مجهرُ التحوّلات الجيو سياسية المقبلة في المنطقة… في سطور

ba6d587f-ec12-4778-9164-60b1a264cd23

في تحليل أولي للمعطيات والمعلومات المتوافرة، يمكن القول إن المنطقة واعتباراً من الأسابيع القليلة الأخيرة، بدأت تدخل مرحلة جديدة حاسمةً وحازمةً ستكون لها تداعياتها على كل من قطاع غزة ولبنان وسوريا والعراق انطلاقاً من جملة اعتباراتٍ يمكن تلخيص أهمها كالآتي:

1- القرار المتّخَذ أميركياً وعربياً وخليجياً وأوروبياً بإنهاء الميليشيات الإيرانية بدءاً من حماس والجهاد الإسلامي، مروراً بحزب الله الذي ينتظر نصيبه حيث سينتهي سلاحه مع الحفاظ على دور سياسي مستقبلي له في التركيبة اللبنانية تحت رعاية دول المنطقة، بعيداً عن الصواريخ وشعار التحرير الممجوج الذي أثبتَ عقمَ المحور الممانع نفسه عن تحقيقه.

2- "إسرائيل نتنياهو" واليمين الصهيوني المتطرّف الى زوال لتَرثَ حكومة يسارية جديدة ومعتدِلة تفتحُ أبواب السلام والإقرار بحلّ الدولتَين، وهنا نرى أن إسرائيل ستصل الى مرحلة تصبح فيها مجبَرة على إعطاء الفلسطينيين حقوقهم ومساعدة حكومة فلسطينية جديدة وسلطة فلسطينية يُعاد تشكيلها مع العودة الى حدود ما قبل 1967.

3- انفضاح كل من النظامَين السوري والإيراني معاً المتاجرَين بالقضية الفلسطينية حيث، وفي وقت الشدائد هربا الى الأمام بالسكوت واﻻمتناع عن دعم "طوفان الأقصى" وحماس والجهاد الإسلامي.

4- مفهوم اﻻنتصار لدى محور المقاومة مفهومٌ بات سراباً ﻻ يمتّ الى الواقع بصلةٍ، فإن كان ثمة انتصار تحقّق فهو معنوي ليس إﻻ، ويتمثّل بهزّ صورة الكيان الإسرائيلي عالمياً وإظهار وحشيته، أما ما عدا ذلك فإن دُعاة اﻻنتصار لا يقيمون أي وزن لعشرات الآف القتلى والجرحى والمعوّقين ونيف ومليون نازح فلسطيني وتدمير كامل لقطاع غزة … فهنيئاً بمثل هذا اﻻنتصار …

5- هناك تفاهمٌ بين الولايات المتحدة وإسرائيل والدول العربية الخليجية الحليفة والأوروبيين على التخلّص من الميليشيات الإيرانية في المنطقة والإبقاء على نظام إيران داخلها فقط وإنهاء العربدات اإيرانية، سواء من حزب الله أو من الحوثيين أو من الحشد العراقي والتوابع (فاطميون وزينبيون … الخ)، فالمعركة المقبلة بعد غزة ستكون في لبنان وصولاً الى سوريا.

6- الشرق الأوسط الجديد على طريق الوﻻدة لربط طريق الحرير الصيني أو الهندي وفتح "قناة داوود"، ما يتطلّب إعادة رسم خرائط سياسية وخلط أوراق جديدة، فمنذ يومين قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن الحوثي إرهابي هو وحزب الله والميليشيات الإيرانية التي اعتدت على القاعدة الأميركية في البرج ٢٢ مؤخراً في الأردن، وقد أفهم الأميركيون إيران بأنها هي أيضاً على قائمة الإرهاب، وفي مرمى القصف المباشر إن اقتضى تأنيب النظام الإيراني على ذلك.

7 - العراق مقبلٌ على تغيير كبير باتجاه إنهاء دور الميليشيات الإيرانية وتأثير إيران، وقد أدركت واشنطن أن مصلحتها الحيوية واﻻستراتيجية في مواجهة المدّ الصيني اﻻقتصادي وخط الحرير تكمنُ في إقامة "السدّ الشرق أوسطي" المنيع في وجهها وتعزيز خطط الممرّ الهندي الموازي لخط الحرير الصيني والمنافس.

8- النظام الإيراني مدركٌ تمام الإدراك أن مصيره قد يُصبحُ في مهب الريح، وبالتالي مكتسباته الاستراتيجية والاقتصادية والمالية والسياسية والجيو سياسية في حال واجهَ الأميركي والإسرائيلي، ولذلك فإن البيع والشراء قائمان، وحتى على حساب ميليشياتها التي أثبتت أن وجودها ليس لتحرير القدس ودحر إسرائيل، بل فقط لخدمة الأجندة الإيرانية لولاية الفقيه.

9- واشنطن تريد من إيران دوراً مهماً في شرق آسيا وبخاصة في باكستان، وبالتالي طالما أن النظام الإيراني يقرأ جيداً في الكتاب الأميركي سيبقى وسيمتصّ تقليص أدواره في غرب آسيا أي الشرق الأوسط، وهنا كل استراتيجية الديمقراطيين الذين لا يريدون الى الآن إسقاط النظام الإيراني، لكن بشرط أن لا يتمرّد هذا النظام عليها ولا على إسرائيل

10- في واشنطن قانون جديد بدأ يشهد النور ألا وهو قانون منع التطبيع مع نظام بشار الأسد، وقد أقرّه مجلس النواب الأميركي، وسيُحال على مجلس الشيوخ، علماً أن كلاً من الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس النواب وافقوا عليه، ما يعني أن مجلس الشيوخ المسيطَر عليه ديمقراطياً لن يرفضه، بل إن اقتضى الأمر سوف يُدخِل عليه بعض التعديلات ليُحال من ثمّ الى طاولة الرئيس جو بايدن لتوقيعه وإصداره الأمر الذي يعني أن العام الحالي لن ينقضي من دون أن يكون الخناق قد ضاق على بشار الأسد ونظامه في ظل تراجع ثقة إيران به بعد الشكوك حول الخرق الاستخباري لجماعاته لصالح إسرائيل.

11- ترتسمُ في أوكرانيا معالم طاولة تفاوض روسي- أوكراني دولي لحل الأزمة بين البلدين، وسقوط أفديفكا بداية غيث المنحنى التفاوضي لا سيما وأن البيت الأبيض والديمقراطيين لم يعد بإمكانهم استمرار تأمين الدعم السخي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي هرعَ الى الأوروبيين لمحاولة سدّ النقص الأميركي في الذخيرة والسلاح في سباقٍ مع الوقت قبل عودة الجمهوريين، وتحديداً الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض إن حصل، حيث تُدرك القيادة الأوكرانية تداعيات تلك العودة على موازين القوى لصالح موسكو والرئيس فلاديمير بوتين شخصياً،
وبالتالي اذا استشعر الرئيس الروسي بقرب تحقيق فوزه السياسي في أوكرانيا وكسبه ضم الدونباس ودونتسك لروسيا الى جانب جزيرة القرم، فإنه قد يتخلّى ولو جزءياً عن اهتمامه بسوريا وبحماية نظام بشار الأسد، في وقت لم تعد إسرائيل تهتمّ لبقاء نظام الأسد بعدما خرقَ مع الإيرانيين قواعد الاشتباك التي دامت زُهاء أربعين عاماً ونيف في الجولان الذي بات منطقة تهديد مباشر لأمنها.

المنطقةُ على أبواب تحوّلات جذرية … طريقها مسافة العام 2024 …

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: