‏جورج أبو صعب لموقع LebTalks: طوفان الأقصى أسقط أسطورة “وحدة الساحات” وعرّى أركان المحور

AP22218677997848

في حديث خاص لموقع LebTalks، إعتبر الكاتب والمحلّل الجيو سياسي جورج أبو صعب، أن ما خرج به أمين عام حزب الله حسن نصرالله منذ أيام، وما يُأنتظر ن يخرج به في آطلالته المقبلة المعلن عنها يوم السبت المقبل، لا يعدو كونه كلاماً مرسلاً يُثبت عجز المحور المسمّى مقاومة وممانعة عن الانخراط الفعلي في حرب ضد العدو الإسرائيلي، لأن ما يهم هذا المحور هو الاستثمار في الأزمات لضمان استمراريته، من رأس الهرم في طهران الى أدناه عبر الوكلاء والميليشيات، لأن إنهاء الأزمات أو حسمها أو حتى الدخول فيها وبغضّ النظر عن النتائج، ينهي أوراق المساومة والبيع والشراء .

سقوط فرضية وحدة الساحات

يقول الفيلسوف البريطاني توماس هوبز إن أفضل أوقات القوة هي تلك التي يلوّح باستخدامها في خلالها، من هنا فإن
كلام أمين عام حزب الله الأخير جاء ليقطع الشكّ باليقين بأن ما يُحكى عن “وحدة الساحات” ما دونه صعوبات ونكسات ليس أقلها عدم الانسجام بين مكوّنات المحور اللبناني- اليمني- الفلسطيني.

الورقة الفلسطينية في يد إيران ومسألة المذهبية

الحقيقة أن إيران لا تريد من رفعها شعار تحرير فلسطين والقدس تحقيقه بل الإمساك بهالة دعم القضية للإيهام بأنها الممسِكة الفعلية بالورقة الفلسطينية، فيما الحقيقة أن ثمة عقبةً كعداء تقف في وجهها ووجه جميع ميليشياتها وفي طليعتهم حزب الله، ألا وهي المسألة المذهبية التي تجعل من العنصر السنّي الفلسطيني المتمثّل بالجيل الجديد من فلسطينيي المقاومة في غزة كما في الضفة، لا يؤمنون بدعم نظام وميليشيات شيعية لحقهم، وقد جاءت الأحداث منذ ٧ تشرين الأول لتثبت القطيعة بين محور مقاوم ذي أغلبية شيعية ومقاومي الداخل الفلسطيني الذين كفروا بقياداتهم السياسية المنخرطة في الاستثمار على حساب الشعب الفلسطيني والحق الفلسطيني مع إيران .
هذا الشباب الفلسطيني الجديد والمتجسّد بالقسّام، والذي يتولّى إدارة الحرب الحالية ضد العدو الإسرائيلي المحتل تحت إسم “حماس” لا تهمه العقائد الدينية وبخاصة العقيدة الشيعية وولاية الفقيه بقدر ما تهمه قضيته : قضية أرضه وشعبه.

دواعي إحجام محور الممانعة عن مساعدة مقاومي غزة

من هذه الزاوية، يمكن فهم دواعي إحجام محور الممانعة الى الآن عن مساعدة مقاومي غزة، وهي المساعدة التي كانت تفترضها وحدة الساحات فضلاً عن عدم وجود قرار إيراني بالانخراط في مواجهة إسرائيل، ومن ورائها الولايات المتحدة التي لا تزال تحتاجها طهران لتمرير صفقاتها الإقليمية.

خلافات وحساسيات بين مكوّنات محور الممانعة

عندما يقول أمين عام حزب الله إن الفصائل الفلسطينية هي مَن أخذت المبادرة من دون التنسيق مع المحور، وإن القرار فلسطيني- فلسطيني وليس منسقاً مع مكوّنات المحور، فهو يؤكد على وجود هذا الخلاف لا بل هذه الحساسية بين مكوّنات محور مفترض أن يكون يداً واحدةً.
ما نقوله الآن تخفيه غبار الحرب في غزة لكن مستقبلاً سوف تتوضح هذه الاعتبارات بشكل جلي ونستطيع عندها التأكد من هشاشة قصة “وحدة الساحات” وتماسك مكوّنات المحور .

إيران بصدد البيع والشراء على حساب غزة

ويتابع أبو صعب بالإشارة الى أنه، و على صعيد آخر يمكن فهم خطاب نصرالله الأخير الذي علت سقوف توقعاته أكثر بكثير من مضمون ما احتوى عليه من مواقف تحليلية وتعاطفية، جاء ليقطع الشكّ باليقين من أن إيران بصدد البيع والشراء على حساب غزة وشعبها، فكلام نصرالله أكد ما لم يقله بأن توريط لبنان والساحات الأخرى الى جانب غزة ينتظر نتائج “البازار الكبير” وكلمة السر من الولي الفقيه في ضوء ما يُعرض عليه من مكاسب.

ربط نزاع ومناوشات ” مدوزنة”

بالانتظار، يبدو أن ربط النزاع مع إسرائيل قائم فيما تستمر معه المناوشات “المدوزنة” في جنوب لبنان وحتى من اليمن الحوثي بحيث “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم”، فيُمسِك الحزب العصى من الوسط لمراضاة جماعة “سليماني شهيد القدس ” من جهة، ومراضاة واشنطن التي تتعامل مباشرة مع “المعلم ” الايراني من جهة أخرى، وبذلك أثبت محور نصرالله مرة جديدة ضعفه وتخاذله وزيف شعاراته.

لبنان ” لا معلّق ولا مطلّق”

أما لبنان وفي كل هذه المعمعة، فيستطرد أبو صعب قائلاً “الحزب يتركه مدندل لا معلّق ولا مطلّق”، ومصيره مجهول بين اللاحرب واللاسلم، وبين قواعد اشتباك مستقرة وإن مع بعض التعديلات الميدانية وبين التصعيد الذي تمليه أجندة إيران التفاوضية، كل هذا في ظل انهيار شامل وتفريغ للمواقع المسيحية وتآكل البنى التحتية والفوقية وارتسام ملامح اصطفافات طائفية مذهبية تُسقط اتفاق الطائف والقرار ١٧٠١، كما تُسقط معها كل شبكة الأمان التي أحاطت بلبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية،
فالمنطقة على وشك اشتباك كبير والأساطيل الأميركية والأطلسية لم تأتِ للتنزّه بل للمواجهة : مواجهة ليس إيران فقط بل روسيا والصين اذا اقتضى الأمر، فيما لبنان وسوريا في عين العاصفة مع فارق أن في سوريا تشكّل خليطاً دولياً إقليمياً من المصالح، بينما في لبنان أسر واختطاف لصالح إيران ومصالحها فقط.

” طوفان الأقصى” أسقط كل الأقنعة

وختم أبو صعب حديثه بالتأكيد على أن طوفان الأقصى أسقط الأقنعة، وأهم ما أسقطه منطق “وحدة الساحات”، وقد تبيّن بالدليل القاطع أن كل ساحة لها خصوصياتها ولا محور مقاومة متماسك طالما أن راعيه يُمسك به لتجارته لا لصالح الشعوب التي يحتلها ويدّعي تجسيد طموحاتها بالتحرّر ومحو إسرائيل من الوجود، كما أنه أثبت كم من الوقت أهدرته القيادات الفلسطينية منذ السبعينيات من القرن الماضي على البحث عن حقهم في دول محيط فلسطين بدل خوض معركتهم داخل أراضيها كما يفعلون حالياً ببسالة وصمود قل نظيرهما، فلكانوا اليوم ينعمون بأرض ودولة وأمن واستقرار .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: