أوروبا تحت وقع الحرب الأوكرانية : بين اجتماع براغ والحليف الأميركي الجشع

202203120421242124

في الوقت الذي تتطور فيه الحرب الروسية في أوكرانيا باتجاهات تراجعية من طرف الجيش الروسي ﻻ سيما على الحدود الشرقية والجنوبية من أوكرانيا، وفي خضم تداعيات تفجيرات خطي الأنابيب "نورد ستريم ١ و٢"، والخلافات الأوروربية الروسية على آليات التحقيق ومجرياته في ظل غياب أية استنتاجات يقينية عن الجهة التي يمكن اتهامها بأدلة قاطعة بالتسبّب في العمل التخريبي، إستيقظت وكاﻻت الأنباء صباح اليوم على خبر تفجير جسر كيرتش وهو الجسر الرابط لشبه جزيرة القرم بالبر الروسي، في تطور أمني عسكري يمكن وضعه في خانة التراجع الروسي الميداني، أن روسيا بطبيعة الحال والتي استولت على شبه الجزيرة منذ العام ٢٠١٤ ضمتها الى السيادة الروسية وباتت تحت حكم موسكو المباشر.مجريات الصراع العسكري في أوكرانيا تكاد تأخذنا يوماً بعد يوم الى نتائج وذيول قد ﻻ تُحمد عُقباها، خاصة وأن الرئيس فلاديمير بوتين الذي أعلن رسمياً في الرابع من الشهر الجاري ضم ٤ مقاطعات أوكرانية للسيادة الروسية، ﻻ يزال يعاني من مشكلة رسم حدود تلك المقاطعات التي في غالبيتها تشهد حركة تقدم القوات الأوكرانية وتراجع القوات الروسية، بحيث ﻻ تكاد اﻻ مقاطعة واحدة من أصل أربع ذات حدود واضحة بينما المقاطعات الثلاث الأخرى يعود اليها الجيش الأوكراني مسجّلاً يوماً بعد يوم تقدماً باتجاهها، بحيث بتنا نقف أمام مشهد ميداني فريد من نوعه ﻻ بل سابقة بأن يعلن عن ضم أراضٍ ليست بقبضة موسكو أو استُعيدت من قبضتها.قمة براغ الأوروبية السياسية التي أطلقت بالأمس أعمالها، والتي جاءت في أولى ترجماتها لمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإنشاء أكبر تجمّع دول أوروبية وغير أوروبية صديقة أوروبا، وذلك لتوحيد الجهود وتشكيل نواة دولية صلبة تتخطى عضوية اﻻتحاد الأوروبي نحو المزيد من التكتلات الفاعلة والمؤثرة على مسار الأمور الدولية، هذه القمة لمّت شمل ٤٤ دولة هامة لتناقش قضايا الأمن والطاقة والمُناخ والاقتصاد والحرب في أوكرانيا.في الوقت الذي تتطور فيه الحرب الروسية في أوكرانيا باتجاهات تراجعية من طرف الجيش الروسي ﻻ سيما على الحدود الشرقية والجنوبية من أوكرانيا، وفي خضم تداعيات تفجيرات خطي الأنابيب "نورد ستريم ١ و٢"، والخلافات الأوروربية الروسية على آليات التحقيق ومجرياته في ظل غياب أية استنتاجات يقينية عن الجهة التي يمكن اتهامها بأدلة قاطعة بالتسبّب في العمل التخريبي، إستيقظت وكاﻻت الأنباء صباح اليوم على خبر تفجير جسر كيرتش وهو الجسر الرابط لشبه جزيرة القرم بالبر الروسي، في تطور أمني عسكري يمكن وضعه في خانة التراجع الروسي الميداني، أن روسيا بطبيعة الحال والتي استولت على شبه الجزيرة منذ العام ٢٠١٤ ضمتها الى السيادة الروسية وباتت تحت حكم موسكو المباشر.مجريات الصراع العسكري في أوكرانيا تكاد تأخذنا يوماً بعد يوم الى نتائج وذيول قد ﻻ تُحمد عُقباها، خاصة وأن الرئيس فلاديمير بوتين الذي أعلن رسمياً في الرابع من الشهر الجاري ضم ٤ مقاطعات أوكرانية للسيادة الروسية، ﻻ يزال يعاني من مشكلة رسم حدود تلك المقاطعات التي في غالبيتها تشهد حركة تقدم القوات الأوكرانية وتراجع القوات الروسية، بحيث ﻻ تكاد اﻻ مقاطعة واحدة من أصل أربع ذات حدود واضحة بينما المقاطعات الثلاث الأخرى يعود اليها الجيش الأوكراني مسجّلاً يوماً بعد يوم تقدماً باتجاهها، بحيث بتنا نقف أمام مشهد ميداني فريد من نوعه ﻻ بل سابقة بأن يعلن عن ضم أراضٍ ليست بقبضة موسكو أو استُعيدت من قبضتها.قمة براغ الأوروبية السياسية التي أطلقت بالأمس أعمالها، والتي جاءت في أولى ترجماتها لمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإنشاء أكبر تجمّع دول أوروبية وغير أوروبية صديقة أوروبا، وذلك لتوحيد الجهود وتشكيل نواة دولية صلبة تتخطى عضوية اﻻتحاد الأوروبي نحو المزيد من التكتلات الفاعلة والمؤثرة على مسار الأمور الدولية، هذه القمة لمّت شمل ٤٤ دولة هامة لتناقش قضايا الأمن والطاقة والمُناخ والاقتصاد والحرب في أوكرانيا.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أطلق فكرة القمة في مايو الماضي قال إنها تشكل "رسالة عن وحدة أوروبا"، مضيفاً أن "المجموعة السياسية الأوروبية أكبر بكثير من الاتحاد الأوروبي، إذ دُعيت 17 دولة بالإضافة إلى البلدان الـ27 الأعضاء في التكتل".وأكد ماكرون على ضرورة الحاجة إلى بناء "استراتيجية مشتركة" للحفاظ على "التضامن الأوروبي"، معرباً عن رغبته في بناء "علاقة إستراتيجية قريبة بين البلدان المشاركة، سواء كانت في الاتحاد الأوروبي أم لا".ومن جانبه، رحب المستشار الألماني أولاف شولتس بما وصفه "الإبتكار العظيم"، معتبراً أن القمة "جيدة للسلام والأمن والتنمية الاقتصادية".بدوره، قال رئيس الوزراء البلجيكي الكسندر دي كرو من براغ "إن القارة الأوروبية بأكملها تجتمع هنا باستثناء دولتين: روسيا وبيلاروسيا، وهذا يوضح مدى انعزال هذين البلدين".وأشاد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باجتماع 44 زعيماً في براغ قائلاً إن "الاجتماع يأتي لبحث كيفية بناء هيكل أمني جديد في أوروبا، ومضيفاً : "يجب أن يتم ذلك من دون روسيا، ليس لأننا لا نريد أن تكون روسيا جزءاً من أوروبا، ولكن لأن روسيا وضعت نفسها خارج المجتمع الأوروبي".

وكان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال قد قال يوم الأحد الماضي خلال دعوة وجهها إلى زعماء الاتحاد الأوروبي: "في غضون أيام قليلة، نلتقي في براغ في حدثيَن مهميَن: الاجتماع الأول للمجموعة السياسية الأوروبية في السادس من أكتوبر، والاجتماع غير الرسمي للمجلس الأوروبي في اليوم التالي"، مضيفاً : "القادة سيبحثون من بين أمور أخرى سبل الاستجابة للتداعيات المأساوية للحرب الروسية في أوكرانيا".أبرز ما رَشحَ عن هذه القمة وجود تململ أوروبي من الوﻻيات المتحدة في موضوع الطاقة، إذ إن أوروبا تعاني من الأسعار العالية التي تفرضها واشنطن على مبيعاتها للنفط والغاز للاتحاد الأوروبي، فتفجير خط نورد ستريم الشمالي ١ و٢ لم يمحِ احتمال أن يكون الأميركييون وراء هذا العمل خاصة، وأن الروس ليسوا بهذا الغباء ليفجّروا خط أنابيبهم كما صرّح كبير المحللين في شبكة فوكس نيوز تاكر كارلسون.في الحقيقة، ثمة شعور يتنامى لدى الأوروبيين في الآونة الأخيرة وبخاصة في ملف أزمة الطاقة بأن الأميركيين يستغلونهم كما يستغلون الوضع العسكري في أوكرانيا والوضع اﻻقتصادي العالمي المتأزم على أفضل وجه، فواشنطن تبيع الأوروبيين الغاز بأربعة أضعاف سعره، ما حدا بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى التصريح عن رفض أوروبا أن تبيعها أميركا الغاز بأربعة أضعاف سعره، مصرّحاً بأن اﻻتحاد الأوروبي يستورد ثلاثة أرباع الغاز المصدّر عبر الأنابيب في العالم، ويشتري حوالي ٢٠% من الغاز الطبيعي المسال، فاذا توحدنا وقررنا الضغط على الأسعار فسيكون لأوروبا وزن وقدرة على التأثير مع أصدقائها الآسيويين الذين يعيشون ظروفاً مماثلة لأوروبا. وتابع ماكرون بأن الأوروبيين سيقولون لأصدقاء أوروبا الأميركيين والنروجيين بإن الدول الأوروبية غير قادرة على تحمل ٤ أضعاف سعر الغاز.مقولة المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا مركل، التي لطالما كانت تؤكد على وجوب عدم اعتماد أوروبا كثيراً على الوﻻيات المتحدة وعدم وجوب معاداة بوتين كثيراً، تجد بعضاً من الصدى اللافت داخل أروقة اﻻتحاد الأوروبي في موضوع الطاقة بشكل خاص.

الجدير ملاحظته أنه في العام ٢٠١٤، عندما ضم الرئيس بوتين شبه جزيرة القرم الى روسيا كان بالإمكان أن يشهد العالم حرباً كما هي اليوم في أوكرانيا، اﻻ أن أوروبا و مركل نفسها في حينه ضغطت باتجاه إيجاد تسوية سياسية للموضوع بمساعدة فرنسا ماكرون آنذاك، فحصل اللقاء الرباعي بين كل من مركل وماكرون وبوتين وزلنيسكي، وهذا الموقف أبرزَ حينها استقلالية القرار الأوروبي بالنسبة للأميركيين وقدرة أوروبا على حل مشكلاتها الجيو سياسية بنفسها من دون أي مساعدة أو تدخّل من أي كان.وقد أسفرت القمة الرباعية في حينه عن نتائج إيجابية لألمانيا بدليل إنشاء خط أنبوب نورد ستريم ١ الممتد من روسيا الى المانيا، لكتألمانيا أولاف شولتز هي غير ألمانيا مركل، وبرلين اليوم من بين العواصم الأوروبية التي ترسل أسلحة لكييف لمواجهة الغزو الروسي، ومن هنا صدرت مواقف في بعض الصحف الألمانية تدعو ألمانيا الى وقف المساعدات لأوكرانيا و العودة الى انتهاج سياسة مركل.وبالعودة الى أوكرانيا والحرب، فثمة استنزاف روسي واضح لصالح الأميركيين، وهناك استنزاف أوروبي واضح نتيجة الحرب الأوكرانية، وكل المستثمرين يتوجهون نحو الوﻻيات المتحدة بدل أوروبا، علماً أن اﻻقتصاد الأميركي بدوره ليس في أفضل حاﻻته، فالوﻻيات المتحدة تستفيد كثيراً من الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على اﻻقتصاد الأوروبي، ما شكّل هاجساً على طاولة قمة براغ الأوروبية السياسية .لأول مرة في واشنطن، يأتي الرئيس جو بايدن جدياً على موضوع استخدام السلاح النووي مع روسيا، مؤكداً أن تهديدات موسكو باللجوء الى السلاح النووي جدية، والرئيس بوتين بحسب بايدن ﻻ يمزح أبداً عندما يتحدث عن استخدام محتمل لأسلحة نووية في ظل تراجع الجيش الروسي ميدانياً.الرئيس الأوكراني فولوديمير زلنسكي فجّر من ناحيته قنبلة سياسية وديبلوماسية من العيار الثقيل عندما طالب الأميركيين باستباق أي استخدام روسي للنووي و توجيه ضربة نووية إستباقية ضد روسيا، الأمر الذي اذا تم فعلاً فأنه يعني نشوب حرب نووية.

وول ستريت جورنال كشفت عن طلب أوكراني لتزويدها بصواريخ بعيدة المدى لضرب القواعد الروسية التي تتواجد فيها المسيّرات الإيرانية المباعة للروس والموجودة في شبه جزيرة القرم، بحيث يفقد الروس ترسانة مسيّراتهم، ما يقصّر من عمر الحرب، فضلاً عن حاجة كييف الى قصف الجسور التي تستخدمها موسكو في الدعم والإمداد، الأمر الذي يبدو أنه بدأ يُترجم على أرض الواقع مع تفجير جسر كريتش الرابط بين شبه الجزيرة وروسيا.واشنطن رفضت طلب أوكرانيا لأنها ﻻ تريد قصف شبه جزيرة القرم، ﻻ بل تريد أن يتوقف الجيش الأوكراني عند حدود شبه الجزيرة من دون دخولها، بحسب الفايننشال تايمز، لمفاوضة الروس تحت الضغط.وبين الطلب الأوكراني باستخدام صواريخ بعيدة المدى و حاجة واشنطن الى عدم دخول الأوكرانيين شبه الجزيرة، تبرز خيارات عسكرية أخرى ليس أقلها ما حصل بتفجير الجسر، وربما تليها تفجيرات لجسور أخرى وفق تقنيات السيارات أو العبوات المفخخة.

الأمور في أروروبا وأوكرانيا تتطور باستمرار يوماً بعد يوم، وقمة براغ الواعدة ستغير في بعض قواعد اللعبة الدولية انطلاقاً من حرب أوكرانيا، وقد لاحت بوادر التغييرات بما أعلنه الرئيس ماكرون من تخصيص ١٠٠ مليون يورو لأوكرانيا لمساعدتها على تأمين مجهودها الحربي بالتعامل مباشرة مع المصنّعين، ما يعني بداية فك ارتباط على خط تزويد الحكومات الأوروبية أوكرانيا بالسلاح كما كان يحصل حتى الآن.بالمقابل الرئيس بوتين أمام ضغط داخلي شعبي ورسمي من أقرب المقربين اليه يطالبه بعمل شيء لحفظ ماء وجه الحملة وروسيا بعد الهزائم المتتالية وظاهرة هروب الروس من الخدمة العسكرية، فالمخابرات الأميركية رصدت أصواتاً معارضة من الحلقة الضيقة لبوتين تعلو حول سوء إدارة الحرب، خاصة بعدما كان الجيش الروسي على مشارف كييف العاصمة فإذا به يصبح في موضع دفاعي تراجعي منذ أوائل شهر أيلول الماضي.

اضطراب كبير في العالم يواكب الحرب وتداعياتها وفوضى ﻻ مثيل لها منذ انتهاء الحرب الباردة ...

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: