في بلدة "يوانينا" الواقعة في شمال غرب اليونان، بعيداً عن صخب التكنولوجيا في المدن الكبرى، يقود طبيب محلي تحولاً نوعياً في المجال الطبي عبر الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
الدكتور توماس تزيماس، مدير قسم الطب الباطني في مستشفى "جي. هاتزيكوستا" الحكومي في هذه البلدة الريفية المعروفة بطبيعتها الجبلية ومساراتها، يشرح أن استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي لم يعد مقتصراً على كتابة الملاحظات أو الرسائل، بل يشمل التشخيص الدقيق وإدارة الخلافات بين الكوادر الطبية باستخدام أدوات مثل "مفاوض GPT".
وعلى الرغم من اعتقاده بفوائد الذكاء الاصطناعي، يشدد تزيماس على ضرورة الحذر من مخاطر ما يُعرف بـ"هلوسة الذكاء الاصطناعي"، حيث قد يختلق النظام معلومات غير دقيقة. للتغلب على هذه المشكلة، طور نهجاً يعتمد على ضبط "درجة الحرارة" في النموذج اللغوي، لتقليل العشوائية وضمان إجابات أكثر دقة. ويقول: "في المجال الطبي، يجب أن تكون الحرارة 0.3 لضمان التزام الذكاء الاصطناعي بالحقائق".
ويرى الدكتور تزيماس أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تطور مستقبلي بل هو حاضر بالفعل في الطب، إذ يتوقع أن يعيد رسم الخريطة الوظيفية للأطباء خلال السنوات القادمة. ويشير إلى استخدامات مثل نظام "دافنشي" الجراحي الذي تديره أيادٍ بشرية حالياً، لكنه يتوقع أن تتولى أنظمة الذكاء الاصطناعي قيادته مستقبلاً لتنفيذ العمليات بدقة عالية واستقلالية.
ويذكر مثالاً لحالة مريض عانى من أعراض غير مألوفة بعد زيارة إسطبل أغنام، حيث اقترح الذكاء الاصطناعي تشخيصاً نادراً وهو "حمى كيو". ورغم أن التحاليل نفت التشخيص لاحقاً، إلا أن الطبيب أقر بأن الذكاء الاصطناعي ساعد على توسيع نطاق التفكير وإدخال احتمالات لم تكن لتُطرح لولا التقنية.
ومع كل هذه التطورات، يؤكد الدكتور تزيماس أن الذكاء الاصطناعي لن يحل مكان الطبيب، لكنه سيؤثر على بعض التخصصات التي لا تعتمد بشكل كبير على التفاعل الإنساني المباشر، مثل تخصصات الأشعة والعلاج النفسي. كما يرى أن الذكاء الاصطناعي سيُحدث تغييرات في مجالات مثل التغذية، من خلال إعداد خطط غذائية مخصصة تراعي الحالة الصحية للمريض وتشرح له بلغته ما يناسبه وما يجب تجنبه.