أعلنت الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، عن أنها طالبت السلطات الموقتة في سوريا بحماية الأدلة التي ستساعد الشعب في تحقيق العدالة والمساءلة بعد مشاهد انتظار الآلاف من ذوي المفقودين أمام سجن صيدنايا ومراكز اعتقال أو احتجاز أخرى عقب سقوط نظام بشار الأسد الذي كان معروفاً بانتهاكاته لحقوق الإنسان والتعذيب والقتل والإخفاء القسري والاغتصاب.
وعبّر عضو لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق بشأن سوريا، هاني مجلي، عن تفهمه من أن العائلات تريد الحصول على إجابات بشأن مصير المختفين “انتظر الناس أكثر من 12 عاماً كي يعرفوا مصير ذويهم، فلذلك يذهبون لتلك الأماكن. لكن بهذه الطريقة سيكون من الصعب الوصول للمعلومات التي يريدون الوصول إليها”.
وقال: “ما رأيناه في الأيام الماضية هو أشخاص حاولوا الدخول إلى السجون ليأخذوا الملفات، ويذهب هؤلاء إلى هناك لمعرفة أي معلومات عن أفراد عائلتهم المختفين أو المفقودين. وهناك أشخاص يحرقون أوراقاً، وآخرون يأخذون أوراقا كي يستعملونها لاحقا”.
أضاف: “رأينا في أماكن أخرى أن هناك أشخاصاً يستغلون هذا الأمر، حيث يأخذون الملفات ثم يبيعونها بعد ذلك للعائلات التي تبحث عن المفقودين. لذلك، أهم شيء هو حماية الأدلة، فهي مهمة للمحاكمة والمساءلة، وإذا عبث أشخاص بالأدلة، فستقول المحاكم إنها غير قادرة على استخدامها.
كما شدد مجلي على ضرورة الحفاظ على المقابر الجماعية، “يجب أن تظل الأدلة كما هي لنعرف منها هوية المدفونين في تلك المقابر”.
وقال: “لذلك، طلبنا من السلطات الموقتة حماية أماكن الأدلة، وأن تكون هناك في المستقبل محاسبة لأكبر المسؤولين على الجرائم التي شهدنها في الفترة الماضية، وأن تكون هناك طريقة للوصول إلى معلومات عن المفقودين أو المختفين”.
واعتبر أن “هناك فرصة الآن لأن يلعب الشعب السوري نفسه دوراً في تلك الإجراءات، وألا يكون هناك أي شك في أن أطرافاً خارجية تتلاعب بتلك المعلومات أو تدير تلك الإجراءات”، بحسب ما نقل عنه موقع “الأمم المتحدة”.
أضاف أن الخطوات القادمة ليست فقط محاكم ومحاسبة جنائية، “الخطوات أيضاً تشمل تحديد مصير المفقودين، وأن تعرف الناس الحقيقة، وأن يكون هناك تعويضات وإصلاح للضرر الذي لحق بالشعب، وإصلاح القوانين والمؤسسات”.
يذكر أن لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية كانت قد أنشئت في آب 2011 للتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة لقانون حقوق الإنسان المرتكبة منذ اندلاع الصراع في البلاد في وقت سابق من ذاك العام.
وأكد مجلي استعداد اللجنة للمساعدة في المرحلة القادمة، لافتا إلى أن المعلومات المتوافرة لديهم لا يتم إرسالها للحكومات، بل للمحاكم، معربا عن أمله في أن يكون هناك اهتمام بإصلاح القضاء السوري وأن يكون مستقلاً بالفعل ويستطيع إجراء محاكمات عادلة، “وحينئذ يمكن أن نساعدهم بما لدينا من معلومات”.
ودعا مجلي الدول إلى الكف عن أي نوع من التدخل وخصوصاً المسلح، كي يُمنَح الشعب السوري الفرصة للمضي قدماً والتركيز على المهام الصعبة التي هم بصدد التعامل معها.
وحث كذلك على تعليق نظام العقوبات “ولو بشكل موقت”، مشدداً على أن الوقت الراهن هو فرصة لتقديم مساعدة أكبر للسوريين، مما كان عليه الحال سابقاً.
ومنذ بداية الحرب الأهلية عام 2011، اتُهم نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد بارتكاب الانتهاكات والتجاوزات في مجال حقوق الإنسان، شملت عمليات تعذيب واغتصاب وإعدامات بإجراءات سريعة.
وفرضت الولايات المتحدة ودول غربية عدداً من العقوبات استهدفت الأسد شخصيا وأفراداً في أسرته وعدداً من كبار رموز النظام، وكذلك الشركات التابعة له.