"فعلها" الرئيس فلاديمير بوتين وأعلن رسمياً ضم لوغانسك ودونتسك وزباروحيا وخارسون الى الاتحاد الروسي على أثر إجراء استفتاء غير شرعي وغير قانوني بنتائج غير معترف بها.
ترددات الأزمة الأوكرانية والتوترات الناجمة عنها ألهبت عواصم القرار العالمي والعالم بأسره وقسّمته الى معسكرين جديدين توضحت ملامحهما في جلسة مجلس الأمن ليل أمس من خلال التصويت على مشروع قرار أميركي- ألباني للتنديد بخطوة روسيا ضم مناطق أوكرانية، وقد فشل القرار بالتصويت لاستعمال روسيا حق النقض، فيما امتنعت الصين عن التصويت الى جانب ٣ دول أخرى.
الرئيس بوتين اعتبر أن أهدافه تحققت، داعياً أوكرانيا الى إلقاء السلاح والجلوس على طاولة التفاوض.
إستخدام روسيا لحق النقض الذي كان متوقّعاً يعيد طرح تركيبة مجلس الأمن والمنظمة الأممية برمتها، وقد تصدر خلال أيام أو ربما أسابيع مبادرة يُعمل عليها منذ فترة لتقديم مشروع تعديل ميثاق المنظمة في محاولة لإخراجها من عجزها الحالي، وثمة آلية تُدرس للتمكّن من التصويت على اعتماد هذا الميثاق الجديد أو المعدّل، والذي من شأنه أن يلغي مبدأ الفيتو ويوسّع عضوية مجلس الأمن بإدخال ألمانيا ودول أخرى ذات تأثير وفاعلية.
التصويت على النظام الجديد لن يتأثر بفيتو روسي أو غيره لأنه بإمكان الجمعية العامة طرح الميثاق للتصويت وفقا لمبدأ الغالبية العادية، لكن من الآن وحتى ذلك الحين فإن ما حصل بالأمس من إجهاض لمشروع قرار إدانة روسيا يزيد من عجز المنظمة في مواجهة متطلبات مهامها وفي طليعتها الحفاظ على الأمن والسلم الدوليَين.
الرئيس بوتين يريد بكل بساطة إلغاء النظام العالمي الحالي وضرب كل القوانين التي تحترمها الدول كما تحترم القانون الدولي منذ العام ١٩٤٥، وكانت أوكرانيا أحد مؤسسي المنظمة، كما كان الاتحاد السوفياتي موافقاً على الميثاق الأممي.
في جلسته أمس، أراد مجلس الأمن، وهو العالم بالفيتو الروسي مسبقاً، الإشارة الى أن ١٤ دولة لم تقف الى جانب موسكو، ما ترجم رفض المجتمع الدولي لكل ما تفعله روسيا في أوكرانيا، وفضح لعدم مشروعية ما تفعله روسيا في أوكرانيا من ضم غير شرعي وغير قانوني،
فلا دولة يمكنها أن تحتل أجزاء من أراضي دولة أخرى طبقاً للقانون الدولي ثم تقيم استفتاء مزيفاً أوردت أرقام نتائجه مسبقاً قبل أسابيع من إجرائه.
الرئيس بوتين قال إن الأمر يشبه الكتاب المكتوب وبالتالي على المجتمع الدولي أن يتحرك بفعالية أكبر لمواجهة ضم المقاطعات، واذا كان صحيحاً أن للشعوب الحق في تقرير مصيرها الا أن الصحيح أيضاً هو أن تقرير المصير يتم من جهة وفق معايير قانونية أممية لم تتوفر في استفتاء الضم، ومن جهة أخرى يتناول الاستفتاء مناطق كاملة وليس أجزاء من مناطق كما في ماريوبول حيث إدارتها لا تزال أوكرانية ودونيتسك التي ليست كلها في يد الجيش الروسي وهي جبهة هجوم مضاد يشنه الأوكرانيون حتى الساعة.
عام ٢٠١٤ لم تكن القوات الأوكرانية مجهزة بإمكانيات عسكرية متطورة، وكان على رأس أوكرانيا رئيس موالٍ لموسكو لم يرد إغضابها، لكن حالياً الأمور تغيّرت في أوكرانيا والجيش الأوكراني أصبح قوياً ومدرّباً ويخطط عسكرياً وفقاً لتقنيات الغرب العسكري، ما سيشجع على استمرار الأوكرانيين في استعادتهم أراضيهم في ظل الدعم الغربي المفتوح لهم.
الناتو مستنفر …
الولايات المتحدة مستنفرة ….
الاتحاد الاوروبي رافض ومنتفض ضد الضم ..
أوكرانيا مصممة على استعادة الأرض وطرد الروس ….
روسيا مصممة على المضي في الضم وفي التهديد من مغبة الاعتداء على الأراضي التي ضمت …
الأمم المتحدة عاجزة …
الرئيس بوتين يدعو الى التفاوض أي أنه يوجّه رسالة للغرب بأن الوقت قد حان، بعد أن حقق أهدافه، للتفاوض أي الاستعداد لوقف الحرب، إنما الدعوة للتفاوض الأحادية الجانب، وعلى أساس مغلوط وغير قانوني، لا يمكن أن يُبنى عليها تفاوض، وبالتالي فإن المرحلة خطيرة والتصعيد العسكري سيد الموقف وقد تدخل الحرب منعطفاً نووياً تكتيكياً خطيراً يجعل المواجهة مباشرة بين واشنطن وموسكو على أرض أوكرانيا أسوأ السيناريوهات المتوقعة.