في العامين الماضيين، تحول لبنان يتحول إلى نقطة "تسرب" للمهاجرين إلى أوروبا، أكثر من رحلة، واكثر من حادثة وقعت وادت الى ما ادت اليه من موت والم. آلاف المهاجرين من لبنان وسوريا ومن الفلسطينيين في البلدين رموا بأنفسهم في البحر في مقامرة هدفها الوصول إلى أوروبا حيث الحلم بحياة أفضل. نجح من نجح، ونجا من نجا، وغادر من كان حظه سيئاً.
هذه الحوادث التي هزت ضمائر اللبنانيين، تحولت الى مادة لوثائقي يتحدث عن ما جرى، وفي هذا الاطار تحدث كاتب الوثائقي الصحافي أسعد بشارة عنه وقال: "عندما غرق القارب وسقط الضحايا في اعماق البحر هزت هذه الحادثة وجدان اللبنانيين والعالم وانطلاقاً من الحرص على طرابلس واهل طرابلس الذين يخرجون في البحر هم وباقي المناطق التي تعاني من الانهيار الاقتصادي، قررت منصة جسور الاعلامية ان تقوم بهذا الوثائقي لكي تؤرخ للحظات انسانية صعبة عاشها اهالي الضحايا، ولواقع مرير يستمرون في مواجهته جراء الازمة الاقتصادية، وبالتالي كان هذا الوثائقي تعبيراً عن لقاءات مباشرة مع اهالي الضحايا الذين قالوا ما لم يقولوه في السابق ورووا معاناتهم. كما ان الوثائقي حرص على ان يأخذ شهادات من مهاجرين وصلوا الى اوروبا ومشاهد حصرية من قلب البحر حين كانت كارثة اخرى ستحصل في قارب آخر لولا المهاجرين الذين استطاعوا ان ينقذوا انفسهم باللجوء الى سفينة عابرة قربهم. كان هذا الوثائقي حدثاً تأريخيّاً لازمة كبيرة ينتظر الا تنتهي عند هذا الحد لان الفقر مستمر والانهيار مستمر وقد عبّر بعض الاهالي عن رغبتهم في تكرار التجربة مرة ثانية على الرغم من مخاطرها.
وتابع في حديث عبر LebTalks: قررت ادارة منصة جسور ان تعلن عن هذا الوثائقي بالتعاون مع منظمة acua من طرابلس بالذات لكي يكون اهل الضحايا موجودين، الى جانب حضور رسمي وشعبي واعلامي لكي يتم تسليط الضوء على هذه الكارثة والعمل على تفاديها في المستقبل. واعتقد ان الهدف من هذه الندوة ليس فقط الفيلم الوثائقي بل منع الوصول الى كارثة جديدة.
بشارة دعا اجهزة الدولة جميعها الى ان تقوم بواجبها كاملا في منع عصابات التهريب وفي منع الانطلاق الى البحر من دون اخذ الاحتياطات وفي منع هذه الظاهرة المميتة والخطرة لان المسؤولية ليست على المواطن، مشدداً على ان المسؤولية تقع اولا على الدولة وبالتالي ليس هناك من اي تبرير للتقصير الرسمي على مستوى الاجهزة والقضاء والوزارات المعنية ويجب ان يتوقف هذا الامر حالا.
واذ اعتبر ان الرحلات لا تنطلق فقط من طرابلس بل من مناطق أخرى، قال: "نحن اخذنا طرابلس كموضوع اساسي للفيلم الوثاقي لان كثافة الرحلات كانت تحصل من القلمون وطرابلس ومناطق اخرى في الشمال ولكن المعلومات كانت تؤكد ان هناك رحلات ومحاولات مستمرة من اكثر من منطقة لبنانية على شاطئ البحر."
وتابع: "منظمة acua التي تؤسسها السيدة رولا فاضل قد قامت بخطوة الى الامام وانارت شمعة وسط هذا الظلام، وهذه الجمعية التي لديها الكثير من النشاطات الانسانية ستواكب خلال التوصيات موضوع الهجرة غير الشرعية من خلال العمل مع الكتل النيابية لاصدار مشروع قانون يجرّم الهجرة الخطرة في البحر، وستقوم بحثّ الادارات المعنية والهيئات الدولية المختصة على مساعدة اهالي الضحايا وعلى المساعدة الاجتماعية لكي تخفف قدر الامكان من احتمالات لجوء اللبنانيين الى الهروب في البحر والسقوط شهداء في الاعماق."
