أكد أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري أن قرار تعليق الرئيس سعد الحريري للعمل السياسي لم يكن مفاجئاً بل أخذَ نقاشاً داخلياً توصلنا على إثره الى أنه، في هذه المرحلة التي يسودها الكثير من الالتباس والغموض داخلياً وخارجياً، من الأفضل الابتعاد قليلاً عن المشهد السياسي لأسباب عدة أبرزها أن دخول الرئيس الشهيد رفيق الحريري في أواخر التسعينيات الى المعترك السياسي أتى out of the box، بمعنى أنه جاء بطرحٍ خارج إطار الميليشيات وما كان متداوَلاً في البلد آنذاك، على شاكلة ” ثورة” يستطيع من خلالها إنهاء ذيول حرب ال ١٩٧٥ من خلال المثابرة على الحوار وجمع اللبنانيين مع بعضهم البعض.
الحريري وفي حديث اعلامي أشار الى أنه في المرحلة الأخيرة، تحوّل المشهد في لبنان الى “تقليد سياسي” يجب كسره والعودة الى الجذور، ما يستدعي أخذ قسط من الراحة للتفكير بعودة ” غير تقليدية”، فالرئيس سعد الحريري بدأ عمله في المعترك السياسي من دون ألقاب، عندما وجد بأن المركز يمكن أن يكون داعماً للاستراتجية والرؤية اللتين وضعهما.
- لبنان الذي عرفناه بات منتهي الصلاحية
“لبنان الذي نعرفه أصبح ” expired” أي منتهي الصلاحية، على حد قول أمين عام تيار المستقبل، من كل النواحي إن لجهة الإدارات والمؤسسات العامة أو التوجه الاقتصادي والاجتماعي وحتى لناحية دستوره الذي يحتاج الى نقاش، من هنا لم نستطع، بعد أزمة ٢٠١٩ وتداعياتها، بدءاً بتفشي جائحة كورونا الى تفجير مرفأ بيروت، الوصول الى نتيجة.
هناك حقيقة يجب البحث عنها وأخرى يمكن صناعتها من خلال التحاور مع الأعمدة الرئيسية في البلد في حال قررنا عقد حوار للمستقبل، علماً أن كل ما قمنا به في السابق من حوارات كانت عن الماضي لا المستقبل أو عن ما هو آني من دون حصول مصارحة أو مصالحة.
- القطاع الخاص هو مَن أبقى البلد على قيد الحياة
الحريري أضاف: “باعتقادي هناك فئات ثلاث يجب أن يُعقد الحوار على مستواها من أجل مستقبل البلد، وليس من أجل انتخاب رئيس أو تشكيل حكومة أو تعيين حاكم للمركزي على سبيل المثال لا الحصر، وهذه الفئات الثلاث هي: مجلس النواب الحالي المنتخب منذ وقت غير بعد والذي يضم تكتلات نيابية متنوعة، وهو مجلس شرعي أتى بعد حراك كبير ومشكلات ووجع اقتصادي واجتماعي حقيقي في البلد، من دون أن نغفل أن هناك من استغل هذا الوجع لمآرب أخرى.
العمود الثاني هو القطاع الخاص الذي ساهم في إبقاء البلد ” على قيد الحياة” رغم كل الأزمات التي مرّ بها، والذي يبرهن راهناً على قوته ما يسمح بتسميته ب” الفدائي” بعد المشاريع التي لا زالت قائمة. أما العمود الثالث فهو أولئك الذين نزلوا الى الشارع ولم يتمثّلوا داخل الندوة البرلمانية، هؤلاء يجب أن يكونوا شركاء في الحوار بعناوين عدة.
- سعد الحريري أجرأ شخصية سياسية
أحمد الحريري يصف نسيبه سعد بأنه “أجرأ” شخصية بجلد الذات، فهو الوحيد الذي تجرأ على القول لقد أخطأتُ في هذا الأمر أو ذاك وكان واضحاً في كلامه، فيما الجميع يكابر ويحاول تجميل الأخطاء، وبالتالي فهو الوحيد الذي دفع الثمن لأنه ” نبيل” بأخلاقه.
- الخارج مستعد لمساعدة لبنان لكن اللبنانيين غير جاهزين عن علاقات لبنان بالخارج يقول الحريري إنه “على مدار السنوات الماضية كان الخارج مستعد لمساعدتنا، في الوقت الذي لم يكن فيه اللبنانيون جاهزين لمساعدة أنفسهم، فنظامنا بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وبعد ٧ أيار والدوحة، بقي نظاماً ديقراطياً توافقياً، والرئيس الحريري أعطى ربحَين وحيدين للحراك الشعبي هما استقالة حكومته وعدم الترشّح الى الانتخابات في الوقت الذي لم يقدّم أحد بالمقابل أي شيء.
ففي العام ٢٠٠٥، وقف الناس معنا بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري لأسباب عديدة منها استشعارهم بفقدان الحماية في بعض الجوانب. - الحرب في لبنان انتهت بمعادلة عفى الله عما مضى
الحريري أشار الى أن هناك من تحدث علناً بعد التفجيرات الانتحارية التي حدثت قبل ربط النزاع وتلك المتنقلة والأزمة السورية عن نقل كرة النار بجزء منها الى أوروبا والجزء الآخر الى دول الجوار مثل تركيا والعراق والأردن ولبنان الذي هو ” خاصرة رخوة” لأننا خرجنا من حرب لم تنتهِ بالشكل الذي كان يجب أن تنتهي به، فهي انتهت بمعادلة ” عفى الله عما مضى” وبتعب المحاربين، وليس بالمحاسبة و والمصالحة أو القناعة بإنهائها، والدليل ما نسمعه من شعارات عن الحرب الأهلية لا زالت تتردد الى يومنا، ولو ضمن العالم الافتراضي، حيث يُعاد رفعها بعد كل حادثة أو خضة في البلد، من هنا فإن الخوف ليس على منصب أو سلطة بل على ضياع فرصة النهوض بالبلد ، فما قبل تشرين شيء وما بعده شيء آخر، ومَن لا يريد الاعتراف بهذا الخط الفاصل بين المرحلتين الزمنيتين فهو يعاني من مشكلة النظرة والرؤية الى البلد ومستقبله، لأن لبنان يحتاج الى فكرة جديدة.
- الطائف مرحلة إنتقالية يجب تطويرها
عن الطائف قال الحريري إنه بحد ذاته مرحلة انتقالية بين الحرب والسلم وهو يتضمن عناوين أربعة اذا تمت مناقشتها يمكن تطويره وهذه العناوين هي: إلغاء الطائفية السياسية، إنشاء مجلس الشيوخ وإجراء انتخابات مذهبية لهذا المجلس وانتخابات خارج القيد الطائفي واللامركزية الإدارية الموسّعة، كل هذه العناوين لم تُطبق لأن الحوار لم يجرِ حول الرؤية المستقبلية للبلد.
- “الحزب” عائد الى الداخل وهو يريد نظاماً مركزياً حاداً
عن حزب الله أشار الحريري الى أنه يريد نظاماً مركزياً حاداً، وهو عائد من المنطقة الى الداخل بعد تسويات لتثمير ما يُسمى ” بالانتصارات التي أنجزها على حد تعبيره، ولا أحد في لبنان ” مرتاح” على وضعه لأن لا عجلة دولة تعمل بانتظام، علماً بأن التحوّل في المنطقة حصل بعد ١١ أيلول بحيث انقسم العالم الى محورين: محور خير ومحور شر وبعدها حدثت الحرب المذهبية السنية- الشيعية وبدايتها كانت في العام ٢٠٠٣ في العراق، حينها الرئيس رفيق الحريري استشعر الخطر وقال إذا لم نحصن أنفسنا داخلياً فستمتد النيران الينا، من هنا فإن التحوّل الذي حصل في العراق لا يستهان به، فالسنّة ضعفوا يوم سقط العراق عندما ربحت إيران وقتها ولأول مرة، وبالتالي عندما يهتز العراق فستهتز المنطقة برمتها كما يحدث اليوم.