على مدار نحو عقدين، شكّل ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو الثنائية الأبرز في تاريخ كرة القدم، إذ لم تكن مسيرتهما لتصل إلى هذه القمم التاريخية لولا المنافسة الخاصة التي جمعت بينهما. فهما، رغم اختلاف شخصيتيهما وأسلوب لعبهما، كانا مرآةً لبعضهما، يدفع كل منهما الآخر إلى مستويات أعلى باستمرار.
بدأت قصة الصراع الكروي بين الأسطورتين حين ظهر كريستيانو رونالدو على الساحة العالمية بقميص مانشستر يونايتد في عام 2003، حين لفت الأنظار بموهبته الاستثنائية وسرعته الفائقة. وبعد عام فقط، قدم برشلونة فتى أرجنتينياً صغيراً الى العالم، ليونيل ميسي، الذي سرعان ما أثبت أنه ليس مجرّد موهبة عابرة.
منذ تلك اللحظة، أصبح اسم كلاً منهما مقترناً بالآخر، وبدأت فصول من المنافسة التي دفعت كليهما الى تحطيم الأرقام القياسية، سواء في عدد الأهداف أو البطولات أو الجوائز الفردية، وفي المجمل، حصد الثنائي 13 كرة ذهبية، إلى جانب بطولات كبرى مثل كأس العالم، وكوبا أميركا، وبطولة أوروبا، ودوري الأمم الأوروبية.
احترام متبادل رغم التنافس
ورغم أنّ علاقتهما لم تصل يوماً إلى مرحلة الصداقة، خصوصاً في سنوات الكلاسيكو الناري بين ريال مدريد وبرشلونة، فإنّ الاحترام المتبادل كان حاضراً دائماً، فكلاهما يعرفان أنّ جزءاً كبيراً من دافعهما لتحقيق المجد جاء من وجود الآخر في الجهة المقابلة، كأنهما في سباق لا ينتهي نحو القمة.
شهادات من القريبين
ويس براون، زميل رونالدو السابق في مانشستر يونايتد، قال في تصريحات لشبكة "غول العالمية": "تخيل لو لم يكن لدى أي منهما منافس؟ ربما لم نكن لنرى هذا المستوى الخرافي، المنافسة بينهما ليست عداءً شرساً، لكنها كانت كافية لدفع كل منهما الى تقديم أقصى ما لديه، هذان اللاعبان لا يمكن مقارنتهما بأي شخص آخر".
براون أضاف أنّ وجودهما في فريق واحد سيكون حلماً لكل محب لكرة القدم، معتبراً أنّ الفوارق بينهما وبين باقي نجوم العصر، مثل زلاتان إبراهيموفيتش وروبرت ليفاندوفسكي وديدييه دروغبا، هائلة من حيث الاستمرارية والحسم في المباريات الكبرى.
استمرار الأسطورة
ورغم تقدمهما في العمر، فإنّ كليهما لايزالان يحافظان على بريقهما. ميسي، البالغ من العمر 38 عاماً، يستمتع بتجربته في الدوري الأميركي مع إنتر ميامي، ويمتد عقده حتى عام 2028.
أما رونالدو، 40 عاماً، فيقود مشروع النصر السعودي، بعقد يضمن له الاستمرار حتى ما بعد سن الـ42، ليؤكد أنّ كلمة "اعتزال" ليست في قاموسه بعد.
ما بعد ميسي ورونالدو
السؤال الذي يطرحه العالم اليوم: من سيخلف هذا الثنائي؟ الواقع يقول إنّ كرة القدم الحديثة لم تُنتج حتى الآن منافسة تضاهي ما فعله الأرجنتيني والبرتغالي معاً، وربما يمر وقت طويل قبل أن نشهد صراعاً بهذه الجودة والاستمرارية، وحتى ذلك الحين، سيظل إرث ميسي ورونالدو شاهداً على أنّ المنافسة الصحيّة قد تكون أعظم محفز لتحقيق المستحيل.