Search
Close this search box.

يبقى المسيحيون عصيّين على “التذويب” من براون الى “نجيب”

Lebanese-Flag6

كتب أنطوان سلمون:

“في 7 أيار 1976 إجتمع دين براون السفير الأميركي بالرئيس سليمان فرنجية ومن ثم بأعضاء الجبهة اللبنانية… اللقاء مع الرئيس فرنجية كان عاصفاً كذلك مع أعضاء الجبهة اللبنانية حيث اضطر السفير الأميركي عندها الى “طرح مشروع تأمين خروج المسيحيين من لبنان بحماية أميركية”.

بعد 48 ساعة طلب بشير الجميّل الإجتماع بالسفير الأميركي والسفير الفرنسي بنادي اليخوت الكسليك بحضور الأباتي بولس نعمان. وشاءت الظروف أن أكون موجوداً (جو توتنجي) حيث دعاني بشير للحضور. لم يدم الإجتماع طويلاً حيث أراد بشير أن يبلغ الأميركيين من موقفه تجاه العرض الذي قدّمه السفير براون بخروج المسيحيين بحماية أميركية.

فور جلوس السفيرين والأباتي نعمان، بادر بشير بالقول للسفيرين: “سأكون مباشراً ومختصراً، وأردت أن يحضر السفير الفرنسي والأباتي نعمان ليكونا شاهدين على ما أقول. إنكم تقترحون يا سعادة السفير علينا إنقاذاً للمسيحيين، أن نغادر لبنان بحماية أميركية وأنكم مستعدون لإستقبالنا في أوروبا وأميركا. يا سعادة السفير، لبنان الذي عمره ستة آلاف سنة في التاريخ لن نغادره بهذه السهولة. فأجدادنا وشهداؤنا الذين سبقونا في محاربة جميع الجحافل والجيوش التي مرت على لبنان، مجبولة دماؤهم في هذه الأرض. وبالتالي، انتم تحاولون اليوم حل المشكلة الفلسطينية على حسابنا، وإعطاء حق للفلسطينيين بالاستيطان في لبنان، حتى تتوقف الأعمال الإرهابية التي يقومون بها في العالم. إني أنبّهكم يا سعادة السفير وأحذّركم، من أن المسيحيين الذين تقترحون تسفيرهم الى الخارج، سيتحوّل كل واحد منهم الى قنبلة موقوتة في شوارعكم ومطاراتكم ومطاعمكم وستترّحمون على الفلسطينيين وأعمالهم العدوانية، وسنحوّل أوروبا وأميركا الى جحيم. أَبلِغ حكومتك أننا نرفض العرض، وسندافع عن أرضنا وأهلنا حتى الرمق الأخير. هذا وطننا ولن نتخلى عنه وحقّنا أن نعيش فيه بحريّة.”

وأنهى بشير كلامه بقساوة وهو يهّم بالوقوف: “آمل أن تكون يا سعادة السفير قد فهمتم رسالتي، وأعتذر ألا أطيل هذا اللقاء، لأن الواجب يدعوني لمتابعة القتال.”

لم يكن ما ذكر في شهادة جو توتنجي رفيق بشير الجميل وشقيق زوجته وما أكده الرئيس الراحل سليمان فرنجية في مقابلاته إلا من ضمن سلسلة طويلة لما تعرّض له اللبنانيون والمسيحيون من محاولات لم تتوقف وقد لا تتوقف بهدف إيجاد حلول للمنطقة والإقليم على حسابهم ووجودهم وأرضهم.

إنّ ما نقل عن دين براون من محاولة ايجاد “وطن بديل للفلسطينيين” على حساب المسيحيين لم يلقَ على ما نذكر اعتراضاً من قسم كبير من اللبنانيين ومن قيادييهم الذين رأوا بالفلسطيني يومها سنداً لهم لتحقيق حقوقاً “مهضومة” وصلاحيات “مقلصة” واصلاحات “منقوصة”… لتأخذ محاولات إضعاف المسيحيين وتهميشهم وتهشيمهم وتهشيلهم أشكالاً عدة بدأت بمحاولة عزل أحزابهم وتخوينها وتجريمها سياسياً واستمرت عسكرياً دموياً بأيد لبنانية – فلسطينية سورية ومتعددة الجنسيات المرتزقة من صومالية وعراقية وليبية داعمة لـ”القضية الفلسطينية” على حساب اللبنانيين والمسيحيين وأمنهم ووجودهم ودولتهم الشرعية ومِنعتِها امام الانتهاكات.

من هنا لا بدّ من التذكير بما دعا إليه العقيد الليبي معمر القذافي المسيحيين و”لا سيّما الموارنة” في 29 آب 1975 أمام وفد صحافي لبناني برئاسة النقيب رياض طه بقوله: “الموارنة، ما هذا؟ المسيحيون في لبنان سيّما الموارنة، أمامهم حلّان لا ثالث لهما، إما أن يعتنقوا الإسلام وإما ان يتنازلوا عن الحكم للمسلمين ويخضعوا لحكم إسلامي عربي”.

تجدر الاشارة هنا الى أن القذافي كان الداعم والممول الأول ومصدر السلاح الثاني “بعد سوريا” للقوى الوطنية التقدمية الإسلامية اللبنانية والفلسطينية”.

يُخشى اليوم ان يقوم “متآمرو” اليوم من غربيين وعربٍ وايرانيين وأتباعٍ لبنانيين بمثل ما قام به “متآمرو” الأمس عبر محاولة ايجاد وطن بديل للنازحين السوريين على الأرض اللبنانية مقابل نزوح لبناني ولا سيّما مسيحي معاكس قسري وقهري اقتصادي وأمني الى ما وراء البحار طمعاً بعمل ورغبةً بحريّة وأمنٍ واستقرار، كما يُخشى أن يحاول بعض اللبنانيين اليوم بمثل ما حاول بعضهم بالأمس من تآمر على شريكه اللبناني، نموذج عن ما يبرر هذه الخشية قول الرئيس ميشال عون حليف حزب “الجمهورية الاسلامية في لبنان” في 12 تشرين الثاني 2019 رداً على اللبنانيين المعترضين المنتفضين الثائرين على الوضعين الاقتصادي والسياسي المهترئ لعهده: “يلي مش عاجبو يهاجر”، وليكمل نائب الأمين العام لحزب ولي الفقيه الايراني في لبنان الشيخ نعيم قاسم ما بدأه أسلافه وحلفاؤه في الماضي والحاضر بقوله في 11 أيلول 2021: “هذا هو لبنان الذي نريده، من أراد التحق به ‏ومن لم يرد فليبحث عن حل آخر”.

تبرّر هذه الخشية أيضاً المحاولات “التهجيرية” للعمال اللبنانيين لتحل مكانهم “العمالة السوريّة”، بقوة الترغيب “الناعمة الموسمية” التي حرّض عليها وروّج لها مع الأوروبيين وغيرهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في 4 أيار 2024 اذ يشرحها بقوله”، بالاتفاق مع الاتحاد الاوروبي ومع انضمام لبنان إلى القانون الذي يشمل الدول المستضيفة للنازحين السوريين، سيُفتح المجال أمام اللبنانيين بأن يذهبوا هجرة موسمية إلى دول الاتحاد الاوروبي للعمل هناك موسميًا”.

لن نجد أفضل من رد مؤسس القوات اللبنانية الشيخ بشير الجميل على السفير دين براون الذي يقول فيه: “إنكم تقترحون يا سعادة السفير علينا إنقاذاً للمسيحيين، أن نغادر لبنان بحماية أميركية وأنكم مستعدون لإستقبالنا في أوروبا وأميركا. يا سعادة السفير، لبنان الذي عمره ستة آلاف سنة في التاريخ لن نغادره بهذه السهولة. فأجدادنا وشهداؤنا الذين سبقونا في محاربة جميع الجحافل والجيوش التي مرت على لبنان، مجبولة دماؤهم في هذه الأرض. وبالتالي، انتم تحاولون اليوم حل المشكلة الفلسطينية على حسابنا، وإعطاء حق للفلسطينيين بالاستيطان في لبنان، حتى تتوقف الاعمال الارهابية التي يقومون بها في العالم”.

 لنؤكد للمتآمرين الجدد مجدِّدين رسوخ اللبنانيين ولا سيما المسيحيين بأرضهم وحقوقهم وسيادتهم وحريتهم وكرامتهم… المواجهة مستمرة!

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: