الأسد يستعين بالحزب و فرنجية لإنقاذه.. فماذا ينتظر لبنان ؟

6c42d1f763f8b54cde1505321432867d

إنقضت عشرة أيام بنهاراتها ولياليها على انتفاضة السويداء والساحل السوري والغليان الشعبي في دمشق وريفها، في ظل تدهور دراماتيكي للأوضاع المعيشية والاقتصادية، زاد من حدّتها امتناع كل من روسيا وإيران، أصدقاء بشار الأسد، عن مساعدته مالياً ولو بالحد الأدنى من المساعدة أو الدعم .
ومع تزايد التظاهرات وأشرسها وأخطرها الى الآن في محافظة السويداء وأدلب شمالاً، بدأ القلق والشعور بالعجز يجتاحان النظام وبطانيته بالتزامن مع الخوف بدءاً من رأس النظام من أن تنقلب الأمور عليه داخلياً وعلى أسرته، وتتفلّت الأوضاع الأمنية والشعبية الغاضبة، بحيث لا يعود بالإمكان الرجوع بها الى الوراء.
في هذا السياق، تجدر الإشارة الى المعطيات التالية :
١ - لم يعد النظام يسيطر على الجنوب السوري وتحديداً في محافظة السويداء التي خرجت نهائياً عن أي وجود لقوى النظام فيها، وقد أقفل المتظاهرون كافة مراكز الدولة، ووصل بهم الأمر الى اختطاف عناصر من النظام للتبادل مع بعض الموقوفين من بين المشاركين في الاحتجاجات، فيما رُفعت شعارات تطالب بإسقاط الأسد ونظامه.
٢- لم يعد النظام يثق بجيشه وعلاقته بمَن يُفترض بهم أن يكونوا حلفاء له وسنداً وعضداً، أي روسيا وإيران، إذ وفي خطوة مفاجئة، أصدرت وزارة الدفاع السورية العديد من التعاميم المتعلقة بمنع تسريب المعلومات أو الوثائق العسكرية، ومنها منع العسكريين من التحدّث بأمور عسكرية إلا عبر قنوات رسمية، سبقه فرض تسجيل معلومات الاتصال وحسابات التواصل الاجتماعي للعسكريين الضباط والمتطوعين والمجنّدين بشكل دوري تحت طائلة المسؤولية، في حين جاء في تعميم صادر بتاريخ 9 مارس/ آذار الماضي، أنه من خلال المتابعة تبيّن قيام بعض العسكريين بالتحدّث بأمور عسكرية تتعلق بوحداتهم العسكرية لجهة: العدد، التسليح، المهمة المكلفين بها وغير ذلك، مع بعض الأشخاص ممَن يديرون صفحات معارضة وغيرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكّرت شبكة "عنب بلدي" بتقرير نشره موقع Newlines Institute في آذار/مارس 2021 أن الرئيس السوري بشار الأسد اتّبع استراتيجيةً تهدف إلى ترك مسافة معينة بينه وبين إيران وروسيا، اللتين أصبحتا تتحكّمان بقطاعات واسعة في سوريا. وأوضح التقرير أن الأسد أجرى تغييرات هادئة ومحورية في قيادات الأجهزة الأمنية لإعادة فرض سيطرته عليها، وهي من الفروع الأمنية التي تتدخل فيها روسيا وإيران بعمق، ما اعتُبر أن الأسد يعزّز بذلك دائرته الداخلية الموثوقة، في الوقت الذي أشار فيه التقرير الى أن الهدف من هذه التغييرات هو ضمان عدم حدوث انقلاب ضد الأسد، وحماية نفسه من خلال ضمان ولاء رؤساء المكاتب الأمنية الرئيسة، وفروع المخابرات، وكبار ضباط القصر الرئاسي، أو ضمان عدم انتشار الفساد في هذه الأجهزة والفروع التي تجعل الأسد عرضةً لمزيد من التسلل الإيراني والروسي من خلال رشوة الضباط وكبار المسؤولين.
٣- إقفال دول الخليج والدول العربية باب الانفتاح عليه وعلى نظامه، وبالتالي انسداد باب التمويل، فضلاً عن حال التأهب القصوى التي وضع فيها الجيش الأردني على الحدود الشمالية مع سوريا، حيث يحصد الأردنيون أسبوعياً وأحياناً بوتيرة يومية مسيّرات النظام السوري الموجّهة ضد الداخل الأردني، والتي يتم تحميلها بالمتفجّرات أو المخدّرات أو الإثنين معاً.
٤ - الحصار الأميركي مع حلفاء واشنطن المفروض انطلاقاً من شمال شرقي الفرات نزولاً الى الحدود الشرقية مع العراق حيث تمت السيطرة على معبر ابو الكمال وتوابعه الذي كان الممر الوحيد المتبقّي لتلقي الدعم الإيراني بالسلاح والعتاد، فضلاً عن تركيز إسرائيل عبر غاراتها المتكرّرة والمكثّفة في الآونة الأخيرة على ضرب مراكز السلاح وتواجد الميليشيات الإيرانية في داخل مناطق النظام المحاصَر جغرافياً وعسكرياً، فيما الممر الوحيد المتبقي له هو لبنان.
في الواقع، لقد كنا السبّاقين منذ أسابيع عدة في الكشف عن المخطط الموضوع لمحاصرة الأسد ونظامه في مناطقه، وتركه يهترىء من الداخل حتى يسقط بعد سلخ الشمال الشرقي والجنوب والشرق من دولته، وها نحن اليوم بدأنا نشهد فصول هذا الحصار ترجمة إقرار أميركي بإنهاء الوجود الإيراني في سوريا، ومعه ضرب الدعم الروسي لبشار الأسد رغم أن لا موسكو ولا طهران متحمستان لإنقاذه مالياً واقتصادياً لكونهما غير قادرتين على ذلك أساساً.
إزاء كل هذه التطورات المتسارعة يوماً بعد يوم في سوريا، أفادت مصادر سورية معارضة للنظام في الساعات الماضية أن رئيس جهاز مخابرات النظام حسام لوقا التقى سراً أمين عام حزب الله حسن نصرالله في بيروت طالباً منه المساعدة في حال توسّعت المظاهرات وتجاوزت رقعة السويداء.
لوقا شرح لقيادة حزب الله موقف المملكة العربية السعودية من تمدّد الحزب داخل سوريا، إضافةً الى الانزعاج العربي من شراء الحزب والميليشيات الطائفية لأراضٍ وعقارات في مناطق سورية مختلفة،
كما أبلغ لوقا نصرالله أن السعوديين أعادوا التذكير بمطالبهم التي لن يتراجعوا عنها وهي البدء بإطلاق سراح الآف المعتقلين ووقف تصدير المخدرات، وهو الباب لإعادة فتح القسم القنصلي السعودي في دمشق.
وفي المعلومات المتقاطعة من أكثر من مصدر، تم التطرّق خلال اللقاء بين لوقا ونصرالله أيضاً الى الحراك الجاري في الجنوب السوري، بحيث إعتبر نصرالله أن ثمة تحريضاً إسرائيلياً و أردنياً للتحرك في تلك المنطقة، وكذلك أن أي تحرّك في درعا مرتبط بالتحريض الأردني والأميركي. نصرالله أبلغ لوقا أن الحزب يتابع الملف عن كثب ويُحضّر لأي تدخّل محتمل على أي مستوى عسكري وأمني، وهذا المسار سيؤدي الى تكريس قناعة جديدة تتعلق باعتماد النظام على الإيرانيين وحزب الله، ما ينعكس سلباً على مسار التطبيع العربي مع النظام.
منذ فترة أيضاً، حذرّنا في كتاباتنا من مغبة انعكاس الإقفال الكلي لمعبر البوكمال في الشرق على الوضع اللبناني الداخلي في غرب سوريا إن قرّر حزب الله مجدداً التدخّل في سوريا واستباحة الحدود اللبنانية- السورية بحجة الدفاع عن مقدّسات أو مقاومة إسرائيل وأميركا، وأُضيف اليهما في أدبيات الخطاب الالهي الأردن ومخططاته وفق الإسطوانة المعروفة.
واقع الارض يؤيد كلام المصادر المتقاطعة، فاللقاء بين لوقا ونصرالله حصل والحديث تناول شقّين : الأول الموقف السعودي كما تم استعراضه أعلاه، والثاني التدخّل في حال اتساع انتفاضة السويداء أو استمرارها.
الحزب ينظر بارتياب الى ما يحصل في سوريا انطلاقاً من السويداء، ويعتبر أن المستهدَف هذه المرة ليس نظام بشار الأسد بل الوجود الشيعي في سوريا، والذي ترسّخ إبان الحرب ونتيجة التدخّل الإيراني المباشر على خط دعم بشار الأسد ومساعدته على إخماد الثورة التي اندلعت في العام ٢٠١١ بالحديد والنار.
من هنا، يمكن فهم ما أشاعه الحزب منذ أيام من إلقاء القبض في الضاحية الجنوبية على عناصر "داعشية" مزعومة، إذ إن عودة العزف على وتر داعش واعتبار البقاع الحدودي مع سوريا وجرود عرسال وغيرها ملاذاً لتسلل وتواجد الدواعش يمهّد الطريق أمام عودة التدخّل العسكري والأمني من بوابة الحدود اللبنانية- السورية،
وأجواء الحزب اذاً في هذا التوجّه.
النظام السوري أثبت منذ ١٠ أيام عجزه عن التدخّل العسكري في السويداء، وهذه حقيقة واضحة وجليّة، وبالتالي تتوجّه الأنظار الى الميليشيات وعلى رأسها حزب الله.
لا يمكن لإيران أن تقبل ما يحصل في السويداء، فكيف بالحري أن تقبل بتمدّد الثورة المتجدّدة خارج حدود السويداء، من هنا فإن خوف حسام لوقا هو أن تتمدّد الثورة خارج السويداء.
أمر يجب التوقّف عنده للتوضيح : اذا كانت واشنطن على وفاق مع إيران في العراق، فهذا لا يعني أنها تقبل بالوجود الإيراني في سوريا او بالأحرى لا تقبل بإعطاء سوريا لإيران لا لشيء إلا حمايةً للأمن القومي الإسرائيلي والأمن القومي الأردني بدرجة ثانية.
لبنان فيدائرة الخطر مجدّداً … فمقابل شعار وحدة الساحات، هناك شعار أميركي بفصل الساحات، فما يُقبل في العراق لا يُقبل في سوريا، والاتفاق الأميركي- الإيراني في العراق لا يشمل الساحة السورية…
يبقى السؤال عما يمكن أن تكون عليه انعكاسات تدخّل حزب الله في سوريا مجدّدا على الأمن القومي للبنان الذي يُضرب يميناً ويساراً، ويُستنزف كل يوم مستباحاً بسيادته واستقلاله واستقراره وأمنه ؟
وماذا يمكن أن يكون الموقف الدرزي- اللبناني الداخلي إن تدخّل حزب الله في سوريا دعماً للنظام ضد السويداء أم إن في السويداء حسابات أكبر من تدخّل حزب الله وهي روسية وإسرائيلية تحديداً ؟
أسئلة كبيرة وخطيرة تُطرح بانتظار الأيام والأسابيع المقبلة على وقع اتساع الحراك الشعبي السوري في السويداء وفي سائر المناطق السورية المنتفِضة على الأسد ونظامه.
حسين أمير عبد اللهيان وزير الخارجية الإيرانية في دمشق … والمحور الإيراني يدرس الاحتمالات وكيفية مواجهتها …
وطهران ستقاتل … عبر حزب الله …

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: