بين روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران : تقييم جيو سياسي للمخاطر

ايران-روسيا-والصين

تدور في الولايات المتحدة الأميركية نقاشات كثيفة حول مستقبل الوضع العالمي في ضوء التهديدات الصينية والروسية والكورية الشمالية .ثمة محور شر بنظر الأميركيين يبدو أن إيران أيضا جزء منه .فالتقييم السنوي للمخاطر التي درجت الإدارات الاميركية والكونغرس وأجهزة الاستخبارات الأميركية على بحثه وإصدار التقارير بشأنه يرتكز الى شقين : الأول التهديدات الثأرية للخصوم والثاني الأزمات واللااستقرار .ما يهمنا التوقف عنده مجموعة من الإستخلاصات التي تتمحور حولها نظرتنا الجيو سياسية وفق الآتي :أولاً : الصين تبقى بالنسبة للأميركيين التهديد الأساسي ثم تأتي روسيا فإيران فكوريا الشمالية .تلك الدول أبدت استعدادها لتأمين مصالحها بما لا يتوافق مع مصالح المجتمع الدولي والولايات الأميركية وحلفائها .ثانياً : من الملاحظ من الناحية الجيو سياسية العامة أن الصين تصعّد باتجاه إحداث تغييرات في القواعد والمؤسسات الدولية بما يتناسب ومصالحها ويتحدى الولايات الأميركية أقتصادياً وعسكرياً وتكنولوجياً.الملف التايواني الشائك بين بكين وواشنطن قد يتحول في أية لحظة الى “صاعق تفجير” صراع بين الجبارين خصوصاً في ظل استمرار الإصرار الصيني على استرداد سيادتها على تايوان حيث تضاعفت الضغوط الصينية على الجزيرة لتوحيدها ديبلوماسياً واقتصادياً وحتى عسكرياً، بحيث أن الصينيين مستعدون للجوء الى القوة ضد تايوان إن رأت داعياً لذلك، علماً أن بكين تسعى في الاستثمار في النووي وتنويع ترسانتها لمنافسة الأميركيين وتجاوزهم وصولاً الى التجسس السيبراني .ثالثاً : روسيا التي جذبت الاهتمام الأميركي والأطلسي نتيجة حربها في أوكرانيا أحدثت، بفعل تدخلها صدمة في النظام الجيوسياسي مع تداعيات ستبدأ بعد حين بالشعور بها وبتأثيراتها لا سيما على صعيد الأمن الغذائي العالمي .الإستخبارات الأميركية كانت سباقة وصادقة في التأكيد على عزم الرئيس بوتين على اجتياح أوكرانيا لكنها لم تكن تتوقع الصمود البطولي المميز للأوكرانيين الذي قلب المقاييس وجعل الأوروبيين وواشنطن معهم يقفون بقوة الى جانب هذه المقاومة ويمدونها بالمال والسلاح كما لا يزال يحصل الى الآن، وبالأمس أكدت واشنطن حزمة تسليح جديدة للأوكرانيين بعد عشرات المليارات السابقة فيما الإتحاد الأوروبي توصل وبصعوبة في تقرير الاستغناء عن النفط الروسي باستثناء هنغاريا، في الوقت الذي قررت فيه ألمانيا الإستغناء كلياً عن النفط الروسي بحلول العام الجاري .عجز الرئيس فلاديمير بوتين وجيشه عن السيطرة السريعة على كييف قلب موازين القوى وجعل كلا الطرفين الروسي والأوكراني في مأزق .موسكو أسأت تقدير قوة الأوكرانيين الذين بدورهم أسأوا تقدير قدرة الروس، لكن الأكيد أن الحرب في أوكرانيا دخلت مرحلة جديدة مع تركيز الروس هجومهم وقوتهم الهائلة على الدونباس الشرقي لأوكرانيا بعد سقوط ماريوبول ومحاصرة أوديسا ليواجهوا مجدداً عناد الأوكرانيين بالصمود وتصاعد العقوبات على روسيا، وجهز الرئيس بوتين والأوروبيون حزمة سابعة من العقوبات في ما بات يشبه مواجهة روسية غربية بالواسطة.رابعاً : أما إيران فتتابع مخططها بتهديد مصالح الأميركيين ومحاولة تقليص التأثير الأميركي في منطقة الشرق الأوسط وممارسة تأثيرها على الدول المجاورة لكنها وصلت الى مفترق طريق يتطلب منها أمراً من إثنين : إما الاصطفاف مع القوى الكبرى والإقليمية والتنازل عن مشروعها التوسعي في المنطقة العربية والسير في سلام وإما الاستمرار بالتصعيد والتدمير، وعندها ستواجه شتى أنواع المخاطر من الداخل قبل الخارج .كوريا الشمالية تسعى للدخول في الصراع الدولي مباشرة لكن الصين لا تزال تكبحها اعتقاداً من الصينيين أن ساعة المواجهة الكبرى مع الأميركيين لم تحن بعد لتستعين بحليفها الدكتاتوري الكوري الشمالي، الأمر الذي لا يمنع استمرار بيونغ يانغ في تطوير ترسانتها النووية ولجؤها بين الفينة والأخرى الى تجارب تهدد أمن أعدائها كمثال اليابان وكوريا الجنوبية .

اذاً نحن أمام مشهدية دولية مليئة بالمخاطر، والمحور الروسي الصيني والروسي الكوري الشمالي ناشط على أكثر من صعيد وبلد، ما يعني الاتجاه خلال الأشهر المقبلة الى مزيد من التصعيد والتوترات الدولية ستكون أوكرانيا “ميزان قياس” حدتها .

فإما يتوقف الرئيس بوتين عند الدونباس للتفاوض، وإما يستكمل محاولته لأخذ ما تبقى من الساحل الجنوبي وعندها نقع في محظور فقدان التوازن الدولي .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: