كتب أنطوان سلمون:
“كالمستجير من الرمضاء بالنار”… إن المثل يُضرب في الشخص الذي يعدل إلى أمر يظن أنه أهون من الأول، وأنه يصلح أن يكون بديلاً عنه، فإذا به قد وقع في أمر أشد من سابقه… وفي مثلنا الواقعي المعيوش ما سمعناه على ألسنة مسؤولي الحزب والممانعة من مناشدات للدولة اللبنانية “المتآمرة” برئيسيها التنفيذيين، والنواب والوزراء “الخونة” وللبنانيين الشركاء “العملاء المتعاملين” ان يهبوا لنصرة ومناصرة من اتهمهم وخونهم وهدر دماءهم، كما ان مثلنا الواقعي المعيوش تجسد في مناشدة هؤلاء، الممانعين المقاومين والمتحلقين حولهم، المجتمع الدولي واطراف لجنة مراقبة تنفيذ وقف اطلاق النار ذات القيادة العسكرية الأميركية والعضوية الفرنسية الاسرائيلية اللبنانية الرسمية والقوات الدولية العاملة في لبنان مستجيرين منهم نارا من الرمضاء الاسرائيلية.
فبعد ان كان الحزب بمنطقه وبسلاحه “مقاوماً ومحرراً” وبعد “التحرير” مانعا ورادعا لاي اعتداء او اجتياح او ضربات وبعد ان فرض سرديته على لبنان الرسمي بعدم جدوى الضغوط والجهود الدبلوماسية العربية والدولية لمنع العدوان وووقفه وحتى ردعه، اذ ان الدول المعنية بالضغوط والجهود متآمرة ومتواطئة ساكتة عن الباطل وشياطين خرساء كبيرة وصغيرة، ها ان نائب الحزب ابراهيم الموسوي، وتطبيقاً للمثل أعلاه يقول في 1 نيسان 2025 بعد أكثر من 1500 خرق جوي بحري وبري اسرائيلي ومقتل أكثر من 150 شخصا من الحزب وأبناء بيئته، بعد موافقة الحزب على الرعاية الاميركية لوقف النار تاريخ 27 تشرين الثاني 2024، وبعد ضرب قلب الضاحية الجنوبية لبيروت مرتين حتى الآن: “هناك مسؤولية على المجتمع الدولي لكي يتحرّك لوقف العدوان ووقف الاستباحة المتمادية لدماء اهلنا”؟ …متناسياً قول السيد الراحل حسن نصرالله في 28 تشرين الاول من العام 2005” ان المجتمع الدولي ايها الأخوة والاخوات وبكلّ صراحة لا يريد مصلحة الفلسطينيين ولا اللبنانيين ولا العرب ولا هذه المنطقة ان المجتمع الدولي يبذل كل جهده ليحقّق مصالح امريكا واسرائيل فقط وفقط وفقط”… ومتناسياً ايضا قول نصرالله في 21 كانون الاول 2015 “فرض المجتمع الدولي عقوبات على 80 مليون مواطن ايراني” وقول السيد حسن في 2 أيار 2017: “لا يوجد قانون دولي اليوم…لا تتوقعوا عدلا من المجتمع الدولي فهم العدو فاحذروا”… وتكراره في 28 أيار 2024 وكأنه يرد على الموسوي موبّخاً “المجازر الإسرائيلية يجب أن تكون عبرة لنا ولمن يراهن على المجتمع الدولي والقوانين الدولية من أجل حماية لبنان” ليكمل في 31 أيار 2024: “المعركة في غزة ما زالت قائمة والعالم بسبب الحماية الأميركية يقف عاجزاً وهناك من لا يزال يراهن على المجتمع الدولي في الردع والحماية”.
ان مناشدة نائب كتلة الوفاء للمقاومة للشيطان المرجوم من الحزب واعني به المجتمع الدولي لم تكن الاولى على الرغم من مضابط الاتهام التي ساقها امين عام الحزب الراحل وحزبه وامينه العام الجديد وما زالوا يسوقونها بوجه هذا “المجتمع” اذ سبق للامين العام السيد حسن نصرالله ان وسم “داعش” بصفة الارهاب انطلاقاً من تصنيف المجتمع الدولي لها وذلك بقوله في 17 ايار 2015: “إذا كانت مرجعيتكم الدينية والسياسية هي السعودية وهيئة كبار العلماء فيها، فهم أصدروا لائحة صنّفت داعش والنصرة منظمات إرهابية. وإذا كانت مرجعيتكم المجتمع الدولي، فهؤلاء مصنفون على لوائح الارهاب”.
مع الاشارة والاشادة بأن الحزب مصنف على نفس اللوائح التي تحدث عنها نصرالله وقد يكون هذا التصنيف قد دفع الحزب لإصدار بيانه في 2 أيلول من العام 2017 لـ”حماية الباصات التي تنقل مسلحي داعش من “اعتداء” الطائرات الأميركية، مطالباً المجتمع الدولي “بالتدخل لوقف هذه المجزرة”.
وتقديراً لقيمة وقوة المجتمع الدولي الوارد في مضابط اتهام الحزب المذكورة أعلاه يقول السيد نصرالله في 3 كانون الثاني 2024: “من اهم نتائج طوفان الاقصى ان قدم الصورة الأميركية بأبشع حقائقها وأظهر انها خارجة عن المجتمع الدولي وعن القانون الدولي”.
في حمأة التطورات على الساحتين اللبنانية والحوثية اليمنية واقتراب اشتعال الجبهة الايرانية، وفي نفس اطار ترداد الشعارات وتناقضاتها نقع على ما قاله الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، في 19 أيلول من العام 2015 على “ان شعار “الموت لأميركا” الذي يردده الإيرانيون ما هو إلا “شعار” وليس إعلان حرب ضد السياسة الأميركية”.