البانوراما الجيو سياسية للمشهد السوري المرتقَب

bachar el asad

بات من المؤكد أن ثمة تفاهماً تركياً روسياً إيرانياً على “تعويم” نظام بشار الأسد في الشمال السوري والتحضير لتسليمه منطقة الشمال السوري، فيما تركيا لا تزال تشترط بأن يكون لها دور في إعادة الإعمار في مدينة حلب لضمان عودة النازحين السوريين الموجودين على الأراضي التركية،
وبالتالي هناك اتفاق على إعادة تسليم نظام الأسد الشمال السوري ونشر وحدات من جيش الأسد على الحدود الشمالية، فيما يطالب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الروس والإيرانيين بعدم الاعتراض على عملية عسكرية ينوي الأتراك تنفيذها في كوباني وتل رفعت ومنبج، وهي مناطق خاضعة للسيطرة الروسية والإيرانية وليس السيطرة الأميركية.

ترتيبات لإعادة تعويم الدولة السورية

عربياً، ثمة ترتيبات يتم الإعداد لها والعمل عليها لإعادة تعويم الدولة السورية لتمكينها من السيطرة على الشمال السوري وجمع السلاح، فيما
دخل الاتحاد الأوروبي على خط الملف السوري كما سبق وذكرنا في مقالات عدة مؤخراً، وها هو يفرض عقوبات جديدة على قيادات وكيانات ورجال أعمال تابعين للنظام السوري، فيما واشنطن تتحضّر لإصدار حزمة من العقوبات الجديدة أيضاً ضد النظام السوري وشخصيات تابعة له لبنانية سورية وإيرانية.
وفي هذا السياق يجدر التذكير بتفعيل “قانون قيصر”، فيما من المتوقّع بعد إنجاز الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني بأن يُسنّ قانون أميركي جديد يدين نظام الأسد بقتل مئات الآف المدنيين ودفنهم في مقابر جماعية.

اتفاقٌ ثلاثي ووضعّ خاص لتركيا في شمال سوريا

أما بالنسبة لإدلب، فثمة قرار بإعادتها الى كنف النظام السوري أيضاً، وهناك اتفاق تركي- روسي- إيراني على إعادة الشمال للنظام السوري، لكن شرط أن يُعطى لتركيا وميليشياتها وضعٌ خاصٌ في شمال سوريا، الأمر الذي يُبحث مع الروس والإيرانيين والنظام السوري لكونهم المسيطرين على غرب الفرات، فيما شرقي الفرات خاضع للسيطرة الأميركية وحلفائها.

ميليشيات المعارضة السورية المدعومة من تركيا والتي تستشعر بقرب انتهاء دورها تعيث فساداً في مناطقها قبل رحيلها عن هذه المناطق ولاسيما في عفرين، حيث الفضائح هناك أكثر والاعتداءات على الأملاك الخاصة والعامة وعلى حرمات الناس جارية على قدم وساق.

المعارضة السورية والبدائل الفاشلة

فشل المعارضة السورية منذ العام ٢٠١١ في تقديم بدائل ناجحة وناضجة لنظام الأسد جعلته الخيار الأوحد الذي لا بد منه إقليمياً لضمان عدم انهيار الدولة السورية، فالمعارضة السورية هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن بقاء نظام الأسد وانهيار جيش سوريا الحرّ لأن الدول بحاجة للحديث والتعامل مع دولة ولو كانت شبه دولة بدل التعامل مع ميليشيات إدّعت المعارضة، لكنها سرعان مع تطرّفت دينياً وأفرزت جماعات مسلّحة متقاتلة ومتناحرة، فيما المطلوب شيء من دولة ومؤسسات وقضاء وجيش، وهي عناصر يمكن لنظام الأسد تقديمها ولو على دماء السوريين.

واشنطن ونسج تحالفات جديدة في المنطقة

اما شرقي الفرات، فهناك خياران لا ثالث لهما: إما العودة الى كنف النظام السعودي وإما التحالف مع الأميركيين، علماً أن الأميركيين غير مهتمّين بتحالفات جديدة تُضاف الى تلك القوية التي نسجوها مع الأكراد والعشائر العربية شرقي الفرات، وبالتالي فقد سلّمت واشنطن أمر مكوّنات المعارضة السورية المسلّحة للأتراك والإيرانيين والروس والنظام لتدبير مصيرها.

تركيا ستشارك في إعادة أعمار مدينة حلب

الشركات التركية ستشارك في إعادة إعمار مدينة حلب، وقطر ستموّل عودة اللاجئين، فيما التغيير الديمغرافي تحقّق في عفرين، وستُمنع القوات الكردية من الاقتراب من الحدود مع تركيا، ما يعني بقاء المنطقة ملتهبة عسكرياً، وبالتالي لم يبقَ إلا شرق الفرات الأميركي، فإن انسحب منه الأخير، وهو لن ينسحب، تعود كل سوريا تحت النظام السوري ورعاته الكبار .

سوريا تحت محاصصة مُحكَمة والنظام السوري مسلوب الإرادة

بعد غزة، سيأتي دور سوريا لتثبيت نظام سياسي جديد وتغيير المعادلات، لكن من الآن وحتى ذلك الحين فستبقى سوريا تحت محاصصة تركية- روسية-إيرانية مُحكَمة والنظام الأسدي المنفّذ الميداني المسلوب الرأي والإرادة .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: