تواجه الحكومة الفرنسية الجديدة برئاسة اليميني ميشال بارنييه، اليوم الثلثاء، أول مذكرة بحجب الثقة عنها في البرلمان قدّمها اليسار، غير أنّه من المتوقع أن تتخطى هذا الاختبار على الرغم من أنّها لا تحظى بغالبية في الجمعية الوطنية، إذ يرفض أقصى اليمين دعم مذكرة حجب الثقة.
وبعد شهر على إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون عن تكليفه تشكيل الحكومة، يواجه بارنييه (73 عاماً) مذكرة بحجب الثقة يدعمها تكتل الجبهة الشعبية الجديدة المؤلف من الاشتراكيين والبيئيين واليسار الراديكالي.
وتصدّر هذا الائتلاف نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها ماكرون الصيف الماضي، من دون أن يحصل على غالبية مطلقة.
وتتهم الجبهة منذ ذلك الحين الرئيس بعدم منحها فرصة لتشكيل حكومة، إذ فضل ماكرون الدفع باتجاه ائتلاف حكومي يمينيّ التوجه.
ويؤكد نواب تكتل الجبهة الشعبية الجديدة الـ192 الذين قدموا المذكرة بأنّ حكومة بارنييه “هي من حيث تركيبتها وتوجهاتها، إنكار لنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة”.
لكن من المستبعد أن ينجح اليسار في جمع الأصوات الـ289 المطلوبة لتحقيق غالبية مطلقة تسمح له بالإطاحة بالحكومة في الجمعية الوطنية، وهو ما يعتبر بالغ الندرة في فرنسا، وقد تحقق آخر مرة العام 1962.
وما يضعف فرص المذكرة أنّ التجمع الوطني (أقصى اليمين) الذي يحظى بأكبر كتلة لحزب منفرداً بحصوله على 126 مقعداً، أبلغ أنه لن يساند هذه المبادرة.
وقالت النائبة عن التجمع الوطني لور لافاليت الأسبوع الماضي ساخرةً: “أعتقد أنّ الوضع خطير بما يكفي كما هو حتى لا نقدم على حجب الثقة عن هذه الحكومة”، مضيفةً أنّ حزبها يعتزم “منح فرصة” للفريق الحكومي الجديد.
وبذلك يدشّن حزبها موقعه الجديد في الجمعية الوطنية كحَكَم قادر إلى حدّ ما على صنع الحكومات وإسقاطها.
ومن المحتمل أن يصوّت بعض ممثلي المعسكر الرئاسي لصالح حجب الثقة، لكن من غير أن يرجحوا الكفة. ويعتزم البعض من خلال مثل هذه الخطوة معاقبة حكومة تميل أكثر مما يرغبون إلى اليمين في ما يتعلق بمسألتي الضرائب والهجرة.
ويعارض البعض بارنييه في عزمه على زيادة الضرائب بصورة مؤقتة على الشركات الأعلى أرباحاً والفرنسيين الأكثر ثراء، في حين أن مستوى الضرائب حالياً في فرنسا يعتبر من الأعلى بين دول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
وسيمثل هذا المجهود “الاستثنائي” ثلث مقدار خفض الديون الذي تعتزم الحكومة الجديدة تحقيقه، على أن يأتي “الثلثان” المتبقيان من تخفيض في النفقات العامة، ما يثير هذه المرة غضب اليسار.
وتعتزم حكومة بارنييه تقليص العجز في الميزانية العامة تدريجياً، في وقت تشير فيه التوقعات إلى أنّه قد يتخطى هذه السنة 6% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يزيد بكثير عن سقف 3% الذي يحدده الاتحاد الأوروبي.
وقال بارنييه الثلثاء الماضي أمام الجمعية الوطنية مبرراً قراره إنّ “السيف الحقيقي المسلّط على رؤوسنا هو دَيننا المالي الهائل” محذراً من أنّه “إذا لم نتببه للأمر، فسوف يقود بلادنا إلى شفير الهاوية”.
وعلى صعيد آخر، أعلن عن تشديد سياسات الهجرة والاندماج، معتبراً أنّها غير مضبوطة حالياً “بصورة مرضية”، وهو ما يندرج في صلب برنامج أقصى اليمين المتطرف الفرنسي ويحظى بتأييد قاعدته الانتخابية المتنامية.
من جانبه، حاول وزير المال الفرنسي الجديد أنطوان أرمان إقناع نظرائه الأوروبيين بجدية باريس المالية خلال اجتماع في لوكسمبورغ.
والهدف المعلن للحكومة هو خفض العجز من 6.1% هذه السنة إلى 5% السنة المقبلة، وصولاً إلى ما دون 3% بحلول 2029، بتأخير سنتين عمّا وعدت به الحكومة السابقة.
وتخطت نسبة الفائدة على قروض فرنسا لعشر سنوات في نهاية أيلول نسبة إسبانيا في سوق الديون، في سابقة منذ حوالي 18 عاماً.