السوداني يشعل جدل "السلاح المنفلت": لا مبرر لأي سلاح خارج الدولة

iraq

في وقت يشهد فيه العراق هدوءاً نسبياً على الصعيد الأمني مقارنة بما عاشه في العقدين الماضيين، جاءت تصريحات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشأن حصر السلاح بيد الدولة لتشعل جدلا واسعا في الداخل، وترسل رسائل مشفرة للخارج.

ومن منبر عشائري، شدد السوداني على أن "لا مبرر لوجود أي سلاح خارج المؤسسات الحكومية"، رابطا بين استقرار الداخل وانفتاح البلاد على محيطها الدولي، ومعلنا التزام حكومته بإنهاء وجود التحالف الدولي لمحاربة داعش بعد انتفاء الحاجة إليه.

وجاءت هذه الرسائل، التي تبدو في ظاهرها تذكيرا بموقف مبدئي في سياق سياسي وأمني أكثر حساسية مما يوحي به ظاهر التصريح، إذ تزامنت مع احتدام النقاش البرلماني حول مشروع قانون تنظيم الحشد الشعبي، وهو مشروع ما زال يثير انقساما داخليا، خاصة بعد انسحاب كتل سنية وكردية احتجاجا على إدراجه في جدول الأعمال دون توافق سياسي مسبق.

ويواجه مشروع القانون الذي استكمل البرلمان قراءته الثانية في يوليو الماضي، اعتراضات من أطراف ترى فيه محاولة لتعزيز استقلالية بعض الفصائل المسلحة وزيادة نفوذها، ما قد يخلق ازدواجية في القرار الأمني.

وأعربت واشنطن، التي تتابع المشهد عن كثب، عن تحفظات غير معلنة على المشروع، خشية أن يمنح الغطاء القانوني لفصائل موالية لإيران تعمل خارج نطاق التنسيق مع التحالف الدولي.

وبالنسبة للفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي، فإن النقاش البرلماني يتقاطع مباشرة مع التصريحات الحكومية، ويقرأ على أنه جزء من ضغوط أوسع لتقييد نشاطها الميداني، أو على الأقل ضبطه تحت سقف الدولة.

وفي السياق، كشف مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي عن اتصال هاتفي أجراه مع رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، تناول ما وصفه بـ"المخاوف من انتقال حملة نزع السلاح من حزب الله في لبنان إلى الحشد الشعبي في العراق".

وشدد المالكي وهو أحد أعمدة "الإطار التنسيقي" وحليف استراتيجي لطهران، بحسب ولايتي، على أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستنتقلان بعد لبنان إلى استهداف الحشد الشعبي، مؤكدا اتفاقه مع القيادة الإيرانية على رفض أي تحرك لنزع سلاح الحزب أو الحشد.

ويعكس هذا الاتصال، في توقيته ومضمونه، شعور قوى عراقية نافذة بوجود تحولات في الخطاب الرسمي قد تمهد لسياسات جديدة، وربما لتفاهمات إقليمية تراعي ضغوط الغرب وبعض دول الجوار. 

والتطور الأبرز جاء مع إعلان الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة إقالة قائدي اللواءين 45 و46 في الحشد الشعبي، وإحالة جميع المتورطين في أحداث دائرة الزراعة في الكرخ إلى القضاء، بعد ثبوت قيام كتائب حزب الله العراقية بتحرك مسلح دون موافقات رسمية، واعتدائها على عناصر أمنية.

وهذه الخطوة، غير المسبوقة في التعامل مع فصائل محسوبة على الحرس الثوري الإيراني، فسرها مراقبون بأنها إشارة واضحة إلى أن السوداني مستعد لترجمة خطابه بشأن حصر السلاح بيد الدولة إلى إجراءات عملية، حتى لو تطلب الأمر مواجهة سياسية وأمنية مع قوى نافذة.

وتشكل الحشد الشعبي عام 2014 بفتوى المرجع علي السيستاني لصد خطر تنظيم داعش، ومع مرور السنوات، أصبح قوة عسكرية وسياسية ضخمة تضم نحو 238 ألف عنصر موزعين على 68 فصيلا، من أبرزها منظمة بدر، عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله.

وفي 2016، تم دمج الحشد كهيئة رسمية تابعة للقائد العام للقوات المسلحة، وتمول عبر وزارة المالية، حيث بلغت ميزانيته لعام 2024 نحو  2.7مليار دولار.

لكن تقارير دولية وأميركية أكدت أن بعض فصائله ما زالت تتلقى دعما مباشرا من الحرس الثوري الإيراني، بما يشمل التمويل والتسليح والتدريب، ما يثير جدلا حول ازدواجية الولاء والقرار.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: