Search
Close this search box.

مفاوضات حاسمة قبل انتهاء مهلة الانسحاب من الانتخابات الفرنسية

lupin

ستُحدّد في فرنسا بحلول مساء اليوم الثلثاء أسماء المرشّحين للجولة الثانية من الانتخابات التشريعية بعد انسحاب العشرات من مرشّحي اليسار كما اليمين لمحاولة منع وصول اليمين المتطرّف إلى السلطة على الرغم من انقسامات عدة.

وانسحب مساء الإثنين 155 مرشّحاً من اليسار ومعسكر الرئيس إيمانويل ماكرون مؤهلين لخوض الجولة الثانية من السباق الانتخابي الأحد.

ولا يزال الانسحاب ممكناً حتى الرابعة من بعد ظهر اليوم بتوقيت غرينتش لمصلحة منافس من حزب سياسي آخر، على أمل الحيلولة من دون فوز مرشّحي اليمين المتطرّف.

والهدف من سلسلة الانسحابات هذه هو تشكيل “جبهة جمهورية” لمواجهة حزب “التجمّع الوطني” برئاسة جوردان بارديلا (28 عاماً) الذي تصدّر حزبه الجولة الأولى من الانتخابات بفارق كبير.

وفي حال أصبح بارديلا رئيساً للحكومة، ستكون هذه أول مرّة تقود فيها حكومة منبثقة من اليمين المتطرّف فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.

وبعد ثلاثة أسابيع من الزلزال السياسي الذي أحدثه ماكرون بإعلانه حلّ الجمعية الوطنية، صوّت الفرنسيون بكثافة الأحد في الجولة الأولى من الانتخابات التي تثير نتائجها ترقّباً كبيراً في الخارج.

وحلّ “التجمّع الوطني” (يمين متطرّف) وحلفاؤه في طليعة نتائج الجولة الأولى من الاقتراع، بنيله 33,14% من الأصوات (10,6 مليون صوت). وانتُخب 39 نائباً عن هذا الحزب في الجولة الأولى.

وبذلك، تقدّم على الجبهة الشعبية الجديدة التي تضم اليسار (27,99 في المئة)، في ما جاء معسكر ماكرون في المرتبة الثالثة بفارق كبير (20,8 في المئة).

وطالب اليمين المتطرّف الفرنسيين بمنحه غالبية مطلقة في الجولة الثانية. وقال رئيسه الشاب إنّ الجولة الثانية ستكون “واحدة من الأكثر حسمًا في مجمل تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة” التي تأسست في العام 1958.

من جهّتها، أشارت زعيمة اليمين المتطرّف الفرنسي مارين لوبن إلى “أنّنا نحن بحاجة إلى غالبية مطلقة”. وترأس لوبن كتلة نواب “التجمّع الوطني” في البرلمان الفرنسي وانتُخبت من الجولة الأولى في الشمال.

وأسّس والدها جان – ماري لوبن في العام 1972 مع عنصرين سابقين في قواّت الأمن الخاصّة النازية، الجبهة الوطنية التي أطلق عليها اسم “التجمّع الوطني” في العام 2018.

وأُدين لوبن الذي كان يركّز خطابه على الهجرة واليهود، مرّات عدّة بسبب تجاوزاته، وخصوصاً بعدما وصف غرف الغاز بأنّها “مجرد تفصيل في التاريخ”.

سيناريوهات عدّة

وفي ظلّ حيرة وغموض على كل الجبهات، هناك سيناريوهات عدّة مطروحة.

ومع تراجع احتمال قيام “الجبهة الجمهورية” التي كانت تتشكّل تقليدياً في الماضي بمواجهة “التجمّع الوطني” في فرنسا، بات من المطروح أن يحصل حزب جوردان بارديلا ومارين لوبن على أغلبية نسبية قوية أو حتى أغلبية مطلقة الأحد المقبل.

غير أنّ سيناريو قيام جمعية وطنية معطّلة من دون إمكانية تشكيل تحالفات تحظى بالغالبية بين الكتل الثلاث الرئيسية، يبقى ماثلاً أيضاً، وهو سيناريو من شأنه أن يغرق فرنسا في المجهول.

في مطلق الأحوال، خسر ماكرون رهانه على حلّ الجمعية الوطنية بعد هزيمة كتلته في الانتخابات الأوروبية التي جرت في التاسع من حزيران.

ومن المحتمل أن تُنتج الانتخابات التشريعية تعايشاً غير مسبوق بين رئيس مناصر للاتحاد الأوروبي وحكومة معادية له، الأمر الذي يمكن أن يطلق شرارة خلافات بشأن صلاحيات رئيسي السلطة التنفيذية، وخصوصاً في مسائل الدبلوماسية والدفاع.

وفي السياق، حذّر رئيس الحكومة غابريال أتال من أنّ “اليمين المتطرّف بات على أبواب السلطة”، داعياً إلى “منع التجمّع الوطني من الحصول على أغلبية مطلقة”.

كذلك، أكّد العضو اليساري في البرلمان الأوروبي رفاييل غلوكسمان أنّ “أمامنا سبعة أيام لتجنّب كارثة في فرنسا”، داعياً إلى انسحاب جميع المرشّحين الذين حلّوا في المرتبة الثالثة.

لكن حليفه حزب “فرنسا الأبيّة” يرى أن هذه القاعدة لن تُطبّق إلّا في الدوائر التي حلّ فيها مرشّحو “التجمّع الوطني” في المرتبة الأولى بحسب رئيس كتلة اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون.

أمّا في المعسكر الرئاسي، فالخط لا يزال غير واضح. ففي اجتماع لحكومته الاثنين، لم يصدر ماكرون تعليمات واضحة، حسبما أفادت مصادر وزارية عدّة.

لكن أحد المشاركين في الاجتماع قال إن الرئيس أكّد  ضرورة “عدم ذهاب أي صوت لليمين المتطرّف” وذكّر بأن اليسار دعمه مرّتين في 2017 ثمّ في 2022 ليصبح رئيساً.

ولم يُدل الرئيس الفرنسي بأي بتصريحات علنية الإثنين.

وأعلن مرشّحي معسكره بقاءهم في الجولة الثانية. لكن تُبدي أغلبية المرشّحين المنسحبين تردداً حين يتعلّق الأمر بدعم مرشّحي ” فرنسا الأبية ”  خصوصاً أن حزب ميلانشون متهم بمعاداة السامية. ووصفه مسؤول نقابي بارز بأنه “الأحمق المفيد لجميع أولئك الذين لا يريدون التنحي”.

وتراقب العديد من العواصم الأزمة السياسية في فرنسا.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن “ألمانيا وفرنسا تتحمّلان مسؤولية خاصّة تجاه أوروبا المشتركة … ولا يمكن لأحد أن يظل غير مبالٍ”.

من جهّته، اعتبر رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن نتائج الجولة الأولى من هذه الانتخابات تعكس “اتّجاهاً خطيراً” تسلكه فرنسا وأوروبا.

وأعلنت موسكو أنّها تتابع “من كثب الانتخابات في فرنسا”، في ما أكّدت واشنطن أنّها “تعتزم مواصلة تعاونها الوثيق مع الحكومة الفرنسية حول مجمل أولويات السياسة الخارجية”.

وأشاد آخرون بالنتيجة التي حقّقها اليمين المتطرّف الفرنسي، على غرار رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني التي اعتبرت أن “شيطنة” اليمين المتطرّف لم تعد مجدية.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: