طبول التعبئة العامة تُقرع لدى حلف الناتو

روسيا-والناتو2-2

عقد حلف شمال الأطلسي اجتماعه الإستثنائي على مستوى قادة الدول في العاصمة الإسبانية مدريد، وعلى رأسهم الرئيس الأميركي جو بايدن، في أجواء حرب أوكرانيا والتهديد الروسي للأمن الجَماعي الأوروبي، وتصاعد التوتر بين الغرب والصين.
من نوعية المقررات التي صدرت يمكن فهم خطورة ودقة الموقف الدولي الجلل.

أولا : أعلن الناتو دعماً غير محدودٍ في الزمان والمكان لأوكرانيا على الصعيد العسكري والأمني والاستراتيجي، حيث كانت في هذا الاطار للرئيس الأوكراني فولوديمير زلنسكي مداخلة وصفت بالحادة حضّ فيها الرئيس الأوكراني نظراءه الغربيين على عدم التواصل بعد اليوم مع الرئيس فلاديمير بوتين، محذراً من أن التهديد لا يطال فقط أوكرانيا بل أوروبا قاطبة والقيم الغربية، وأن خطر القوة العسكرية الروسية قد يصل الى دول الحلف،
وقد علّق المراقبون على كلمة الرئيس الأوكراني بالإشارة الى الأخطار التي تتهدد الدول المحاذية لروسيا كمثل ليتوانيا ومولدافيا وبولونيا وسواها.

  • ثانياً : أقرّ الحلف طلبي إنضمام كل من فنلندا والسويد الى الحلف في نسختيهما النهائيتين، ودعوة البلدين رسمياً للإنضمام الى الحلف بعدما أبرمت الدولتان الإسكندنافيتان إتفاقيات مع تركيا لرفع اعتراضها على عضويتهما بسبب المسألة الكردية.
    وقد احتجت موسكو على هذه الخطوة التي اعتبرتها تطوراً خطيراً على الأمن القومي الروسي، محذّرة من تداعياتها على الوضع في أوروبا، وقد تم توقيع بروتوكولات الإنضمام رسمياً.
  • ثالثاً : أقرّ حلف الناتو استراتيجية عسكرية جديدة تشمل زيادة قواته للتدخل السريع من 40 ألف الى أكثر من 300 ألف جندي، بالتوازي مع زيادة الدعم لأوكرانيا على المديين القريب والبعيد.
    وتُعتبر خطوة زيادة القوة الرادعة ذو الجاهزية العالية بمثابة التدبير العسكري المتقدّم إستعداداً لمواجهة عسكرية وشيكة، وهذا التدبير حول زيادة عدد الجنود يُعتبر من أخطر ما يتخذه الحلف من قرارات منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، مع ما يحمله من دلالات على خطورة الوضع في أوروبا مع روسيا والصين وتصاعد المواجهة الدولية.
    حتى أن أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ اعتبر أن هذا القرار أهم إصلاح لدفاع الحلف منذ الحرب الباردة .
    وفيما اتفق على تسميتها ب” المفهوم الإستراتيجي” ، أقرّ الحلف خارطة طريق جديدة تبنّتها قمة الحلف في مدريد، وهي تشير لأول مرة بوضوح الى التحديات التي تمثلها الصين لقيم دول الحلف ومصالحها وأمنها.
  • رابعاً : اعتبار قادة حلف الناتو أن الصين تتحدى مصالح دول الحلف وأمنها يشبه اصطفافاً أطلسياً عسكرياً كاملاً في مواجهة الخطرين الروسي والصيني، وقد صرّح أمين عام الحلف أن الحلف يواجه أكبر تحدٍ له منذ الحرب العالمية الثانية، معتبراً أن روسيا كانت شريكاً خارجياً في المفهوم الاستراتيجي لعام 2010، بينما الآن أصبحت ” خطراً مباشراً ” على دول الحلف وأوروبا.
  • خامساً : الرئيس الأميركي جو بايدن الذي حضر قمة الحلف، أعلن تعزيز واشنطن لوجودها العسكري براً وبحراً وجواً في كل أنحاء أوروبا، قائلاً إن تعزيز الوجود العسكري الأميركي هدفه الرد على التهديدات الآتية من الإتجاهات كافة وفي كل المجالات براً وبحراً وجواً.
    وحدّد بايدن الدول التي سيتم تعزيز الوجود العسكري الأميركي فيها : إسبانيا وبولندا ورومانيا ودول البلطيق وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا.
  • سادساً : مالياً، قرّر الحلف زيادة نسبة مشاركات الدول الأعضاء والتي كانت 2% من إجمالي الناتج المحلي لكل دولة عضو في الحلف، بعدما كانت تلك الدول قد تعهّدت في العام 2014 بزيادة نسبة مشاركتها في الميزانية الدفاعية بحلول العام 2024، لكن من أصل 30 دولة فقط 8 دول حقّقت الهدف أو تجاوزته بحلول العام 2021، ومع زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا باتت دول الحلف مضطرة للزيادة في ميزانياتها على الوجه المرسوم سابقاً، علماً أن نسبة ال2% هي الحد الأدنى للمساهمات وليست الحد الأقصى، كما عاد رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون وأقرّ أمام نظرائه في القمة، علماً أن لندن قدّمت لكييف، منذ اندلاع الحرب الروسية، دعماً عسكرياً ضخماً بلغ 1.3 مليار جنيه إسترليني.

قمة الناتو في مدريد يمكن وصفها بالتاريخية، وقد رسمت معالم المرحلة الدولية المقبلة وأكملت الإستعدادات لمواجهة كل الأخطار الاستراتيجية التي تحدِق بالمعسكر الغربي وامتداداته الإقليمية على أكثر من محور، كما أطلقت شرارة التعبئة العامة في مواجهة روسيا في أوكرانيا وأوروبا، ما يشي بتصعيد خطير للنزاع قد يتعدى حدود أوكرانيا، في وقت قرّر فيه الأميركيون، ليس العودة الى ساحات المواجهة مباشرة فقط، بل والبقاء فيها وتعزيز وجودهم .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: