تشهد الصين واحدة من أكبر أزمات السلامة المرتبطة بمنتجات إلكترونية استهلاكية في تاريخها، بعد سلسلة من الحوادث الخطيرة التي تسببت بها بطاريات محمولة (بنوك الطاقة) اشتعلت فجأة على متن طائرات تجارية، ما أدى إلى حالة طوارئ دفعت إلى فرض حظر واسع النطاق على هذه الأجهزة.
وفي خطوة مفاجئة، فرضت إدارة الطيران المدني الصينية (CAAC) حظرًا مؤقتًا اعتبارًا من 28 حزيران/يونيو، يمنع المسافرين من حمل بنوك الطاقة غير المعتمدة على متن الرحلات الجوية. ويشمل الحظر تحديدًا البطاريات التي لا تحمل علامة السلامة الصينية الإلزامية (3C)، بحسب تقرير نشره موقع SCMP واطلعت عليه “العربية Business”.
تعود جذور الأزمة إلى آذار الماضي، عندما اشتعل بنك طاقة من إنتاج شركة “روموس” على متن رحلة جوية من هونغ كونغ، ما أجبر الطائرة التي كانت تقل 160 راكبًا على الهبوط اضطراريًا في مطار فوتشو جنوب شرقي البلاد.
ولم يكن هذا الحادث الوحيد، إذ أعقبه حريق آخر في سكن جامعي ببكين بسبب شاحن محمول من الشركة نفسها، ما دفع 21 جامعة إلى إصدار قرارات تمنع استخدام أجهزة “روموس” داخل الحرم الجامعي.
وردًا على ذلك، أعلنت الشركة سحب 490 ألف وحدة من ثلاثة طرازات مختلفة، فيما تبعتها شركة “أنكر” بسحب 710 آلاف شاحن بسبب عيوب مشابهة، يعود معظمها إلى مورد واحد مشترك لم تُفصح الشركتان عن هويته.
خلايا ملوّثة
كشف تقرير أن مصدر الخلل يعود إلى تلوّث خلايا البطارية بجسيمات معدنية، نتيجة ضعف الرقابة على المورد الرئيسي، شركة Apex. وقد تم تعليق أو إلغاء 74 شهادة جودة (3C) صادرة للشركة، وسط توقّعات بانتهاء المراجعة التنظيمية نهاية تموز الجاري.
وأشار مسؤولون إلى أن “Apex” ربما فوّضت إنتاج البطاريات لموردين خارجيين استخدموا مواد بلاستيكية رخيصة بدلًا من الطبقات الخزفية المقاومة للحرارة، ما تسبب في حدوث دوائر قصر خطيرة داخل البطاريات.
في أعقاب الفضيحة، أوقفت “روموس” عمليات الإنتاج لمدة نصف عام وأغلقت متاجرها الإلكترونية، بينما أنهت “أنكر” شراكتها مع المورد المتورط وبدأت sourcing من موردين بديلين.
ورغم هذه الفوضى، لم تُسجّل أي عمليات سحب حديثة لمنتجات شركات شهيرة مثل “شاومي”، و”باسيوس”، و”يوجرين”، التي كانت أيضًا تعتمد على بطاريات من “Apex”، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى سلامة المنتجات الأخرى المنتشرة في السوق.
سباق الأسعار يهدد الجودة
تُجري السلطات الصينية حاليًا مراجعة شاملة لمنظومة الجودة في هذا القطاع، بعد أن تسبب سباق خفض الأسعار بين أكثر من 100 شركة في تراجع خطير في جودة المنتجات.
فعلى سبيل المثال، انخفض سعر بنك طاقة من إنتاج “روموس” من 140 يوانًا إلى 70 يوانًا (نحو 10 دولارات) خلال أربع سنوات، رغم أن تكلفة الخلية الجيدة وحدها تبلغ نحو 50 يوانًا.
ويأمل المسؤولون أن تقود هذه الأزمة إلى نقطة تحوّل تُعيد الانضباط إلى سلسلة توريد المنتجات الإلكترونية، خصوصًا في ظل التوسع العالمي السريع للعلامات التجارية الصينية.