القضاء الفرنسي يلغي مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد

bachar assad

قضت محكمة النقض الفرنسية، أعلى محكمة في البلاد، اليوم الجمعة ببطلان مذكرة اعتقال صادرة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد، المتّهم بشنّ هجمات كيميائية في العام 2013 خلال الحرب في سوريا، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص.

وفي جلسة استماع علنية تعقد عند الثالثة عصراً (13,00 ت غ) وسيتمّ بثّها مباشرة عبر الإنترنت، ستّحدّد المحكمة الاستثناءات المحتملة للحصانات الممنوحة للمسؤولين الأجانب المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.

كما يرى ناشطون حقوقيون أنّه في حال أكدت محكمة التمييز أن الأسد لا ينعم بالحصانة نظراً إلى خطورة الاتّهامات الموجهة إليه، فقد يرسي ذلك سابقة بالغة الأهمية في القانون الدولي تسمح بمحاسبة مجرمي الحرب.

لكن إن برّرت المحكمة قرارها بشأن صلاحية المذكرة بأن فرنسا لم تكن تعتبر الأسد حاكماً شرعياً عند وقوع الجرائم المنسوبة إليه، فلن تكون لها الوطأة ذاتها.

وفي تشرين الثاني 2023، أصدر القضاء الفرنسي مذكرة توقيف بحق الأسد بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، على خلفية هجمات كيميائية منسوبة إلى القوات السورية أثناء حكمه.

ووقعت الهجمات في الرابع والخامس من آب 2013 في عدرا ودوما قرب دمشق، حيث أسفرت عن إصابة 450 شخصاً، وطالت هجمات مماثلة في 21 منه الغوطة الشرقية ومعضمية الشام (الغوطة الغربية) قرب دمشق، موقعة أكثر من ألف قتيل، وفق ما أحصت واشنطن وناشطون آنذاك.

والأسد متّهم بالتواطؤ في جرائم حرب وجرائم بحق الإنسانية في هذه القضية، ولو أن السلطات السورية آنذاك نفت أي ضلوع لها في الهجمات بالغاز وألقت بالمسؤولية على الثوار.

كذلك، تناول القضاء الفرنسي القضية عملاً بمبدأ "الاختصاص العالمي" الذي يتيح الملاحقة القضائية عن جرائم خطيرة بغض النظر عن مكان ارتكابها.

بينما أجرى قضاة التحقيق في وحدة الجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس القضائية تحقيقاً منذ عام 2021 بشأن التسلسل القيادي الذي أدى إلى الهجمات الكيميائية، ما أدّى إلى إصدار أربع مذكرات توقيف بحق  بشار الأسد وشقيقه ماهر، القائد الفعلي للفرقة الرابعة، وهي وحدة النخبة في الجيش السوري، بالإضافة إلى ضابطين هما غسان عباس وبسام الحسن.

وطعنت النيابة العامة لمكافحة الارهاب بمذكرة التوقيف بحق الرئيس السوري ولكن ليس تلك الصادرة بحق الثلاثة الآخرين.

كما تستند التحقيقات بين أمور أخرى، إلى الصور ومقاطع الفيديو والخرائط المقدمة من الأطراف المدنيين وشهادات ناجين ومنشقين عن الوحدات الأمنية والعسكرية.

ومن بين الأطراف المدنيين في القضية، ضحايا يحملون جنسية مزدوجة فرنسية-سورية والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير ومبادرة العدالة في المجتمع المفتوح ومبادرة الأرشيف السوري ومدافعون عن الحقوق المدنية.

وفي حزيران 2024، أيّدت محكمة الاستئناف في باريس مذكرة التوقيف، وتقدّمت النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب بالدرجة الأولى، ثم النيابة العامة الاستئنافية، بطلبات استئناف بناء على الحصانة المطلقة أمام المحاكم الأجنبية التي يتمتع بها رؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية أثناء توليهم مناصبهم.

وخلال جلسة استماع في الرابع من تموز، اقترح المدّعي العام لدى محكمة التمييز ريمي هيتز الإبقاء على مذكرة التوقيف. وهو كان طعن سابق بمطالعة محكمة الاستئناف التي اعتبرت أنّ هذه الجرائم لا يمكن اعتبارها جزءاً من الواجبات الرسمية لرئيس الدولة، معتبرة أنّ "الحصانة الشخصية كانت قائمة" بموجب قرار صادر عن محكمة العدل الدولية في العام 2002.

ولكن النائب العام اقترح لاحقاً على المحكمة "مساراً ثالثاً"، مستبعدا حصانة بشار الأسد الشخصية، على اعتبار أنّه منذ العام 2012 لم تعد فرنسا تعدّه "رئيساً شرعياً للدولة" في ضوء "الجرائم الجماعية التي ارتكبتها السلطات السورية".

تبدّلت الظروف الجيوسياسية بشكل جذري منذ صدور مذكرة التوقيف، اذ تمت الإطاحة بالأسد في كانون الأول 2024 وفرّ إلى روسيا.

وإذا قرّرت محكمة التمييز إلغاء مذكرة التوقيف، يمكن لقضاة التحقيق إصدار مذكرة جديدة. ولكن يمكن للأسد عندها الاعتماد على الحصانة الوظيفية الممنوحة لوكلاء الدول الأجنبية ربطا بأفعال مرتكبة أثناء ممارستهم مهماتهم.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: