لفت الكاتب والمحلل السياسي جورج ابو صعب الى ان الازمة المستجدة بين أوكرانيا وروسيا، ازمة شائكة وملف لم يولد اليوم بل ان تداعياته واسبابه تعود الى سنوات ماضية، مشيرا الى لهذا الصراع خلفيات كثيرة خصوصا لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ومنذ الايام الاولى لحكمه يحلم باستعادة امجاد الامبراطورية السوفياتية، وذلك من اجل اعادة بسط السيطرة والنفوذ، اضافة الى ضم الدول، التي كانت ضمن الفلك السوفياتي.واشار في حديث عبر LebTalks الى انه عند تم توحيد "الالمانيتين" كان الرئيس بوتين من المعارضين لهذا الامر ، وهذه الخطوة كانت مبنية على اتفاق انه بعد هذا التوحيد لن يتقدم الغرب قيد انملة شرقا باتجاه روسيا، ولذلك اعتبر الرئيس بوتين انه تم خرق هذا الاتفاق، وان دول الناتو توسعوا الى حدود روسيا وهم كانوا على قاب قوسين او ادنى من ضم اوكرانيا الى حلف الناتو ما يشكل تهديدا مباشرا لروسيا، خصوصا وان الرئيس بوتين يعتبر ان انهيار الاتحاد السوفياتي كان اسوأ كارثة جيوسياسية في القرن الماضي.وتابع: وانطلاقا مما تقدم، يعتبر الرئيس بوتين انه لم يعد لديه اي خيار سوى اللجوء الى التشدد والقوة، في وقت ان الغرب استخف جدا في قدرة روسيا على المواجهة، ومن هنا يرمي بوتين مسؤولية التصعيد على الغرب بفعل اقتراب هذا الغرب من الحدود الروسية، وعليه لم يخف بوتين رغبته في العودة الى اتفاق يالطا غداة الحرب العالمية الثانية.واكد بو صعب ان الرئيس الروسي يستند في تصعيده الى معطيات ثلاثة:
- واشنطن والاوروبيين سمحوا له وان بطريقة غير مباشرة التدخل العسكري في اوكرانيا بعدما اعلنوا انهم لم يتدخلوا بتورط عسكري مباشر لمساعدة الاوكرانيين او للدفاع عنهم.٢- رغبة فرنسا والمانيا في استمرار الاتكال على الغاز الروسي خلافا للاميركيين والدول الاوروبية الاخرى.
- رغبة فرنسا والمانيا في استمرار الاتكال على الغاز الروسي خلافا للاميركيين والدول الاوروبية الاخرى.
- ضعف المعسكر الغربي سواء لناحية ادارة الرئيس جو بايدن التي تجنح نحو التراجع والانسحاب من مناطق اساسية في العالم ومنها منطقة الشرق الاوسط، او بفعل انقسام الاوروبيين حول كيفية التعاطي مع موسكو وكيفية التعاطي مع المعسكر الشرقي.
وعليه يستغل الرئيس بوتين هذا الضعف مراهنا على ان الغرب لن يتورط معه بشكل مباشر، اضافة الى استغلاله حاجة اوروبا الى الغاز الروسي خاصة بعد فشل محاولات استبداله بالغاز القطري او اي مصدر آخر للغاز. ومن هنا يعتبر بوتين ان هذا الضعف الاوروبي هو مصدر مهم له لتصفية حساباته مع اوكرانيا وتحييد خطرها على موسكو.وشدد بو صعب على ان تاريخ بوتين في هكذا صراعات يعزز امكانية لجوئه الى التصعيد مع اوكرانيا، خصوصا عندما اجتاح جورجيا والشيشان وجزيرة القرم، الا ان اي عمل عسكري في اوكرانيا سيكون ذات كلفة عالية، بحسب ما تعتبر فرنسا، لافتا الى ان اقرار الرئيس بايدن بعدم رغبته في التدخل في الشؤون الاوكرانية يرى فيه المراقبون الغربيون امكانية استغلاله وتحوله الى فخ يقع فيه الرئيس بوتين لاعتباره ان الطريق معبدة له لدخول اوكرانيا، وبالتالي ينغمس في هذه الوحول من شأنه ان يضعف بوتين والقضاء على مكامن قوته وتأثيراته على السياسات الاقليمية.هذا في الشأن الدولي، اما في ما يتعلق بتداعيات الازمة على الساحة العربية ومنطقة الشرق الأوسط اعتبر بو صعب ان هذا الامر ينطوي على ٤ ملاحظات: ١- الدول الخليجية غير مستعدة لمساعدة الغرب الى جانب اوكرانيا لان لديها مصالح مع الشرق لا يمكن تجاهلها.٢- التشدد والتوتر بين روسيا والغرب سينعكس اذا تفاقم على ملفات المنطقة لا سيما في مناطق النفوذ المشترك٣- ايران التي تسعى واشنطن الى سحبها من بين يدي الروس والصين، فهي ستقف الى جانب موسكو لمزيد من الضغط على الاميركيين ان في الملف النووي او بملف تدخل ايران في المنطقة العربية.٤- اي تقارب صيني روسي سينعكس مزيدا من العرقلة لحلفاء واشنطن في المنطقة.ولفت الى انه من تداعيات اي هجوم روسي على اوكرانيا ان تقدم الصين على الهجوم على تايوان، فاذا حصل ذلك هذا يكون مؤشرا خطيرا وهاما جدا لناحية بدء رسم معالم نظام عالمي جديد على أنقاض الضعف والارتباك الغربي.