الغارة الإسرائيلية الإخيرة على دمشق أول غيث تصفية الحسابات الدولية مع إيران

c7776c1c-6b0b-49a1-80ef-f2d4ed0efb3b_16x9_600x338

ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل، سواء بمقاتلاتها الحربية أو صواريخها الدقيقة، الأراضي السورية، وقد فاق تعداد الهجمات الإسرائيلية أكثر من ألفي غارة وهجوم منذ بدايتها، إنما هذه المرة ثمة ظروف وعوامل وحسابات جعلت الغارة التي استهدفت دمشق فجر الأحد مختلفة عما عداها، إذ إن هذه الغارة تقاطعت مع سلسلة من التطورات التي تُنذر بحقائق جديدة وفق ما يُطبخ ابتداء من ميونيخ حيث قمة الأمن العالمي، وصولاً الى جبال إيران التي تتعسكر بالسلاح والصواريخ والمسيّرات و… المقاتلات الحربية.
القائد السابق لسلاح المشاة الإسرائيلي اللواء رونين انسك قال إن الجيش الإسرائيلي بات يفضل أسلوب المعركة بين الحروب على الحرب الشاملة والمواجهات المباشرة مختصراً بذلك سياسة الضربات العسكرية الموضعية المستهدِفة لمواقع إيران وحزب الله في سوريا، بالإضافة الى تنفيذ عمليات اغتيال واختراقات سيبرانية أو استهداف لمواقع استراتيجية داخل إيران.
الغارة الإسرائيلية الأخيرة على سوريا جسّدت كلمة سر أُعطيت من الغرب والأميركيين لإسرائيل بالعودة الى استهداف الوجود الإيراني في سوريا والمنطقة بعدما ضاق الغرب ذرعاً بالتحالف الإيراني- الروسي العسكري والتسليحي، ما يعكس التوجّس الإيراني الذي كان خير مَن عبّر عنه أمين عام حزب الله حسن نصرالله منذ أيام عندما توجّه بإسم راعيه الى الأميركيين مهدّداً أميركا بمدّ يده وسلاحه الى اليد التي تؤلم واشنطن حتى ولو أدى ذلك الى حربٍ مع إسرائيل، ما يعني حتى ولو أدى ذلك الى خرق الاستقرار النسبي الذي أرساه ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وأسرائيل والستاتيكو الذي فرضته أعمال التنقيب بين البلدين.
تل أبيب بغاراتها على سوريا إنما تراعي الخط الأحمر الروسي المتمثّل بعدم الاعتداء على الجيش السوري ولا على المواقع الروسية في سوريا، بل التركيز على استهداف المواقع الإيرانية وشحنات الأسلحة الصاروخية الإيرانية الى حزب الله.
استهداف إسرائيل هذه المرة لمنطقة كفرسوسة السورية جنوب دمشق يحمل أكثر من دلالة مهمة كون هذه المنطقة مؤلفة من مربعات أمنية يوجد فيها مسؤولون إيرانيون وسوريون لا يُعلم مَن منهم كان مستهدفاً بسبب التكتّم الإعلامي الشديد.
إسرائيل نفذت غارتها بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأمن في ميونيخ حيث صرّح منها وزير الدفاع الإسرائيلي بوجوب منع إيران من الحصول على السلاح النووي بجميع الوسائل الممكنة، في الوقت الذي تجري فيه إيران مفاوضات ومناقشات لبيع أسلحة متطورة الى أكثر من ٤٠ دولة منها فنزويلا وبيلاروسيا، شاملةً طائرات مسيّرة وذخائر دقيقة التوجيه،
وقد تطابقت مواقف الوزير الإسرائيلي مع مواقف وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا لصحيفة الشرق الأوسط حيث أعلنت أن إيران تهدّد محيطها الإقليمي وتسعى الى زعزعة استقراره، وأن أنشطة إيران المزعزِعة لهذا الاستقرار تتصاعد انطلاقاً من الملف النووي ومن زيادة الترسانة الصاروخية الإيرانية والطائرات المسيّرة، معلنةً العزم الجماعي على التصدّي لإيران وأنشطتها هذه.
الملاحظ أن الغارة الأخيرة أتت بعد مهاجمة إيران الناقلة كامبو سكوير التي ترفع علم ليبيريا ويملكها رجل أعمال إسرائيلي، ذاك الهجوم الذي فُسّر على أنه ردّ على استهداف إسرائيل لمواقع حساسة في مدينة أصفهان الإيرانية منذ أسبوعين.
هذه الغارة اذاً هي مؤشر على التصعيد الخطير الذي بدأت تلوح معالمه مع ترابط وتقاطع المعادلات الجيو سياسية كافةً، من ميونيخ الى تايوان مروراً بإيران والمنطقة الشرق الأوسطية غداة البيان الأميركي- السعودي- الخليجي الأخير الذي يُعتبر بمثابة البلاغ رقم ١ للتصدي لإيران وبدء العد العكسي لضرب الوجود الإيراني في المنطقة، رغم ما يُحكى عن آمال معلّقة على اللقاء السعودي- الإيراني المرتقب في العراق، هذا اللقاء الذي إن عُقد فلن تتجاوز مفاعيله تهدئة الجبهة اليمنية لكن من دون تسديد الرياض أي ثمن إقليمي أو عربي على حساب أي دولة عربية.
يبقى أن انخراط إيران في الحرب الأوكرانية وتزويد موسكو بالمسيّرات، فضلاً عن ما يُحكى عن وجود صفقة مسيّرات مع الصين كحصيلةٍ للقمة الصينية- الإيرانية الأخيرة، كلها عوامل تساعد إسرائيل المدعومة من الغرب ضد إيران والمحرجَة داخلياً نتيجة أزمةٍ مع الفلسطينيين على خلفية توسّع الاستيطان على استئناف ضربها لمواقع إيرانية في المنطقة وبخاصة في سوريا التي هي على تماس مع لبنان وحزب الله.
الحرب الإقليمية على نار حامية ومعاركها مرشحة للتصاعد خاصةً بعد انهيار الاتفاق النووي، وبعد وقوف الأطلسي خلف إسرائيل وإعطائها ضوءاً أخضر لمواجهة إيران وذلك عقاباً لها على دعم روسيا في حرب أوكرانيا.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: