"طيور الأسد" جزءٌ من المخابرات السورية

bachar

كشفت وثائق استخباراتية سرية عن المدى المرعب الذي بلغته "دولة المراقبة الأمنية" التي طبقها رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد.

وكشفت صحيفة "صنداي تايمز" عن آلاف الملفات، المكتوبة بأقلام حبر أو مطبوعة باللغة العربية الفصحى، والتي أظهرت الطريقة التي تسلل بها النظام إلى المتظاهرين منذ بدء حراك العام 2011.

وتكشف هذه الملفات تفاصيل عن الشبكة الواسعة من المخبرين الذين كانوا يقدمون التقارير إلى النظام، كما تظهر الطريقة التي تعمل بها أجهزة الأمن السورية وشكها المستمر في أن جواسيسها هم عملاء مزدوجون.

في هذا الشهر، حصلت صحيفة "صنداي تايمز" على إذن بالدخول إلى 4 قواعد استخباراتية في مدينة حمص، المعروفة بعاصمة الثورة، من قبل مقاتلين من هيئة تحرير الشام.

على مدار يومين، حللت الصحيفة وثائق تتعلق بالطريقة التي أرغم بها النظام الناس وأقنعهم بإدانة أصدقائهم وأقاربهم وجيرانهم.

وسُمح للصحيفة بالبحث في الوثائق ونسخها ونشرها بشرط تغيير الأسماء والتواريخ والمواقع المحددة، حتى لا تضر بمحاولات محاسبة المخبرين في المحاكم.

كان من الواضح أن أجهزة الأمن لم تكن تريد قط أن تخرج سجلاتها إلى النور. ففي اثنتين من قواعد الاستخبارات، حاول الضباط المنسحبون حرق ملفاتهم، وامتلأت غرف بأكملها بالرماد، ولكن لم يكن لديهم الوقت لحرقها كلها.

في ظل النظام، كان الناس في مختلف أنحاء سوريا يستخدمون الرموز للحديث عن المخبرين الذين يتجسسون على مواطنيهم من أجل المال أو السلطة أو لأسباب أيديولوجية، أطلق عليهم البعض اسم "الطيور".

وتظهر الوثائق كيف تعمل الطيور، حيث كان بعضهم جزءا من حركة الاحتجاج التي بدأت في عام 2011، بينما اخترقت مجموعات أخرى الجماعات المسلحة التي انتشرت بعد ذلك.

وكان منهم يبلغون عن أصدقائهم وجيرانهم وأقاربهم.

وفي مذكرة عام 2016 موجهة إلى رئيس فرع المخابرات السياسية في حمص، يشرح أحد الضباط كيف تقوم مخبرة بالتجسس على أحد أفراد عائلتها.

ويقول التقرير: "قدمت المخبرة سابقاً عدة قطع من المعلومات التي تم التحقيق فيها وثبتت صحتها، أبلغتنا بعدم قدرتها على زيارة فرعنا بسبب الخوف من كشف الأمر من قبل عائلتها، وهو ما تعتقد أنه سيعرض حياتها للخطر".

لا يتضح من الوثائق عدد الأشخاص في سوريا الذين كانوا يتجسسون لصالح أجهزة الأمن، ومع ذلك، فإن النطاق الهائل لعملياتهم يظهر من حقيقة وجود عدد كبير من المخبرين المتغلغلين في المجتمع لدرجة أنهم تجسسوا على بعضهم البعض بشكل متكرر، وفي كثير من الأحيان من دون علم.

إن صفحات الأرشيف التي قامت الصحيفة بتحليلها مليئة بالإشارات إلى السجناء الذين تم إحضارهم للاستجواب ثم تم إطلاق سراحهم بعد اكتشاف أنهم عملاء سريون لأجهزة الأمن.

متعاون خاطر بحياة أخته

إن أولئك الذين يعملون كمخبرين سريين لأجهزة الأمن يخاطرون بالموت إذا تم الكشف عنهم من قبل المعارضة المسلحة، أو تم كشفهم من الداخل.

من الواضح أن قوات المعارضة كانت تعرف هويات المخبرين إلى حد ما، فأحد التقارير الصادرة عام 2012، والتي تم تصنيفها على أنها سرية للغاية، تفصل كيف أرسل أحد المتعاونين مع النظام أخته إلى الأراضي المحاصرة للمتمردين لالتقاط سلاح من مقاتلي المعارضة الذين كانوا يوزعون الأسلحة هناك.

لم تسر الأمور وفقا للخطة. لم يسلم المتمردون أخته سلاحًا، وبدلاً من ذلك أرسلوا للمخبر رسالة نصية، تؤكد معرفتهم به.

وبحسب تقرير أمني كتب بحق المخبر: "يرجى المتابعة وتقديم معلومات مفصلة عن هوية [المخبر] المذكور أعلاه وإبلاغنا بالنتائج"، وتم توقيعه من قبل رئيس قسم الاستخبارات العسكرية.

ولكن هل سيواجه الجواسيس العدالة؟

في الوقت الحالي، لا تزال سوريا تعاني من انهيار نظام الأسد، ولم يتضح بعد ما الذي سيحدث في الفترة المقبلة.

وتحدث مسؤولون في هيئة تحرير الشام وحلفاؤهم السياسيون عن تقديم أولئك الذين ارتكبوا جرائم النظام إلى العدالة في المحكمة.

في مقابلة أجريت هذا الشهر في قصر المحافظ في منطقة طرطوس الساحلية، قال أنس عيروط، المحافظ الموقت التابع لهيئة تحرير الشام، لصحيفة صنداي تايمز إن شخصيات بارزة في النظام "ستُحاسب".

وقال: "لكننا لن نقدم أي شخص في المحكمة من دون أدلة ملموسة".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: