بين حرب أوكرانيا وتوترات آسيا : تعميق الصراع الدولي

900500_362b8874-25fb-426d-9847-4fd8d527b012

بانقضاء ثلاثة أشهر الى الآن على الحرب الروسية في أوكرانيا، يمكن التوقف عند الملاحظات الآتية :
أولاً : فشل حسابات الرئيس فلاديمير بوتين الاستراتيجية الى الآن حيث كان يراهن عند دخوله أوكرانيا في الرابع والعشرين من شهر شباط الماضي على ضعف الأوروبيين وانقسامهم وضعف الناتو وتقبل الأوكرانيين للجيش الروسي، وقد أطلق على العملية العسكرية مسمى "العملية الخاصة"، علماً أن ثمة قانون جديد في روسيا تم إقراره يجرّم كل من يصف ما يحصل في أوكرانيا بالحرب بالحبس مدة تتراوح بين ١٠ و١٥ سنة .
ثانياً : عند إطلاقه العملية الخاصة في أوكرانيا، أعلن الرئيس بوتين أنه يريد الوصول الى كييف لإسقاط حكومتها النازية وتنصيب حكومة موالية له لكنه لم يستطع ذلك.
وعندما دخل أوكرانيا فوجىء بمقاومة أوكرانية شرسة لم تقبل بجيشه عكس ما كان يعتقده هو وجنرالاته، مستعيداً مشهدية دخول شبه جزيرة القرم والإستفتاء الشعبي الذي رحب بالإنضمام الى روسيا .
وبدل من أن يواجه أوروبا ضعيفة ومنقسمة اذا به يواجه أوروبا موحدة بوقفة رجل واحد وإن كانت بعض التفسخات قد سجلت مؤخراً على خلفية الاستمرار في التزود بالطاقة الروسية وقبول المجر بتسديد ثمنها بالروبل الروسي كما اشترط الرئيس بوتين .
وبدل أن ينكفىء الناتو اذا به ينتفض ويثور ويستنفر ويجند طاقاته ودوله لمؤازرة أوكرانيا بالسلاح والخبرات العسكرية مدعوماً بالدرجة الأولى من الولايات المتحدة وبريطانيا ومن ثم الأوروبيين، ما أدى الى إحياء هذا التحالف الأطلسي بعدما كان يعاني من موت سريري على حد وصف الرئيس إيمانويل ماكرون يوماً له في خلال ولايته الأولى .
ثالثاً : حتى أن بعض النتائج غير المتوقعة جاءت عكسية كتخلي فنلندا والسويد عن حيادهما وطلبهما الإنضمام للناتو في سابقة تاريخية لم تكن في حساب أي أحد، علماً أن الرئيس بوتين الذي شنّ عمليته الخاصة بذريعة قرب الناتو من حدوده وتهديد روسيا القومي وجد نفسه بالنهاية على تماس مع الحلف إنطلاقاً من فنلندا التي تملك أكثر من ١٣٠٠ كلم حدود مشتركة مع الإتحاد الروسي، ومن بولونيا ورومانيا إن هو تقدم في العمق الأوكراني .
رابعاً : قد يكون الجيش الروسي بدأ يحقق منذ أيام خروقات مهمة على جبهات شرق أوكرانيا وقد أعلنت موسكو مضيها قدماً في تحقيق كل الأهداف المرسومة للعملية لكن المهم هنا السؤال عن الأثمان المتوقع تحملها من الطرفين الروسي والأوكراني، فالرئيس الأوكراني فولوديمير دانسكي قال بالأمس إن الأسابيع المقبلة ستكون صعبة في أوكرانيا، ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو توعد باستمرار العمليات واشتدادها للسيطرة على آخر معاقل المقاومة الأوكرانية في لوغانسك في الدونباس شرقي أوكرانيا على وقع طبول مواجهة تُقرع في شرقي آسيا، مع تصاعد التوتر الأميركي - الصيني وحرب التصاريح والردود بين الرئيس جو بايدن والقيادة الصينية حول موضوع تايوان، فيما الآراء منقسمة بين اعتبار افتعال مثل هذه المواجهة الكلامية مواجهة ظرفية فرضتها زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة وبين من يرى محاولة أميركية لتشتيت محور روسيا - الصين بإلهاء الصينيين بخطر أميركي داهم الى جانب حلفاء كاليابان وكوريا الجنوبية، وحرف نظرهم عن دعم الرئيس بوتين الغارق بدوره في مواجهته مع الولايات المتحدة والغرب .
سبق وقلنا إن المأزق الأوكراني بات متمحوراً حول ممنوعين : ممنوع خسارة أوكرانيا وممنوع إنتصار بوتين وبينهما مسلسل دراماتيكي من التطورات التي بدأ يدق ناقوس المجاعة العالمية وتهديد ٨٠٠ مليون إنسان بالجوع بحسب تقارير المنظمات الدولية المتخصصة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: