الخليج العربي على فوهة بركان …فهل ستُشعل إيران عود الكبريت ومتى؟!

WhatsApp-Image-2023-08-09-at-8.32.10-AM

عادت واشنطن عسكرياً الى المنطقة ومياه الخليج العربي بعدما كانت خططها كلها تتمحور حول فكرة الانسحاب من المنطقة للتفرغ لآسيا والصراع مع الصين وحلفائها شرقاً.
عادت واشنطن من خلال الأسطول السادس ومعه ٣٠٠٠ جندي أميركي الى المنطقة، ولا سيما الى الخليج والبحر الأحمر عبر قناة السويس.
الرئيس الديمقراطي جو بايدن كان قد قرّر من البيت الأبيض، إنفاذاً لواحدة من وعوده الانتخابية، الانسحاب من المنطقة بدءاً من أفغانستان، وصولاً الى الخليج العربي فالشرق الأوسط بكامله، وعلى ما يبدو فإن نفس الرئيس الأميركي تراوده بأن يصبح من أكثر الرؤساء الأميركيين إرسالاً لقوات مسلحة أميركية الى الخليج.
موقع France 24 كشف عن عبور ٣٠٠٠ جندي أميركي من قناة السويس ومعهم سفينتان حربيتان وحاملة طائرات يو اس اس باتان ومدمّرة يو اس اس كارل هوك لينضما الى الأسطول الخامس المولَج حفظ أمن الخليج.
يو اس اس باتان سفينة برمائية حاملة طائرات وجنود حتى ١٦٠٠ جندي كقدرة إستيعابية، وهي سفينة ضخمة تعود تسميتها ( باتان ) نسبة لمعركة شهيرة خاضتها القوات الأميركية ضد القوات اليابانية في الحرب العالمية الثانية في منطقة في الفيليبين تعرف باسم باتان، أما
سفينة يو اس اس كارل هول فهي سفينة إنزال.
السفينتان عبرتا اذا قناة السويس باتجاه مياه الخليج العربي للانضمام الى الأسطول الخامس.
هذا التحرّك العسكري الأميركي باتجاه الخليج يشير الى تصاعد القلق الأميركي من فقدان السيطرة على مضيق حيوي واستراتيجي مهم ألا وهو مضيق هرمز .
ومع تصاعد عمليات احتجاز إيران لناقلات النفط والتي تعني في ما تعنيه إغلاق إيران للخليج العربي ومضاعفة المخاطر من المرور عبر مضيق هرمز المسؤول عن عبور نحو ٢٠% من النفط العالمي، مع الإشارة الى أن ٨٠% من النفط المصدّر عبر مضيق هرمز يذهب الى الصين وآسيا، وبالتالي لا يمكن إبقاء المنطقة تحت رحمة إيران وقرصنتها للسفن والناقلات.
منذ العام ٢٠١٩، وإثر انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي في العام ٢٠١٥ وإيران تتلاعب بأمن الخليج والعالم النفطي في مياه الخليج عبر زيادة عمليات احتجاز ناقلات النفط وسفن الشحن النفطي، ما ساهم مساهمة مباشرة وكبيرة في زيادة كلفة التأمين على السفن والناقلات بالتالي زيادة أسعار برميل النفط، الأمر الذي يضرّ كثيراً بالولايات المتحدة الأميركية اقتصادياُ ويزعزع صورتها أمام حلفائها، وقد سبق لدولة الإمارات المتحدة أن اتهمت واشنطن بالضعف في مواجهة قرصنة إيران لناقلة نفط سابقاً.
اذاً إيران القابضة على مصير مضيق هرمز باتت تشكل خطراً كبيراً على مصالح واشنطن وحلفائها الخليجيين خصوصاً منذ محاولة مراكب تابعة للحرس الثوري الإيراني قبالة مياه عُمان في شهر تموز الماضي اعتراض حاويتي نفط، وقد باءت محاولة الحرس الثوري بالفشل، ما دفع بالحرس الثوري الى إطلاق الرصاص الحي على الحاويتين في تطور نوعي خطير ارتكبته إيران وضاعفَ من تهديد أمن الملاحة النفطية في المنطقة.
منذ هذه الحادثة، اتُخذ القرار الأميركي بالعودة الى تولّي أمن الخليج البحري وأمن مضيق هرمز من خلال تعزيز التواجد العسكري في المنطقة للتصدّي للمحاولات الإيرانية المعادية.
طهران من جهتها غير مستعدة للتخلي عن سيطرتها على حركة الملاحة في هرمز، وقد قام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير بعد اللهيان بالاتصال بوزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان طالباً منه إبلاغ الجانب الأميركي بأن طهران ترفض الاستفزاز الأميركي في الخليج، ودول المنطقة قادرة على حماية أمنه.
واللافت في هذا الاتصال أن الوزير الإيراني لم يخابر نظيره السعودي بل توجه لنظيره الإماراتي، وما هي إلا بضعة أيام بعد هذا الاتصال حتى قام الحرس الثوري الإيراني بإجراء مناورات عسكرية ضخمة على جزيرتين إماراتيتين متنازع عليهما هما طنب الكبرى وأبو موسى، والمعروف أن إيران تحتل الجزيرتين الإماراتيتين المذكورتين فضلاً عن جزيرة طنب الصغرى.
تلك المناورات الإيرانية في الجزيرتين المحتلتين من قبل طهران شكّلت استفزازاً واضحاً للإمارات.
إيران اذاً غير مستعدة للتراجع، وبحسب وكالة رويترز، فقد قامت طهران إثر وصول القوات الأميركية الى الخليج بتزويد قطعها البحرية بصواريخ بعيدة المدى يُقدر مداها بين ٣٠٠ و١٠٠٠ كلم أي قدرة على ضرب إسرائيل،
كما قامت طهران بتزويد سفن الحرس الثوري بصواريخ كروز وأخرى بالستية ومسيّرات.
جويّاً، لا يزال سلاح الجو الإيراني ضعيفاً اذا استثنينا المسيّرات المتطورة التي تملكها طهران، لكن هذه الأخيرة لا تمتلك الى الآن مقاتلات حربية، وحتى أن صفقة المقاتلات الروسية التي كان من المتوقع إتمامها بين موسكو وطهران منذ شهر آذار الماضي لم تتم حتى الساعة ولم تتسلمها طهران، وكانت الصفقة تتضمن مقاتلات مصرية من نوع اف ٣٥ التي اشترتها مصر من روسيا قبل تراجع القاهرة بعد ذلك عن شرائها.
صحيفة الغارديان البريطانية ووكالة رويترز كشفتا النقاب عن توجه أميركي بتولّي وحدات من المارينز قيادة الحاويات والسفن والناقلات النفطية في الخليج، على أن تقوم واشنطن بتدريب عناصر من المارينز لقيادة مثل هذه السفن من دون ذكر عدد الجنود الخاضعين للتدريبات
التي تشمل بشكل خاص كيفية التصدي لهجمات الزوارق الإيرانية السريعة على السفن.
من جهة أخرى، إتفقت الرياض مع أنقره على إنشاء مصنع مشترك في المملكة العربية السعودية لتصنيع مسيّرات بيرقدار الشهيرة، ما يعني انخراط السعودية في حرب المسيّرات وفي المواجهة مع إيران،
وقد حذت الإمارات حذو الرياض بالاتفاق مع الأتراك على إنشاء مصنع مسيّرات بيرقدار في الإمارات أيضاً.
مياه الخليج والملاحة الدولية في عصر الحرس الثوري الإيراني على كفّ عفريت وعلى فوهة بركان، والاميركيون ليسوا الوحيدين المتضرّرين ومعهم دول الخليج التي يهمها ضمان أمن الملاحة النفطية في الخليج لتصدير النفط ومشتقاته الى الأسواق العالمية والآسيوية على السواء.
البريطانيون هم متضرّرين أيضاً، ففي جلسة عاصفة للبرلمان البريطاني مؤخراً سُجّل انقسام في الآراء داخل الحكومة البريطانية حول معلومات حذّرت منها إحدى أجهزة الاستخبارات البريطانية الفاعلة الحكومة البريطانية، ومفادها أنه في شهر شباط الماضي حصلت ١٠ عمليات قتل وخطف لمواطنين بريطانيين داخل بريطانيا على يد الحرس الثوري الإيراني، ما دفع بالمسؤولين البريطانيين الى التوجه نحو إدراج الحرس على لائحة المنظمات الإرهابية، الأمر الذي سيخلّف تداعيات خطيرة ليس أقلها اعتبار هذا الأمر بمثابة إعلان للحرب على إيران، ما يهدّد حاويات النفط البريطانية في الخليج وبالتالي مصالح لندن.
إيران مستنفرَة ومستشرِسة إذ ليس لديها الكثير لتخسره، هي المحاصرَة بالعقوبات الغربية وبفشل التطبيع السعودي معها وبفشل التفاوض النووي مع الأميركيين و منصة آستانا في الموضوع السوري، والاستعدادات الأميركية مع حلفاء واشنطن في شمال
وشرقي سوريا لطردها مع ميليشياتها من سوريا، وصولاً الى اصطدامها بالكويت والسعودية في موضوع حقل الدرّة، وبالتالي فإن الخشية والتوقّعات من أن تُضطر طهران للعودة الى السلبية والى التشنّج الأمني والعسكري والسياسي، مطلقةً العنان لميليشياتها وتابعيها في المنطقة، وخصوصاً في لبنان واليمن للإضرار بالسعوديين والخليجيين وتحديداً والكويتيين والإماراتيين، ومن هنا تحذيرات وتنبيهات سفارات خليجية شقيقة في بيروت كالمملكة العربية السعودية والكويت والبحرين ودولة الإمارات لرعاياها بتوخي الحذر ومغادرة الأراضي اللبنانية، والتي لا يجب حصر أسبابها بتوترات مخيم عين الحلوة وخطر تمدّدها الى خارج المخيم، بل بما هو أبعد من ذلك، ويتعلق بالأمن الإقليمي المهدّد من شمال سوريا الى مياه الخليج العربي…
فالمنطقة على برميل متفجرات ربما في شرقي سوريا حيث التحركات العسكرية والتدريبات والمناورات والمواجهات قاب قوسين أو أدنى، وربما في منطقة مياه الخليج حيث التوتر الأميركي- الإيراني على أشدّه ينتظر لحظة عود الكبريت للانفجار … إلا اذا كان الحشد للخليج فيما العين على سوريا … حيث المواجهة في شرق سوريا بعد إغلاق الحدود العراقية- السورية ما يُنذر بانفجار الوضع حتى جنوب لبنان حيث تراقب إسرائيل حزب الله، والأخير ينتظر إشارة طهران لتنفيس ضيق الموقف الإيراني في سوريا والخليج.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: