بعد أن أعلن تنظيم داعش خراسان مسؤوليّته عن الهجوم الدامي المروع الذي وقع في موسكو مساء الجمعة الماضي، توجّهت الأنظار لهذا التنظيم الخطر.
فقد أوضح خبراء أن اسم التنظيم “خراسان”، أتى من اصطلاحها للمنطقة التي تشمل أفغانستان وباكستان، وتأسس عام 2015 على يد أعضاء من حركة “طالبان”، وظهر لأول مرة في سوريا والعراق.
فلماذا شن التنظيم هجماته على موسكو بهذا التوقيت؟
أفاد الباحث والأكاديمي العراقي حسام كصاي لـ”العربية.نت”، بأن التوقيت الذي حدث فيه الهجوم الداعشي على موسكو يعيش فيه العالم فوضى خلاقة، تشمل في محيطها الأزمة الروسية – الأوكرانية، والحرب الإسرائيلية على غزة.
وأضاف أن تقييم تلك الأحداث ومجرياتها وفقاً للنظرية البراغماتية يجعل النظر إلى الأحداث يأتي من زاوية المصالح القومية.
بناء على تلك النظرة، رأى الباحث أن الأزمة الروسية – الأوكرانية خلفت أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية.
وفتحت المجال للخرق الأمني الذي أدى لدخول أطراف ربما خارج حسابات المواجهة، معتقداً أن الهجوم الداعشي الأخير قد يكون ردة فعل على فوز فلاديمير بوتين للولاية الخامسة، أي محاولة لتوصيل رسالة لأطراف مناوئة للنظام الاشتراكي بعدم قبول هذا النمط السياسي.
ومن هنا لا يستبعد كصاي أن يكون الهجوم محليا روسيا من أطراف معارضة للنظام عبرت عن رفضها بطريقة عسكرية.
كما تابع أن تنظيم “داعش خراسان” ليس سوى تنظيم إلكتروني أكثر مما هو ميداني، وهو عبارة عن أيقونات، وروبوتات تتحكم بها أجهزة عن بعد، وبرنامجها العسكري معد مسبقاً لتحقيق أهداف ذرائعية، ولا أحد يعلم من جندهُ، ومن منحه سلطة القتال نيابة عن المسلمين، مضيفا أنه على غرار تنظيم داعش العراق وسوريا ومصر وليبيا قد أعدته أجهزة استخباراتية أجنبية، الهدف منه تحقيق نقطتين جوهريتين على الصعيد الدولي، الأولى: إثبات نظرية الإسلاموفوبيا الخطر الأخضر بأن الإسلام يشكل خطر على أوروبا والعالم، والثانية: ضمان إخضاع دول بعينها للإجراءات الأمنية ومراقبتها ومعاقبتها من قبل الغرب.
واختتم الباحث العراقي كلامه قائلاً إن هذا الهجوم قد يكون مخططا مسبقا وسيناريو معد من قبل لتوجيه الأنظار بعيدا عن أحداث غزة وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عنف، وإتاحة الفرصة لإسرائيل من التحرر من قيود الإعلام المعادي لها، لتنفيذ أهدافها في القطاع المحاصر.
إعادة هيكلة
من زاوية أخرى، رأى الباحث والخبير في ملف الحركات الإرهابية الدكتور عمرو عبد المنعم لـ”العربية.نت”، أن تنظيم داعش ومنذ عدة أشهر دخل في إعادة هيكلة تنظيمية منذ مقتل أبي الحسن القرشي في أكتوبر من العام 2022، وهو الزعيم الثالث له.
إلى أن تولى أبو سارة العراقي مسؤولية الولايات البعيدة في عهد زعيم التنظيم أبي الحسن القرشي، وقام بإعادة هيكلة لها، وهي الولايات التي تقع خارج نطاق الأفرع المركزية مثل سوريا والعراق، إضافة إلى قيامه بتشكيل مستوى أعلى يسمى المكاتب الإدارية التي تشرف على أفرع التنظيم.
وأشار إلى أن لكل مكتب أمير يكون حلقة الوصل -من الجانب الإداري بين مركز التنظيم وفروعه، على أن يتم التواصل بين المركز وأمراء المكاتب مرتين في الشهر.
أما عن دلالات العملية الإرهابية الأخيرة في موسكوـ فشرح الخبير المصري أن العملية انتقامية، وجاءت لإثبات الوجود، فضلا عن أن التنظيم يحاول استغلال الوضع العالمي ويطرح نفسه من جديد.
وشدد على أن التنظيم يشدد على وحدة هدفه، خصوصا وأن موسكو كانت وجهة مستهدفة له، ففي عام 2014، وصف أبوبكر البغدادي روسيا بأنها العدو الرئيسي إلى جانب الولايات المتحدة.
وتابع أن العملية متوقعة في ظل الظروف السياسية الحالية، ففرع التنظيم في وسط آسيا يكاد يكون التنظيم المتطرف الوحيد القادر على تنفيذ هجمات خارجية حالياً لأنه الأكثر تنظيماً وتماسكاً حتى الآن لتنفيذ عمليات إرهابية.
152 ضحية
يشار إلى أن عددا من المسلحين كانوا اقتحموا مركز “كروكوس” في ضواحي موسكو، مساء الجمعة، وأطلقوا النار على الجمهور في القاعة من مسافة قريبة، ما تسبب في مقتل أكثر من 152 مواطناً.
وقالت هيئة الأمن الفيدرالية الروسية إن مديرها ألكسندر بورتنيكوف أبلغ الرئيس فلاديمير بوتين، باعتقال 11 شخصا، بينهم 4 إرهابيين شاركوا بشكل مباشر في الهجوم على مركز “كروكوس” التجاري.
كما تم اعتقال 11 شخصا متورطين في الهجوم، بينهم جميع منفذي الهجوم المباشرين الأربعة.
بينما أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في كلمة متلفزة أمس السبت أن المعلومات الأولية تشير إلى أن الجانب الأوكراني كان يعد “نافذة” لمنفذي الهجوم لعبور الحدود، ووعد بتحديد ومعاقبة كل من يقف وراءه، معلناً اليوم 24 آذار يوم حداد وطني في البلاد.