شدد شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى اليوم الإثنين على “ضرورة ان يكون للدولة ومؤسساتها الدور الفاعل والمؤثر على مختلف المستويات، بخاصة في مناطق الجنوب، لبعث الحياة من جديد في تلك المناطق التي تواجه اطماع العدو الاسرائيلي وتواكب حضور الجيش، الذي أثبت قدرة على القيام بالدور المنوط به عندما يتوفر القرار السياسي والاحتضان الشعبي”.
وتمنى “نجاح العهد الجديد وتحقيق التطلعات المطلوبة، من خلال الحكومة المنتظرة التي يجب على جميع المعنيين السعي الحثيث لانطلاقتها على النحو الذي يتوافق مع حاجة اللبنانيين الى حكومة اصلاح، قادرة على معالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية الشائكة، ودعم المؤسسات الامنية في تثبيت عامل الاستقرار الذي يهدده العدو بشكل مستمر”.
وورد كلام شيخ العقل خلال زيارات اليوم الثاني من جولته الروحية والاجتماعية التفقدية التي قادته لمنطقة حاصبيا وبلدات حدودية، بعد الحرب الاسرائيلية الاخيرة، حيث اقيمت له استقبالات دينية واهلية في المناطق التي قصدها وشارك فيها مشايخ وآباء وفاعليات سياسية وحزبية واجتماعية واهلية، اضافة الى مجالس بلدية واختيارية، وشارك في جانب منها الشيخان أبو زين الدين حسن غنام وأبو فايز أمين مكارم وجمع كبير من المشايخ، ورؤساء لجان ومقررون واعضاء في المجلس المذهبي، وواكبها وشارك في جزء منها وكيل داخلية الحزب التقدمي الاشتراكي في المنطقة سامر الكاخي.
وبعد زيارته منزل صهره الشيخ كامل حديفة في عين قنية، انتقل الشيخ ابي المنى برفقة الشيخين زين الدين ومكارم والوفد المرافق الى بلدة شويا لزيارة الشيخ ماجد ابو سعد، الذي رحب بسماحته والمشايخ، ومثنياً على “اهمية الجولة في المنطقة وأثرها الديني والمجتمعي”.
وكانت لشيخ العقل كلمة معبرة عن سروره بلقاء الاهل والاخوة، وذلك في حضور جمع كبير من المشايخ من البلدة والمنطقة.
ثم زار والوفد المرافق بلدة عين جرفا، حيث اقيم استقبال حاشد في مقام المرحوم الشيخ ابو سلمان حسين دربية وتقدم المستقبلين مسؤول المقام الشيخ ابو مهدي سلمان دربية، الذي رحّب بسماحته والمشايخ من الجبل ووادي التيم، ورد الشيخ ابي المنى بكلمة من اجواء المناسبة الدينية.
وانتقل شيخ العقل والشيخان زين الدين ومكارم ووفد المشايخ المرافق، ومعهم الشيخ دربية، الى مدرسة العرفان التوحيدية في حاصبيا، حيث كان في الاستقبال رئيس المؤسسة الشيخ نزيه رافع ومدير المدرسة الشيخ عماد محمود والهيئة الادارية وبعض مدراء الفروع في المناطق والمعلمين.
وبعد ترحيب من الشيخ عماد محمود، القى شيخ العقل كلمة، قائلاً: “يشرفني أن أقوم اليوم برفقة مشايخنا الأفاضل الشيخ أبو زين حسن غنام والشيخ أبو فايز أمين مكارم والمشايخ الكرام، بزيارة هذه المنطقة الغالية على قلوبنا، والتي أحببنا أن نزورها بعد الحرب والمحنة التي قطعت، لنهنئكم بالسلامة وبالعودة الى مدارسنا والى حياتنا الطبيعية، وكي نؤكد ان العرفان هي اساس في جولتنا على هذه المنطقة، ومن المحطات الدينية والاجتماعية التي تعنينا. العرفان بيتنا وتحمل رسالتنا، تلك الرسالة التي تحملها مشيخة العقل ويحملها مشايخنا وهي رسالة التوحيد والايمان والاخلاق، رسالة المجتمع والارض والوطن”.
اضاف: “رسالتنا، هي الثبات على العقيدة ومكارم الاخلاق والوطنية، والعرفان تؤدي جزءاً مهماً منها، نحمل معاً هذه الرسالة ونحميها بصلواتنا، بدعوات مشايخنا، بمحبتنا لبعضنا البعض، بعملنا الدؤوب وبتعلقنا بإيماننا وقيمنا المعروفية الأخلاقية وتجذرنا بالارض التي لم ولن نتركها وسنبقى متشبثين فيها. هذه تربيتنا وهكذا تعلمنا وعلمنا في العرفان”.
وتابع الشيخ ابي المنى: “نقاوم العدوان بتعزيز الايمان في قلوبنا وبتثبيت قيم الاخلاق والقيم الاجتماعية والانسانية في نفوسنا، نقاوم بالتعلق بأرضنا والعمل فيها وبتعزيز مواقعنا الدينية، أكان في مدارسنا او خلواتنا، في البياضة الشريفة الزاهرة وفي خلواتنا الاخرى التي تحافظ علينا وتحمينا. فالتوحيد نحفظه في قلوبنا وهو يحمينا، فبقدر ما نكون متمسكين ومتعلقين بتوحيدنا وبقيمنا وبارضنا ومحافظين على القيم وعلى المبادئ نكون باذنه تعالى محفوظين”.
وختم: “أعزكم الله وعسى ان تبقى العرفان حاملة هذه الرسالة، فالعرفان أسرتي وأسرتنا وبيتنا، نعتز بها وبالقسم الديني فيها بهمة مشايخنا، الذين لهم الدور والتأثير في المجتمع، حيث يتعلم ويتثقف في هذا القسم عشرات الاخوات اللواتي يكتسبن الثقافة الدينية ويفيدن غيرهن في المجتمع”.
وزار الشيخ ابي المنى ووفد من المشايخ النائب والوزير السابق انور الخليل في منزله في زغلا حاصبيا، بحضور جمع من المشايخ والفاعليات، بينهم المفتي حسن دلة، ممثل الميتروبوليت الياس كفوري الاب اميل حداد، القس فؤاد انطون، الشيخ رافع والسيد الكاخي. والقى الخليل كلمة ترحيبية بسماحته في “حاصبيا أرض الطهارة عاصمة وادي التيم والوادي الازهر، قائلاً: “إننا واذ نشكركم على زيارتكم الكريمة هذه ونشهد لكم دوركم الكبير والمميز في إدارة شؤون الطائفة ، ودوركم الوطني الكبير الجامع في هذه الأيام المصيرية التي يمر بها الوطن والمنطقة، كما انكم تشكلون قيمة مضافة ومتألقة في موضوع الحوار المسيحي – الاسلامي ، ومتابعتكم الدقيقة لعمل المجلس المذهبي ، وانشطته في كافة المناطق. فلكم التقدير الكبير من كل منا، الى حركتكم الدائمة في المجتمع وفي القرى والبلدات من أجل جمع الكلمة وتوحيد الصفوف في مواجهة هذه المرحلة الصعبة التي نمر بها. ان الخطوات الاخيرة الايجابية التي تحققت على صعيد الوطن من انتخاب فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون وتكليف دولة الرئيس نواف سلام بتشكيل الحكومة ، الى جانب المتغيرات العامة في المشهد على مستوى المنطقة، يدفعنا الى التفاؤل بالمستقبل آملين ان يتم تشكيل الحكومة بما يلاقي آمال اللبنانيين في قيام دولة حرة، دولة القانون والمؤسسات دولة العدالة الإجتماعية، دولة مسؤولة يسودها العدل والأمان تفتح آفاق المستقبل أمام أجيالنا الشابة بكل أمل وسلام”.
شيخ العقل
وردّ الشيخ ابي المنى بكلمة شكر، قائلاً:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه الطاهرين وعلى انبياء الله الطيبين.
قال تعالى “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ”، وقال عز من قائل: ” فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ..”. وانتم عملتم يا معالي الوزير خيرا ومن خلال ما زرعه والدكم المرحوم الشيخ محمد الخليل وما تابعتموه بأمانة وكفاءة”.
اضاف: “هذا البيت الذي جاهد وكابد وعمل بجد وتعاون واخوة صادقة يستحق ان يصل لما وصل اليه، وقد تبوأتم اعلى المراكز في النيابة والوزارة وفي مؤسساتكم، كما اننا نعتبركم عميد المجلس المذهبي الذي نعتز برئاسته، بفكركم واهتمامكم ومتابعتكم، وقد كان لكم الفضل الكبير الى جانب وليد “بك” والنواب في استصدار قانون تنظيم شؤون طائفة الموحدين الدروز في العام 2006، لا ننسى ذلك ولن ننسى بصماتكم الطيبة في مؤسساتنا ومجتمعنا بعملكم وعطاءاتكم الخيرة ومحبتكم الصادقة وحفاظكم على ثوابت هذا المجتمع التوحيدي الذي يعتز بامثالكم، فثوابتنا واضحة والتي اكدنا عليها بالامس واليوم، الايمان والتوحيد، والاخلاق والقيم المعروفية والاجتماعية، والتمسك بالارض والوطن”.
اضاف: “فعندما نؤكد على هذه الثوابت، اي الايمان والاخلاق والوطنية فانما نحفظ وجودنا، اما اذا تخلّينا عن ثابتة منها فيصبح وجودنا اذاك معرضاً للاهتزاز لا سمح الله. فمهما اشتدت الحروب والعدوان اذا كنا محافظين على تلك الثوابت فاننا باقون ومنتصرون باذن الله، وقد انتصرتم ببقائكم في ارضكم واحتضانكم لاخوانكم النازحين من القرى التي تدمرت وتهجّر اهلها بفعل العدوان، كنتم ثابتين في ارضكم وايمانكم وقيمكم، وخير من مد يد العون لاخوانكم. وحاصبيا كانت وستبقى نموذجاً في السلم والحرب والكرم والاصالة وفي الحفاظ على هذه الثوابت، وفي التنوع والعيش الواحد: أنّ اختلفنا تنوعنا فذاك غنى يزيدنا قوة يسمو بنا شرفَا كل المذاهب نحو الحق ذاهبة فلنتقِ الله في انساننا وكفى”.
وتابع: “كلنا اخوة بالحق، والدين عند الله هو الاسلام، ولكن بما فيه من روح المسيحية والاديان التوحيدية، الاسلام الرحابة، وليس الاسلام المتقوقع والمنعزل والرافض للآخر، الاسلام الذي يحتضن المحبة المسيحية والرحمة الاسلامية والاخوّة التوحيدية الانسانية، لهذا فاننا في الحق واحد والحق يوحدنا. وحاصبيا نموذج لهذا التنوع في الوحدة يجب المحافظة عليه في مواجهة العدوان، وصحيح ان المقاومة تكون احياناً بالسيف والنار اما اليوم، فربما في مواجهة الآلة الاجرامية الاسرائيلية بما تلقى من دعم من دول كبرى، ونحن لا نريد تهديم بلادنا اكثر، لكننا بحاجة الى ان نبقى على حذر ويقظة، ونحتاج الى نوع آخر من المقاومة الثقافية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية، وكي نربي اجيالنا على الخير ومواجهة اي تحدٍ، نربيهم على القيم والايمان والتجذّر بالارض”.
ومضى يقول: “نحتاج الالتفاف حول الدولة والجيش الوطني الذي اثبت ويثبت انه قادر على حماية شعبه، بهذه الانواع من المقاومة وهذا الحذر واليقظة، نحن ندعو ونطالب بدعم الجيش واحتضانه، وعلى الدول الكبرى المعنية في الاشراف على تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار مسؤولية، وكذلك لجنة الاشراف لتقديم تقريرها حول الخروقات والابلاغ فورا عن الانتهاكات بحق لبنان ودعوة الدول الراعية لمواجهتها ووقفها. نأمل تطبيق الاتفاق كاملاً، على امل ان يزدهر الوطن بعودة الثقة به داخليا وخارجيا، ولنبق متعاونين ومتراصين مع انتخاب رئيس جديد استبشر به اللبنانيون خيرا فخامة الرئيس جوزاف عون، وهو موضع ثقة وامان ان شاء الله اذا ما تيسر له ومن يساعده، لا يمكن ان يقوم بالمسؤوليات وحده وكبل يحتاج الى الدعم الوطني وهذا ما لمسناه، والى تسهيل عمل دولة الرئيس نواف سلام ليستطيع تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن وتزال العراقيل من امام تشكيلها لتكون حكومة وحدة وطنية وانقاذ للوطن، وعلينا التغاضي عن اهمية كل وزارة سيادية او غيرها، ليكون التفكير بالوطن السيد ومستقبله والاعتزاز بالانتماء اليه، ونكون جميعا في موقع السيادة وليس بعضنا في الموقع الثانوي، نأمل ان يفهم اللبنانيون انه آن الاوان بان انقاذ الوطن مسؤولية تقع على عاتق الجميع، ونحن من موقعنا الروحي نلتقي مع اصحاب الغبطة والسماحة على ان واجبنا روحي واخلاقي ووطني ودورنا اساسي في هذا المجال لبث المناخ الايجابي، ولنقول الكلمة الطيبة التي تنشر الاجواء الايجابية وبث الروح الطيبة في المجتمع”.
بعد ذلك زار شيخ العقل والوفد المرافق منزل السيد كمال ابو غيدا بحضور شقيقه عضو المجلس الدستوري القاضي رياض ابو غيدا الذي القى كلمة ترحيبية بسماحة شيخ العقل، منوهاً بأهمية الدور الذي يلعبه على صعيد الطائفة والوطن في الظروف الراهنة.
وتابع الشيخ ابي المنى جولته في حاصبيا بزيارة كل من، وكيل داخلية حاصبيا ومنطقتها في الحزب التقدمي الاشتراكي سامر الكاخي بحضور امام الجامع وبعض الآباء، ثم زار اعضاء المجلس المذهبي من حاصبيا، شادي نمور، الشيخ مهنا بو ترابي وعامر صياغة ولعضو محلس الامناء في كلية الامير السيد للعلوم التوحيدية الشيخ سليمان قريشة، حيث كانت له استقبالات عائلية واهلية.
وشدد شيخ العقل في كلماته التي جاءت ردا على كلمات مستقبليه، بالتنويه بموقع مدينة حاصبيا وبالدور الذي قام به اهلها ابان فترة الحرب الاخيرة، وقال: “اننا نعوّل كثيرا على المرحلة المقبلة وما سيقوم به الرئيس نواف سلام والحكومة، للنهوض بهذا الوطن والحفاظ عليه بكل طوائفه ومذاهبه جمعاء”، معتبرا ان “التغيرات المستجدة في سوريا هي مبعث امل لكل اللبنانيين في مستقبل واعد”.
واعتبر ان “حاصبيا ومنطقتها كانت وستبقى نموذجا في الكرامة والتنوع والعيش الكريم وتحلّيها بكرم الأخلاق، الذي دفع بأبناء البلدة لدعم إخوانهم النازحين، والتي نعتبرها من الثوابت المعروفية التي علينا التمسك بها والبقاء عليها، لأنها سر في وجودنا”.
واختتم زياراته برفقة الشيخ الجليل ابو زين الدين حسن غنام بزيارة عدد من المشايخ في حاصبيا، ليقدم بعد ذلك التعازي بالمرحوم الشيخ غالب قيس، حيث كان في استقباله الشيخ نديم بدوي ومشايخ، واتصل بالشيخ علي بدر مطمئنا على صحته.
بعد ذلك انتقل الشيخ ابي المنى والشيخ غنام والوفد المرافق، الى بكيفا لزيارة الشيخ الجليل ابو حمد جميل برغشة، ثم الى عيحا لزيارة الشيخ ابو جادالله فواز حمص والاطمئنان الى صحته، وتقديم التعازي بالمرحومة الشيخة الفاضلة ام سليمان ارملة المرحوم الشيخ ابو سليمان علي القضماني.