع انطلاق عملية الإعمار الضخمة المرتقبة، حيث أن حاجة لبنان تصل إلى قرابة 400 ألف عامل في قطاعات البناء والتجارة والزراعة والصناعة والخدمات، ولن تكون مؤمنة في المرحلة المقبلة ما سينعكس سلباً على الحركة الإقتصادية في أكثر من قطاع.
وعن الإيجابية المرتقبة، يؤكد عجاقة أنها ستكون من خلال عودة مشروع استجرار الكهرباء والغاز من مصر والأردن عبر الأراضي السورية والذي كان معطلاً بسبب العقوبات الأميركية.