كتبت لينا البيطار: في زمن الحقوق الضائعة على المستويات كافة، وفي بلدٍ يختلط فيه حابل “موجبات” الدولة بنابل “حقوق المواطنين”، قلةٌ من الناس تعرف أو تسمع بمصطلح “محامو الدولة اللبنانية”، فمن هم هؤلاء المحامين؟ وما هي مهامهم بالتحديد؟ ومن يدافع عن حقوقهم التي تهدرها المحاصصة والميثاقية الطائفية؟
المرسوم الاشتراعي المتعلق بآلية عمل “محامي الدولة”، وبعد تعديلات أُدخلت عليه، ينص على الحاجة الى 70 محامياً، علماً أن العدد إزداد في العقدين الأخيرين مع ازدياد عدد الدعاوى التي تٌقام من قبل الدولة اللبنانية أو ضدها، مع الإشارة الى أن فرض زيادة أعدادهم ليس للحاجة فقط بل كمدخلٍ لإرضاء القوى السياسية والحزبية والطائفية.
“محامي الدولة” هو المحامي الذي يمثّلُ مصالح الدولة في إجراءات قانونية ويحتاج تعيينه الى صدور مرسوم، علماً أن عدد المحامين الذين يتولون هذه المهام حالياً هو 68 مع تقاعد إثنين منهم لبلوغهم السنّ القانونية أي الرابعة والستين حيث يُفسخ العقد حكماً وينتهي مفعوله من دون أي إجراء، مع الإشارة الى أنه لا يترتب للمحامي أي تعويض عند انتهاء مفعول العقد في حال عدم تجديده سواء من قبله أو من قبل الدولة قبل بلوغه السنّ القانونية.
محامو الدولة ينقسمون الى فئتين: الفرع الأول وهو الذي ينظر في المنازعات التي تُحلّ عن طريق التحكيم، والفرع الثاني يتابع المنازعات أمام المحاكم العدلية والإدارية وسائر الهيئات ذات الصفة الإدارية، وهناك عشرة محامين في الفرع الأول وستين في الفرع الثاني.
تُنظّمُ العقود بين الطرفين لمدة سنة قابلة للتجديد مرة واحدة فقط ويجوز للدولة فسخ العقد مع المحامي وإنهاء مفعوله في حال إهماله أو تقصيره خلال قيامه بالأعمال الموكلة اليه.
محامو الدولة الذين يُشترَط بأن يكونوا مسجّلين على الجدول العام لنقابة المحامين، يتقاضون مخصصاتٍ شهرية وليس رواتب، وهذه المخصصات تُحدّد بمرسوم بناءً على اقتراح وزير العدل الذي يمكنه، وفقاً لاقتراح رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل، أن يمنح من ضمن الاعتمادات المتوافرة “مكافأة” للمحامي الذي يبذل جهوداً في الدعاوى الموكلة اليه والتي تؤدي الى صدور أحكام مبرمة لصالح الدولة اللبنانية، علماً أنه يُحظّر على المحامي طوال مدة تعاقده مع الدولة أن يقبل أية دعوى أو أن يعطي أية إستشارة تتعلق بنزاعٍ قائم مع الدولة أو أية جهة تمثلها هيئة القضايا، فيما تجدر الإشارة الى أن المحامين المكلّفين بقضايا تتسمُ بأهمية بالغة يتقاضون أتعاباً إضافية تمثل نسبة مئوية من المبالغ المحصّلة لصالح خزينة الدولة أو المبالغ التي يمكن أن يتوصّل المحامي الى تخفيضها من أصل المبالغ التي تطالب بها الجهة المدعية على الدولة، وهذه النسبة تتراوح بين 0,02% و10%.
محامو الدولة وعلى رغم “الغبن” الذي يطال مخصصاتهم إلا أنهم لم يرفعوا الصوت سوى مرة واحدة في أيار من العام 2022 عندما أعلنوا الاعتكاف العام والشامل بسبب عدم مساواتهم لناحية المخصصات بسائر موظفي القطاع العام.
في كلامٍ صدر مؤخراً عن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، كان هناك إشارة وإصرار على أن القضاء والأمن هما الركيزتان الأساسيتان لبناءً الدولة الحديثة التي ننشد، وهو كلام صحيح، لكن “مَن لا يستطيع الدفاع عن حقوقه وتحصيلها لا يكون أهلاً للدفاع عن حقوق موكّله وتحصيلها”، والكلام هذا يعبّر عنه محامو الدولة اللبنانية الذين يعملون في الخدمة العامة.. فهل مَن يسمع؟