رسائل إيران الى أميركا على لسان الأمين العام لحزب الله

thumbs_b_c_934bc86eb51b5cac623c5870bb3f4095

مَن يتابع أمس كلام الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله ويقرأ بين سطور هجوماته على الولايات المتحدة الأميركية وتهديدها المباشر، يدرك حقيقة التأزم المتصاعد بين إيران وأميركا وحجم الخلاف الاستراتيجي الواقع بينهما.

الأمين العام لحزب الله، وبتركيز هجومه أمس على أميركا إنما يوصل رسالة إيرانية مفادها أن طهران، اذا ما استمر حشرها وعزلها ومحاصرتها بملفات المنطقة وتلك ذات الصلة بالبرنامج النووي، فإنها قادرة على قلب الطاولة على الجميع في المنطقة من خلال أوراقها الإقليمية ولا سيما ميليشياتها وفي طليعتهم حزب الله اللبناني.

كلام الأمين العام العالي النبرة يعكس أيضاً مدى الضيق الذي تشعر به إيران بعدما اشتد الحصار عليها خليجياً وأميركياً وأوروبياً على خلفية اصطفاف طهران وتحالفها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا بعدما بات التفاوض حول الملف النووي في آخر أولويات واشنطن.
طهران غاضبة من التنسيق الأميركي- الخليجي- العسكري والأمني والإستخباري والذي من ضمنه يتم التعاون مع إسرائيل، خاصة وأن هذين التنسيق والتعاون يستهدفان إيران وقد ارتفعت بورصة ضرب البرنامج النووي الإيراني عسكرياً في الفترة الأخيرة.

خطاب الأمين العام أمس عكسَ جملة من المآزق المحلية والإقليمية : المأزق الداخلي الذي يواجهه حزب الله مثلث الأضلاع، مأزق انتخاب رئيس له أو يحميه هو وحزبه، ومأزق ضغط الأزمة المعيشية والاقتصادية التي تضغط بقوة على قاعدته الشعبية وبيئته الحاضنة، ومأزق أسياده الإيرانيين الذين يعانون في الداخل الإيراني من زعزعة نظامهم بفعل الثورة الشعبية، وفي الخارج من استهداف نتيجة فشل المفاوضات في النووي ومواقف إيران المتحالفة مع روسيا، ما خلقَ خوفاً وقلقاً إيرانياً كبيراً على مصير نظام الملالي الذي يشعر بقرب انتهاء دوره.

عندما يتّهم حسن نصرالله أميركا بالفوضى في لبنان، فإنما ينقل تحذيراً إيرانياً من مغبة إفشال أوراق إيران في المنطقة بدءاً من لبنان، وعندما يهدّد أميركا بإسرائيل فإنما يوصل رسالة إيرانية واضحة بأن كل قواعد اللعبة من شأنها أن تتغير إن خسرت أو بدأت إيران تخسر أوراقها بفعل الحصار الإقليمي والدولي عليها .

تركيز حسن نصرالله تهديداته على أميركا رسالة إيرانية واضحة لمَن تشاركت معها مصير المنطقة منذ العام ١٩٨٠، وفي ساعة يشعر ويعرف الطرف الإيراني أن أوراقه بدأت تتساقط في خريف ولادة نظام أمن وسياسة جماعي جديد في المنطقة ينهي حقبة ١١/٩ وما أعقبها من معادلات استفادت منها طهران، وأفادت الأميركيين والغرب في المقابل.

طبعا نذكّر السيد حسن أن مَن أوقع لبنان في أزمته الإقتصادية والمعيشية ليست أميركا بل مَن سرقَ 100 مليار دولار من ودائع اللبنانيين، ومن بدّد أموالاً اقترضتها الحكومات المتعاقبة قيمتها 100 مليار دولار أيضاً هي المنظومة الحاكمة التي يرعاها “حزب الله” من ضمن تحالف حماية السلاح مقابل حماية المافيات، وتلك المعادلة دون سواها هي المسؤولة عن تبديد المال العام في لبنان وإفساد وإفلاس الدولة ونهب جنى أعمار المودعين وحرمان اللبنانيين من لقمة عيشهم، وبالتالي إتهام أميركا بالتسبّب بالفوضى بمثابة صوت مضلّل يحاول قلب الحقائق التي بات كل لبناني، حتى من بيئة السيد الحاضنة، يعلمها فضلاً عن كل دول العالم.
الاحتلال الإيراني للبنان عبر سلاح حزب الله وقوته المادية والهيمنة على القرارات والسياسات الخارجية للبنان بما يخدم مصالح إيران في المنطقة هي المسؤولة الأولى والإساسية عن الفوضى.
عندما يكون التعاطي مع أميركا يخدم مصالح إيران والحزب كما حصل في ترسيم الحدود البحرية تكون أميركا جيدة ومقبولة وتكون إسرائيل طرفاً معترفاً به، لكن عندما يتعلق الأمر بانكشاف إيران عربياً ودولياً تصبح أميركا الشيطان الأكبر .

لو كانت أميركا تنشر الفوضى في لبنان لما كان تمكن حزب الله والأمين العام نفسه من الاستحصال على أموال بعشرات ملايين الدولارات في تعاملاته ورواتب المنتسبين إليه الى الآن … لكن وبعدما أقفل الفدرالي الأميركي ١٣ مصرفاً عراقياً تبيّن دورهم في تمويل إيران وميليشياتها وعلى رأسها حزب الله، أصبحت أميركا سيئة ومتسبّبة بالأزمة في لبنان، وهي بالأحرى أزمة تمويل حزب الله وجماعته وبيئته الحاضنة.

في الختام، خطاب نصرالله أمس لم يكن سوى خطاباً إيرانياً بامتياز بقفازات لبنانية مقلّدة غير أصلية، والمهم أن كلامه يرسم ملامح المرحلة المقبلة في لبنان والمنطقة والتي لن تكون سهلة بل على جانب كبير من الخطورة الجدية.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: