توقّع مجموعة من المستشارين في حديثهم لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركيّة أنّ الرئيس المنتخب دونالد ترامب سيتمكن من التعامل مع الصراعات المتزايدة الاتساع في العالم من خلال “السلام القائم على الردع”.
ووفقاً للمستشارين، لم تكن الولايات المتحدة “مخيفة” بما فيه الكفاية خارجياً خلال إدارة الرئيس الحالي جو بايدن.
وقالوا إنّه من خلال عرض القوة الاقتصادية والعسكرية الأميركية، يجب أن تجلب رئاسة ترامب الثانية السلام أو على الأقل تمنع المزيد من التصعيد في أوكرانيا والشرق الأوسط وخارجه.
وشدّد مستشار الأمن القومي السابق لترامب روبرت أوبراين على أنّه “ستكون العودة إلى السلام من خلال القوة. سيتم استعادة الردع. يفهم أعداء أميركا أنّ الأشياء التي أفلتوا منها على مدار السنوات الأربع الماضية لن يتم التسامح معها بعد الآن”.
إنّ تنفيذ مثل هذه السياسات أسهل قولاً من الفعل، خاصةً مع اندماج روسيا وإيران وكوريا الشمالية في تحالف عسكري غير رسمي يحظى بالدعم الاقتصادي والديبلوماسي من الصين.
وأشار مسؤول سابق في البيت الأبيض في عهد ترامب إلى أنّه “عندما حاول ترامب وفشل في العام 2019 التفاوض على اتفاق نووي مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، كان من الممكن معالجة مشكلة شبه الجزيرة الكورية في عزلة نسبيّة، إنّما هذا الخيار لم يعد متاحاً اليوم مع أكثر البؤر الساخنة صعوبة في العالم”.
وأوضح المسؤول السابق أنّ “هناك جنود من كوريا الشمالية يخدمون مع الروس لقتل الأوكرانيين باستخدام الصواريخ الإيرانيّة، الذين يبيعون نفطهم للصينيين، هذا الترابط لم يكن موجوداً وقت إدارة ترامب الأولى، حينها كان يمكننا أن يكون لدينا سياسة منفصلة تجاه كوريا الشمالية، كان يمكن أن يكون لدينا سياسة منفصلة تجاه إيران، الآن يجب أن يتم ذلك بشكل أكثر شمولاً”.
وعلى النقيض من بايدن، الذي لم يتحدث إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ شباط 2022، لفت ترامب إلى أنّه يهدف إلى التفاوض على تسوية للحرب في أوكرانيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفي هذا السياق قال الفريق المتقاعد كيث كيلوغ، الذي شغل مناصب عليا في الأمن القومي في إدارة ترامب، إنّ مثل هذه الديبلوماسية الشخصية قد تكون مفيدة في إضعاف المحور الجديد المناهض لأميركا.
أضاف: “يبدأ كل شيء بالعلاقات الشخصية، سيتواصل الرئيس ترامب مع القادة الرئيسيين لمحاولة إيجاد طريقة لحل المشكلة. لديك دائماً خيارات أقوى متاحة، مثل العقوبات لكنها ليست الخيار الأول”.
ومن المرجح أن تتعرّض تحالفات أميركا لضغوط جديدة، إذا رفع ترامب التعريفات التجاريّة على الحلفاء الأوروبيّين والآسيويّين، كما قال في حملته الرئاسية.
واشتكى ترامب مراراً وتكراراً من أنّ دولاً مثل ألمانيا، التي تتمتع بفائض تجاري ضخم مع الولايات المتحدة في حين تتمتع بحمايتها العسكرية، تستغل السخاء الأميركي.
ولا يعتقد جيريمي شابيرو، مدير برنامج الولايات المتحدة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أنّ ” ترامب لديه خطة لتدمير التحالفات، لكنّه لا يهتم بها حقاً”.
ويقول المستشارون إنّه من المتوقع أن يضاعف ترامب نهجه المتشدد تجاه الصين، قد يعود ترامب إلى الحرب التجارية التي ميّزت إدارته الأولى ويستثمر أكثر في الاستعداد العسكري الأميركي لصراع محتمل في المحيط الهادئ.
وحذّر السيناتور كريس كونز (ديموقراطي من ولاية ديلاوير) من أنّ أي سوء تعامل من جانب ترامب مع الحلفاء الأوروبيين قد يكون بمثابة نعمة جيوسياسية لبكين.
وقال: “لقد كان الصينيون ينتظرون ذلك ويستعدون له، ومن الأفضل لنا أن نتحدى التقدم التكنولوجي للصين وهيمنتها المقصودة بالشراكة مع حلفائنا”.
أهمّ ما يميز ترامب هو عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته، على عكس بايدن الذي كان غالباً ما يعلن عن أفعاله مسبقاً.
وأشار ماثيو كرونيغ، نائب رئيس مركز “سكوكروفت للاستراتيجية والأمن في المجلس الأطلسي” إلى أنّه “يتطلب الردع توصيل التهديدات بوضوح لخصومك، وقد فعل ترامب ذلك، سواء أحببته أم كرهته”.
وأوضح ترامب أنّه يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا، على الرغم من أنّه لم يذكر كيف.
ويقترح مستشاروه تجميد الحرب في مكانها، وتأكيد استيلاء روسيا بحكم الأمر الواقع على نحو 20% من أوكرانيا، وإجبار كييف على التخلي لعقود من الزمان عن سعيها إلى العضوية في منظمة حلف شمال الأطلسي.
لكن بوتين مهتم بالاستيلاء على جزء أكبر كثيراً من أوكرانيا، فضلاً عن اكتساب السيطرة على الحكومة المستقبلية في كييف، وهو ما قد يجده ترامب غير مستساغ.
ولفت أوبراين إلى أنّ ترامب “سيفعل ما يلزم لإنهاء الحرب والقتل، كيف سيتعامل مع ذلك ديبلوماسياً، سنرى كيف ستسير الأمور. لكن الرئيس كان واضحاً جداً في أنّ القتل يجب أن يتوقف”.
وقال أشخاص مقربون من الرئيس المنتخب إنّ ترامب وزميله في الترشح، جيه دي فانس، لا يريدان الحرب مع طهران، لكن هذا لا يعني أنّه سيقف مكتوف الأيدي إذا قررت إيران بناء أسلحة نووية.
لطالما خاض ترامب حملة ضد ما أسماه الحروب التي لا نهاية لها، وقد يسحب أخيراً القوات الأميركية من سوريا والعراق، إذ تعرضت مراراً وتكراراً لهجمات من قبل وكلاء إيران في المنطقة.
وقا أندرو تابلر، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والذي خدم في البيت الأبيض تحت إدارة ترامب: “لا نعرف بعد ما سيكون عليه الأمر، لكن نهج ترامب سيكون أقوى بكثير، ولا ينبغي أن يكون هذا مفاجئاً لأحد، من المرجح أن يستخدم الدسبلوماسية والعقوبات، فضلاً عن التهديد بالقوة العسكرية”.
وعلى عكس إدارة بايدن، التي ثبطت عزيمة إسرائيل عن ضرب المواقع النووية ومرافق تصدير الطاقة الإيرانية، قال ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: “افعل ما عليك فعله”، في ما يتعلق بإيران ووكلائها.
ومن غير المرجح أن يحظى نتنياهو بدعم أمريكي غير محدود لمواصلة العمليات العسكرية في غزة ولبنان، بالنظر إلى الخسائر المدمرة التي لحقت بالمدنيين الفلسطينيين واللبنانيين.
فقد كان لترامب خلاف مع نتنياهو بشأن رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي الطعن في شرعية فوز بايدن في العام 2020.
وعلى الرغم من أنّ الرجلين أصلحا العلاقات هذا العام، إلّا أنّ استياء ترامب لا يزال قائماً، وفقاً لمستشارين حاليين وسابقين.