أعاد الهجوم المتكرر للرئيس الأميركي دونالد ترامب على الاتحاد الأوروبي دفع قادة أوروبا إلى التفكير جدياً في كيفية حماية أنفسهم، وإلى وضع تصوّر لمستقبل قد لا تكون فيه الولايات المتحدة الضامن الأساسي لأمن القارّة.
وذكر موقع "بوليتيكو"، الأربعاء، أنّ الاتحاد الأوروبي بدأ فعلياً باختبار نظام أمني تقوده أوروبا، استعداداً لاحتمال تقلّص الدور الأميركي. وباتت العديد من القرارات الحسّاسة المرتبطة بالحرب في أوكرانيا تُتَّخذ داخل "تحالف الراغبين" الذي تقوده بريطانيا وفرنسا.
وقال مسؤول دفاعي أوروبي رفيع إنّ المحادثات بين الأميركيين والأوروبيين بشأن الضمانات الأمنية لأوكرانيا "أصبحت محرجة"، مشيراً إلى أنّ النقاش حول المادة الخامسة من معاهدة "الناتو"، التي تُلزم الحلف بالدفاع عن أي دولة تتعرض لهجوم، بات "أكثر صعوبة". أضاف: "مستوى عدم اليقين بشأن كيفية تصرف واشنطن إذا تعرّضت إحدى دول الخط الأمامي لهجوم ارتفع بصورة كبيرة".
وأثار غياب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي قلقاً واسعاً لدى مسؤولي الاتحاد الأوروبي والحلف على حدٍّ سواء، وزاد التوتر بعدما وبّخ نائبه كريستوفر لانداو دول الاتحاد لتمسّكها بصناعاتها الدفاعية عوض شراء الأسلحة الأميركية.
كما عزّزت الاستراتيجية الأمنية الجديدة لإدارة ترامب، التي نُشرت الأسبوع الماضي، الاتجاه الأوروبي نحو إنشاء منصّات تعاون أمني مستقلّة عن واشنطن. فقد أكدت الوثيقة أنّ زمن الدعم الأميركي للنظام العالمي "قد انتهى"، وأن على الدول الغنية تحمّل مسؤولياتها. واعتبرت أنّ "الهجرة الجماعية تغيّر القارّة وتولّد صراعاً داخلياً، وإذا استمرت الاتجاهات الحالية فستصبح أوروبا خلال 20 عاماً غير قابلة للتعرّف، وقد تعجز بعض دولها عن البقاء اقتصاديّاً وعسكريّاً كحلفاء موثوقين".
ووصف الجنرال السابق رودريش كيسيويتر استراتيجية ترامب بأنها "صفعة في الوجه"، قائلاً: "من يكتب عن شركائه بهذه الطريقة لن يدافع عنهم عندما يحين الوقت. لقد انتهى عصر الضمان الأمني".