تركيا بين "الناتو" و"بريكس".. منافع اقتصاديّة وسياسيّة

NAW Web Template (27)

يُعتبر انفتاح تركيا على مجموعة "بريكس" التي تقودها روسيا والصين، الأوّل من نوعه لدولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكن يرى خبراء أنّ وراء هذه الخطوة دوافع اقتصادية وأنّها تأتي في إطار رغبة أنقرة بـ"الاستقلالية الاستراتيجية".

ويشارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدعوة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين بقمة دول "بريكس" في مدينة قازان، اليوم الأربعاء، إلى جانب زعماء دول أخرى في المجموعة بينها البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا. وتعارض بعض دول "بريكس" توجهات الدول الغربية بشأن قضايا شتى منها النزاع في الشرق الأوسط وحرب أوكرانيا.

وفي أيلول، أعلنت تركيا المنضوية في "الناتو"، رغبتها بالانضمام الى مجموعة بريكس.

وشمل توسيع "بريكس" لتضمّ أربع دول إضافية وهم الإمارات ومصر وإثيوبيا وإيران.

مع ذلك، يرى باحثون أنّ تركيا لن تدير ظهرها للغرب أو لأوكرانيا التي زار وزير خارجيتها أنقرة الاثنين، ولا لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

واعتبر سنان أولغن الباحث المشارك في مركز كارنيغي في أوروبا في تصريح، أنّ "الحكومة التركية تواصل ترسيخ علاقاتها مع الدول غير الأعضاء في التحالف الغربي، بما يتماشى مع الاستقلال الاستراتيجي الذي تنتهجه تركيا".

كذلك رأى أنّ "المبادرة اقتصادية جزئياً أيضاً" لافتاً إلى أنّها "تهدف إلى تأثير إيجابي على العلاقات الاقتصادية الثنائية مع هذه الدول".

وتمثل مجموعة "بريكس" حوالي نصف سكان العالم ونحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

لكن أولغن رأى في دول "بريكس" أنّها تشكل "منصة" اقتصادية بدون التزامات، ولا تفرض التكامل بين أعضائها كما هو حال الاتحاد الأوروبي الذي تحاول أنقرة الانضمام إليه منذ العام 1999.

ولم يوفّر إردوغان فرصة للتطرق إلى هذه المسألة الشهر الماضي، بإشارته إلى أنّ "أولئك الذين يقولون لا تنضموا إلى بريكس هم نفسهم الذين جعلونا ننتظر لسنوات على باب الاتحاد الأوروبي".

وأضاف بعد عودته من الأمم المتحدة في نيويورك "لا يمكننا أن ننفصل عن العالم الإسلامي أو الناطق بالتركية لمجرد أننا دولة عضو في حلف شمال الأطلسي. وأعلن عن أنّ "بريكس وآسيان (رابطة دول جنوب شرق آسيا) توفران لنا فرصاً لتطوير تعاوننا الاقتصادي".

ورأى أولغن أنّ "تركيا ما كانت لتتخذ هذه الخطوات تجاه بريكس لو تمكنت من مواصلة مفاوضات الانضمام إلى أوروبا".

من جهته شدّد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قادر هاس في إسطنبول سولي أوزيل على أنّ "السبب يعود أيضاً إلى أنّ مركز الثقل في العالم يتغيّر".

وقال: "كالجميع، تعتقد الحكومة التركية أنّ هيمنة الغرب من دون منازع لا يمكن أن تستمر على هذا النحو، وتحاول على غرار آخرين كثر التموضع ليكون لها تأثير أكبر في حال ظهر نظام جديد في عالم متعدد الأقطاب".

وأوضح أنّ "تركيا تريد الاستفادة من ضعف النفوذ الغربي، وخصوصاً نفوذ الولايات المتحدة، ومحاولة خلق مجال أكبر للمناورة".

أضاف: "لكنّها بالطبع جزء من الغرب بمفهومه الأمني، ومن المؤكد أنّ اقتصادها سيظلّ جزءً من الاقتصاد الأوروبي"، من حيث التبادلات التجارية والاستثمارات خصوصاً.

وخلص المحلل المقيم في سنغافورة غوكول ساهني إلى أنّ "تركيا تريد أمرين: الاستفادة من قربها من الغرب مع إدراكها بأنّها لن تصبح أبداً جزءً من الاتحاد الأوروبي، وإقامة شراكة وثيقة مع غير الغربيين". ولفت إلى أنّ هذه الشراكة "لن ترتب مخاطر على تركيا لأنه ليس لمجموعة بريكس بعد أمني".

ومنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في شباط 2022، حافظت تركيا على علاقات مع الطرفين المتحاربين.

وبعد فرض عقوبات غربية على موسكو، أصبحت تركيا من المستوردين الرئيسيين للغاز الروسي، بينما تقوم في الوقت عينه بتزويد كييف بمسيّرات وفرقاطات.

وأكد سولي أوزيل أن "تركيا لن تغادر حلف شمال الأطلسي أبدا"، لكن تقاربها مع مجموعة بريكس يعكس "الحاجة إلى التغيير ورغبة القوى الإقليمية الناشئة في تحصيل مزيد من المكاسب".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: