نزع سلاح "الحزب" شرط التهدئة

hezb-2-ramujff5yp3mk6fyrwjld46bb2qm4m41e76uphtvz4

تتصاعد التحرّكات الإسرائيلية على أكثر من جبهة إقليمية، مع تصعيد عسكري وتهديدات بضربات استباقية وإعلانات عن إنشاء مناطق أمنية تتجاوز الحدود المعترف بها، ما يفتح باب التساؤل حول طبيعة الاستراتيجية التي تعتمدها تل أبيب في هذه المرحلة الحساسة.

بين خطاب أمني يقدّم هذه الإجراءات كوسائل وقائية لحماية الداخل الإسرائيلي، ورؤية فلسطينية تعتبرها امتدادًا لعقيدة توسعية، يظهر جدل حول مفاهيم الأمن والحدود والاستقرار. هذا النقاش انعكس في تصريحات كل من المحاضر في أكاديمية الجليل الغربي موشيه إلعاد، والمتحدث باسم حركة فتح إياد أبو زنيط، حيث قدم كل طرف تفسيره الخاص للمشهد الإقليمي.

الأمن قبل الحدود.. منطق "المنع الاستباقي"

في قراءة أمنية، اعتبر موشيه إلعاد أن تحركات إسرائيل في غزة ولبنان وسوريا بعد هجوم "7 أكتوبر" لا تنطلق من نزعة توسعية، بل من مبدأ منع تكرار ما يصفه بـ"المجزرة" التي تهدد أمن المواطنين.

وأشار إلى أن الحدود مسألة متحركة تتبدل بحسب مستوى الخطر، موضحًا: "لا وجود لحدود دائمة ما دام هناك إرهاب وخطر على إسرائيل". وربط بين الإجراءات العسكرية الإسرائيلية ومستوى الاستقرار على الجانب الآخر من الحدود، مقارنةً مع حدود مصر والأردن، حيث يُحترم الأمن بسبب وجود حكومات تمنع تسلل العناصر الإرهابية، على عكس جبهات أخرى تعتبر غير آمنة.

في قطاع غزة، شدد إلعاد على إنشاء "حزام أمني" لمنع تكرار أحداث "7 أكتوبر"، مؤكّدًا أن استخدام القوة مرتبط بخطر محدق وليس باتفاقيات سلام قائمة. أما في سوريا، فاعتبرها "منطقة حرب لا سلام"، مع وجود ميليشيات إرهابية متعددة قرب الحدود، مشددًا على استمرار السياسة الإسرائيلية في التدخل حيث يوجد خطر.

وفي لبنان، ركّز إلعاد على ضرورة نزع سلاح حزب الله كشرط للتهدئة، مشيرًا إلى استعداد إسرائيل لتنفيذ عملية واسعة النطاق إذا لم يبدأ الجيش اللبناني بتنفيذ هذا التوجه، مع موافقة أميركية على هذا الخيار.

إسرائيل بلا حدود.. رؤية فلسطينية

من جانبه، يرى إياد أبو زنيط أنّ إسرائيل تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي لا تحدد حدودها الجغرافية، إذ تمتد حدودها حيث تصل قوتها العسكرية. وأوضح أن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية سبق أحداث "7 أكتوبر"، وهو سياسة مستمرّة مدعومة من القادة الإسرائيليين والخرائط الرسمية.

ويركز أبو زنيط على ركيزتين أساسيتين للسياسة الإسرائيلية: التوسع الجغرافي والهندسة الديموغرافية، مستخدمًا أدوات متعددة لإدامة السيطرة، في ظل غياب موقف دولي رادع ودعم واضح من الولايات المتحدة. ويؤكد أن إسرائيل تخطئ في افتراض أن السيطرة العسكرية وحدها توفر الأمن، فهي كيان غريب جغرافيًا وديموغرافيًا عن محيطه، ولا يمكنه تحقيق الاستقرار من دون سلام فعليّ مع شعوب المنطقة.

يشبّه أبو زنيط السلوك الإسرائيلي بـ"الدولة القلعة" التي تحيط نفسها بأسوار وتعتمد القوة المطلقة، مشيرًا إلى فشل هذا النموذج تاريخيًا في بلاد الشام، واستخدام إسرائيل ذرائع الفوضى لتبرير تدخلاتها، مع تكرار تجربة توسع مشابهة لتوسع النازيين في أوروبا.

ويعتبر أبو زنيط أن إسرائيل لا ترغب في أي حوار فعلي مع الفلسطينيين، وأن هدفها الاستراتيجي هو "التهام الأرض الفلسطينية كاملة"، مؤكدًا التناقض في استخدام القوة: فهي تُستخدم ضد الفلسطينيين ولا تُستخدم ضد المستوطنين المتطرفين الذين نفذوا آلاف الاعتداءات، والذين توظفهم الحكومة الإسرائيلية كذراع ميدانية في الضفة الغربية.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: