مع اجتياح الجيش الإسرائيلي لسلسلة من القرى السورية الشهر الماضي، أكّد الجنود للسكان المحليّين أنّ “الوجود سيكون موقتاً حيث يقتصر الهدف على الاستيلاء على الأسلحة وتأمين المنطقة بعد انهيار نظام الرئيس بشار الأسد”.
لكن آليات الحفر التي أعقبت ذلك تشير إلى وجود أكثر ديمومة، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”.
وتساءل رئيس بلدية جباتا الخشب محمد مريويد: “إنّهم يبنون قواعد عسكرية. كيف يكون ذلك موقتاً؟”، ومريويد شاهد القوات الإسرائيلية تبني موقعاً عسكرياً جديداً على أطراف قريته.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية التي فحصتها الصحيفة أكثر من نصف دزينة من المباني والمركبات في القاعدة الإسرائيلية المسورة، مع بناء مماثل تقريباً على بعد خمسة أميال إلى الجنوب. ويرتبط كلاهما بطرق ترابية جديدة بأراضٍ في مرتفعات الجولان التي استولت عليها إسرائيل في حربها مع العرب العام 1967. وتظهر منطقة من الأراضي التي تمّ تطهيرها، والتي يقول الخبراء إنّها على ما يبدو بدايات قاعدة ثالثة، على بعد بضعة أميال أخرى جنوباً.
بعد ساعات من انهيار قبضة الأسد على بلاده في كانون الأول، اخترقت الدبابات والقوات الإسرائيلية “خط ألفا” الذي رسم حدود وقف إطلاق النار على مدى نصف القرن الماضي وانتقلت إلى منطقة عازلة داخل الأراضي السورية تخضع لمراقبة الأمم المتحدة، وفي بعض الحالات إلى ما وراءها.
وتدخل القوات الإسرائيلية الآن وتخرج في المنطقة العازلة التي تبلغ مساحتها 90 ميلاً مربعاً، والتي من المفترض أن تكون منزوعة السلاح وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا للعام 1974. وقالت إسرائيل إنّها تعتبر هذا الاتفاق ملغى بعد انهيار نظام الأسد. وتبلغ مساحة المنطقة العازلة حوالي ستة أميال، لكن في بعض النقاط تقدمت القوات الإسرائيلية عدة أميال إلى ما بعدها، بحسب مسؤولين محليين.
وأشار محلل الصور في موقع “كونتراستد غراوند” وليام جودهيند إلى أنّ “الموقعين الجديدين اللذين يقعان داخل ما كان حتى وقت قريب أرضاً خاضعة للسيطرة السورية، يبدو أنّهما قاعدتا مراقبة أمامية تشبهان في بنيتهما وأسلوبهما تلك الموجودة في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من مرتفعات الجولان. القاعدة الموجودة في جباتا الخشب مطورة بشكل كامل، في حين يبدو أنّ القاعدة الموجودة في الجنوب قيد الإنشاء”.
وأوضح أنّ “القاعدة الأولى ستوفر رؤية أفضل للقوات، في حين أنّ الأخيرة تتمتع بوصول أفضل إلى شبكة الطرق في المنطقة، كما هو الحال بالنسبة لقاعدة ثالثة إذا تمّ بناؤها على مساحة الأرض المطهرة في أقصى الجنوب”.
وتظهر صور الأقمار الصناعية أيضاً طريقاً جديداً يقع على بعد حوالي 10 أميال جنوب مدينة القنيطرة، ويمتد من خط الحدود إلى أعلى تلة بالقرب من قرية كودنة مما يوفر للقوات الإسرائيلية نقطة مراقبة جديدة.
ومن أجل بناء البؤرة الاستيطانية بالقرب من جباتا الخشب قال مريويد إنّ “الجرافات الإسرائيلية قامت بقطع أشجار الفاكهة في القرية وأشجار أخرى في جزء من محمية طبيعية محمية”. ولفت رئيس البلدية إلى أنّه “قلنا لهم إنّنا نعتبر ذلك احتلالاً”.
ومنذ دخول الجنود الإسرائيليين إلى سوريا، أقام الجنود الإسرائيليون أيضاً نقاط تفتيش، وأغلقوا الطرق، وداهموا المنازل، وشرّدوا السكان وأطلقوا النار على المحتجين الذين تظاهروا ضد وجودهم، كما يقول السكان المحليون. وفي الليل، شوهدت الدوريات في الطرقات الخلفية مطفأة الأنوار قبل أن تعود إلى قاعدتها.
“لا أحد يعرف ماذا كانوا يفعلون. لا أحد يجرؤ على السؤال”، قالت بدور حسن، 55 عاماً، بينما كانت تقطف أوراق الشجر لتناول الشاي على بعد عشرات الأمتار من أحد الحواجز الإسرائيلية.
وفي ردّه على أسئلة حول طبيعة ومدة أنشطته في سوريا، قال الجيش الإسرائيلي: “تعمل قوات الجيش الإسرائيلي في جنوب سوريا، داخل المنطقة العازلة وفي نقاط استراتيجية، لحماية سكان شمال إسرائيل”.
وأكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في وقتٍ سابق، أنّ “وجود القوات غير محدد المدة”، مشيراً إلى “مخاوف أمنية”.