كتب أحمد إبراهيم:
منذ وقوع الانقسام الفلسطيني الداخلي، جرت مبادرات واجتماعات وجهود؛ بعضها برعاية عربية وأخرى برعاية دولية، وقد أسفر بعضها بالفعل عن اتفاق ، مثل اتفاق مكة (2007)، واتفاق القاهرة (2011 )، وإعلان الدوحة (2012)، وإعلان الشاطئ (2014) واتفاق القاهرة 2 (اتفاق التمكين)- (2017)، وتفاهمات إسطنبول (2020).
وتم تطبيق بعضها بشكل جزئي ومؤقت، لدرجة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في العام 2007 وحكومة الوفاق الوطني في العام 2014، إضافة إلى عقد الإطار القيادي المؤقت اجتماعين بعد اتفاق القاهرة 2011، وعقد اجتماع الأمناء العامين في العام 2020.
في المقابل، لم تفض اجتماعات أخرى لإنهاء الانقسام إلى اتفاق، على الرغم من صدور بيانات عن بعضها، مثل اجتماع صنعاء (2008)، ولقاء موسكو (2019)، واجتماع الجزائر (2021)، واجتماع العَلَمين في مصر (2023)، ولقاء بكين 1 (نيسان 2024).
وخلال الاجتماع الأخير اتضح للجميع غياب قيادات حركة حماس “المسؤولة” و “العليا” عن حضور اجتماعات المصالحة في الصين ، رغم أن السلطة الوطنية الفلسطينية وكذلك حركة فتح وضعتا كل اهتمامهم وهدفهم لإنجاح المحادثات الفصائلية الأخيرة الحاصلة في العاصمة الصينية بكين .
وفي حديث مع مصدر عربي مسؤول في لندن ، أبلغ أن الرئيس محمود عباس وعدد من كبار القيادات الفلسطينية تابعا عن كثب مسار هذه المحادثات ، وكان الرئيس بنفسة معنيا بحضور هذه القمة لعدة أسباب ومنها : رفع المعاناة عن أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، والتكالب والوحدة من أجل تحقيق المصالحة الوطنية لتكون سالة حاسمه لإسرائيل.
غير أن القيادات الفلسطينية حسب المصدر، فوجئت بأن حركة حماس أرسلت بعض من قياداتها دون حضور رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية الذي تخلف عن الحضور ، وهو يمثل رسالة سياسية واضحة بعدم الجدية لإنقاذ الحوار الوطني والعمل على إنجاحه.
واكد المصدر أن بعض من الحكومات الغربية ومنها بريطانيا وحتى بعض من الجهات الأميركية تابعت أيضا مسار هذه المحادثات، ووضعت لها أيضا ورقة تقدير موقف لبحث مدى جدية حركة حماس تحديدا في تحقيق المصالحة ، خاصة عقب انتهاء الحرب على غزة ، في ظل الدعم المنتظر الذي تنوي الكثير من الدول تقديمه للسلطة الفلسطينية من أجل إعادة إعمار غزة، وهو ما يجب أن يتم في ظل وحدة فلسطينية كاملة وشاملة تحقق الهدف المنشود وهو الارتقاء بصالح ومصلحة المواطن الفلسطيني.
عموما وفي ذروة كل هذا هناك بعض من الحقائق الاستراتيجية المهمة ، ومنها : أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها الاتفاق على المصالحة والقيام بها .
ثانيا أن هناك تساؤلات بخصوص الموقف الإقليمي العربي من هذه القمة التصالحية…وعلى سبيل المثال : ما هو موقف مصر منها؟ ما هو موقف الإمارات؟ ما هو موقف السعودية؟ وماذا عن موقف الجزائر التي توسم البعض حصول الخير الوفير والكثير مع محاولاتها لإقرار المصالحة الفلسطينية خلال الآونة الأخيرة.
ومع كل هذا بات من الواضح أن هذه المصالحة تمت في ظل أجواء جنونية من التصعيد ، ووصل الأمر إلى تدمير مرافق المعبر الحدودي في منطقة رفح الفلسطينية ، فضلا عن تدمير القطاع ومؤسساته المتعددة.
عموما من المفترض القول حاليا بأن هذه المصالحة تتواصل استراتيجيا في ظل أجواء صعبة ، وهي الأجواء التي لا تنتهي الآن.
ووصف القيادي في حركة حماس حسام بدران، الثلاثاء، “إعلان بكين” بأنه “خطوة إيجابية” إضافية على طريق تحقيق الوحدة الوطنية، وتأتي أهميته من حيث المكان والدولة المضيفة، بوزن الصين الدولي وموقفها الثابت الداعم للقضية الفلسطينية.
وأعرب بدران، وهو رئيس مكتب العلاقات الوطنية وعضو المكتب السياسي في الحركة، في تصريح صحفي، عن تقديره العالي للجهود الكبيرة التي بذلتها الصين للتوصل إلى هذا الإعلان، وتحركها في هذا المسار للمرة الأولى “بثقلها ومكانتها”.
وشدد على “حاجة الفلسطينيين لمواجهة سياسة التفرّد التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية فيما يخص القضية الفلسطينية”، مشيرا إلى “وقوف الإدارة الأمريكية ضد أي توافق وطني فلسطيني داخلي، وانحيازها تمامًا بل وشراكتها للاحتلال (الإسرائيلي) في جرائمه ضد شعبنا”.
وأضاف بدران أن “هذا الإعلان يأتي في توقيت مهم حيث يتعرض فيه الشعب الفلسطيني لحرب إبادة خاصة في قطاع غزة”.
ولفت إلى أن “البيان الرسمي الذي وقعته الفصائل في العاصمة الصينية بكين، “واضح المضامين، وليس هو ما يتم نشره وتداوله منذ أمس”.