يبدو أن كأس العالم 2022 في قطر مستمر في خلق مزيد من الجدل في فرنسا على كل المستويات. فمنذ الإعلان عن لقاء المنتخب المغربي ونظيره الفرنسي في مباراة نصف النهائي -مساء غد الأربعاء- تعالت الأصوات للتعليق حول الأمر، لكن هذه المرة بعيدًا عن المستطيل الأخضر. فبدل التركيز على الكرة المستديرة، طغى جدل عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل يضع في مقدمة اهتماماته ملف الهجرة ومدى اندماج الأجانب في المجتمع الفرنسي، وحتى العلاقات الاقتصادية بين باريس والدوحة.
مخاوف من اندلاع "حرب أهلية"
أبدت عمدة الدائرة الثامنة في باريس جان سي هوتسيري مخاوفها من "اندلاع حرب عصابات وحرب أهلية" مساء الأربعاء القادم في العاصمة الفرنسية بعد انتهاء المباراة، في مداخلة أجرتها على قناة "سي نيوز" (CNEWS). وقالت هوتسيري "عندما نريد الاحتفال بالفوز، لا نأتي بمدافع الهاون.. الجميع خائفون ولا نريد أن يتحول الشانزيليزيه إلى ساحة معركة!". ومن المقرر تعبئة أكثر من 1200 من رجال الشرطة يرتدون الملابس المدنية والزي العسكري في العاصمة وضواحيها، ابتداء من الساعة الرابعة ظهرًا بالتوقيت المحلي.
وستنفّذ الشرطة دوريات في جميع محطات المترو الباريسية، خاصة التي تؤدي إلى الشانزيليزيه، وستمنع الوصول إلى المناطق المحيطة بالشارع لمنع الازدحام المروري المحتمل. في حين قرر معظم التجار إغلاق أبوابهم مبكرًا كإجراء احترازي في جادّة الشانزيليزيه، خوفًا من إعادة ما حدث مساء السبت الماضي، بعد تأهل المنتخبين المغربي والفرنسي. وتأتي هذه الاستعدادات الأمنية عقب اندلاع حرائق في أماكن عدة، ووقوع اشتباكات مع عناصر الشرطة أدّت إلى اعتقال ما لا يقل عن 170 شخصًا في عدد من المدن الفرنسية، بما في ذلك 100 في باريس، فضلًا عن إصابة 19 ضابطًا بجروح طفيفة، وفق مصادر الشرطة ومكتب المدعي العام في باريس.
ماكرون.. بين الرياضة والسياسة
تتزامن هذه التصريحات بعدy أسبوع من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن مشروع قانون للهجرة ـبضغط من اليمين المتطرف- يعزّز سياسة مغادرة الأراضي الفرنسية للمهاجرين دون أوراق، ويضع طالبي اللجوء أمام فرصة واحدة فقط للحصول على إقامة قانونية في البلاد.
ودعت شخصيات سياسية إيمانويل ماكرون إلى التراجع عن قرار الذهاب إلى الدوحة لحضور نصف النهائي بين فرنسا والمغرب؛ بذريعة ملف حقوق الإنسان. ويزعم النائب لوكاس أن رئيس الجمهورية يمكن أن يكتفي بدعم المنتخب ومشاهدة المباراة من قصر الإليزيه، معدًّا قراره "خطأ سياسيًا حول ما يتعلّق بالتاريخ". يُذكر أنه في اليوم التالي لمباراة نصف نهائي المونديال، ستتوجه وزيرة الخارجية كاثرين كولونا إلى الرباط للقاء المغربي ناصر بوريطة؛ للتحضير لزيارة رسمية لماكرون، في محاولة لتخفيف التوتر الذي تشهده العلاقات الفرنسية المغربية منذ أشهرعدة.