هل من خلاف مصري- سعودي؟

B013DBBD-1284-489B-BF66-2DE2BDE51E87

في ضوء التراشق الإعلامي الأخير المؤسف بين كتّاب سعوديين ومصريين تم سحب مقالاتهم وتغريداتهم لاحقاً، برز التساؤل عما يحصل حقيقة بين البلدين الشقيقين وهل فعلاً ثمة توتر في العلاقات بينهما؟
هناك كتّاب سعوديون أساؤوا مؤخراً لمصر، وثمة رئيس تحرير لصحيفة "الجمهورية" المصرية نشر مقالاً شتمَ فيه المملكة وتُوّج التراشق بتغريدة حادة من أحد الكتّاب الإماراتيين وهو عبد الخالق عبدالله إعتبر فيها أن المحور الرباعي العربي مصر، السعودية، الإمارات والبحرين قد انتهى، وأن قمة أبو ظبي وضعت أسس محور عربي جديد، وأكدت أن الأمة خليجية حتى إشعار آخر، كما جاء في التغريدة.
هذا التراشق المؤسف بين الأشقاء يأتي في لحظة أشد ما يكون فيه العرب وبخاصة المحور الرباعي بأمسّ الحاجة الى مزيد من الوحدة والسير بقلب رجل واحد، خاصة وأن الأميركيين والإسرائيليين يعدّان العدّة لضرب إيران، فهل من السليم أن ينقسم المحور العربي الصامد في هذه اللحظة؟
الحقيقة أن كل هذا اﻻشتباك الإعلامي بين كتّاب وصحافيين سعوديين ومصريين لا يعكس حقيقة العلاقات القوية بين مصر والمملكة والإمارات، إلا أن ثمة خلاف مصري- سعودي محدود حول جزيرتي تيران وسنافير،
بحيث كشف موقع "اكسيوس" عن تفاوض بين مصر والسعودية لعودة جزر تيران وسنافير للسعوديين قد تم، وأن الرياض طالبت بعد إحقاق الحق لها بالجزيرتين بانسحاب القوات الدولية منهما، الا أن إسرائيل رفضت هذا الطلب كضمانة لحيادية الجزيرتين واستمرت المفاوضات حول هذه النقطة لفترة طويلة الى أن تدخّل اﻻميركيون في الخلاف قبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمملكة العام الماضي حيث تم عرض صيغة حلّ للإشكالية قوامها استبدال القوات الدولية بمنظومة كاميرات مراقبة، فوافق السعوديون والمصريون والإسرائيليون على هذه الصيغة الأميركية اﻻ أن مصر عادت ورفضت تنفيذ هذه الصيغة في شهر كانون الأول 2022 لأن للقاهرة طلبات من واشنطن لم تكن قد نفذتها لها تتعلّق بالمعونات العسكرية التي كانت واشنطن قد خصمتها بقرار من الكونغرس اﻻميركي،
والمعلوم أن حلّ مسألة الجزيرتين أمر حيوي للأميركيين والإسرائيليين على السواء باعتباره أولى خطوات التطبيع بين السعودية وإسرائيل لحصول تفاوض مباشر بين الإسرائيليين والسعوديين.

ومنذ لحظة الرفض المصري، بدأت حملة إعلامية شنّها كبار الكتّاب السعوديين ضد مصر كانت باكورتها تغريدة للإعلامي السعودي الشهير تركي الحمد الذي أثار مسألة هيمنة الجيش المصري المتصاعدة على الدولة، وأن اﻻقتصاد المصري سيستمر في المعاناة طالما وجدت البيروقراطية المصرية.
تبع تلك التغريدة تغريدة أخرى لكاتب سعودي شهير آخر هو خالد الدحيل الذي اتهم فيها مصر بأنها لم تخرج من عباءة الجيش المصري منذ العام 1952، وأن سيطرة الجيش المصري على اﻻقتصاد مسيء ومضر …
الردّ المصري جاء من خلال "يوتيوبرز" وإعلاميين مصريين الى أن توّج الردّ بمقالة لرئيس تحرير صحيفة "الجمهورية" المصرية عبد الرازق توفيق بعنوان " الحفاة العراة " ما لبث أن حُذفت كان شتم فيها السعودية والسعوديين الى أن استُبدلت بمقالة تشيد بالعلاقات السعودية- المصرية.
ترافق ذلك مع سحب الإعلامي السعودي تركي الحمد تغريدته، وكذلك فعل الكاتب خالد الدحيل.
بالتزامن كانت الكويت قد اتخذت قرارات مفاجئة في حق العمالة المصرية الجديدة الوافدة الى البلد تمنعها من دخول الكويت،
وفي ظل هذه المشهدية المرتبكة إعلامياً وسياسياً تبقى حقيقة واحدة وهي أن كلاً من مصر والمملكة العربية السعودية على تنسيق تام بموضوع جزيرتي تيران وسنافير، بحيث
أن تراجع الإعلاميين عن حربهم والمغرّدين عن تغريداتهم أثبت متانة العلاقات المصرية- السعودية، وإن تخلًلها بعض الخلافات كما بالنسبة لموضوع تيران وسنافير واﻻحترام القائم على مستوى القيادتين السعودية والمصرية.
ﻻ يمكن للسعودية أن تكون من دون مصر والإمارات الى جانبها، وﻻ يمكن لمصر أن تكون من دون السعودية والإمارات الى جانبها أيضاً، لأن قدر تلك الدول العربية الكبرى أن تبقى متّحدة ومتعاضدة في لحظة مواجهة أخطار كبيرة أولها الخطر الإيراني.
الرياضه هي تحت تهديدٍ إيراني جدّي وخطير وهي بحاجة لأشقائها العرب والخليجيين كافة للوقوف معها جنباً الى جنب وقفة الرجل الواحد، خاصة وأن طهران أعلنت منذ أيام افتتاح قاعدة جوية لها في قلب جبل منعاً لتعرّضها لأي قصف، وقد سُمّيت القاعدة 44، وهي تحوي المقاتلات الحربية والمسيّرات والصواريخ الباليستية الإيرانية التي تهدّد بها السعودية والخليج.
من هنا فإن ما حصل من تراشق إعلامي وعلى تويتر بين بعض الإعلاميين السعوديين والإماراتيين والمصرين بقي في إطاره الضيق وبعيداً عن حقيقة العلاقات القوية بين قيادات البلدان الثلاثة.
فالدول الخليجية: السعودية والإمارات والكويت والبحرين هي الضامنة لودائع دعم اﻻقتصاد المصري من دون استثمار، ولعل في ذلك إشارة قوية الى استحالة حصول أي انفصال بين تلك الدول ومصر،
والرباعي العربي على موعد مع تحديات جسيمة من بوابة إيران المهدِّدة لأمن الخليج والعالم العربي.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: