في ظل دولة تتهاوى يومياً ومؤسسات تسقط تباعاَ، وسياسيون يتناحرون بالكيديات والاتهامات، على وقع السياسة الفاشلة والخاطئة والسرقات والفساد، ضمن ما تبقى من هيكل الدولة التي عجزت عن تأمين ادنى حقوق مواطنيها، الذين باتوا خارج أسوار الوطن المشلّع، فلا طبابة ولا إستشفاء ولا ادوية ولا تعليم، و… ، اللائحة تطول ولن تنتهي بالتأكيد، بل الى المزيد من الانهيارات، فيما اهل السياسة ينامون في غيبوبتهم المعتادة ، غير مبالين بمصير مَن اوصلهم الى المراتب العليا، التي باتت بالية بفضل أخطائهم التي لا تعدّ ولا تحصى.
ما برز منذ ايام يمكن وصفه بالدرك الخطير غير المسبوق… مرضى لبنانيون منسيون من دولتهم، لا قدرة لهم على العلاج الاستشفائي، فلا ضمان ولا تأمينات صحية، بل توسّل امام ابواب المستشفيات الباحثة عن الدولار “الفريش”، غير آبهين بمواطن فقير يشحذ بقاءه على قيد الحياة…
من المؤسف والمعيب على الدولة اللبنانية، أن تقف صامتة وعاجزة امام استئجار مواطنها بطاقة طبابة من النازح السوري، كي يتمكّن من الدخول الى المستشفى، والمدان هنا هو الدولة التي اوصلته الى الهاوية.
مشاهد مؤلمة على ابواب المستشفيات
القصص المؤلمة عن مرضى يئنون من اوجاعهم الى تفاقم بشكل يومي، فالمشهد ينقل كل مآسي هؤلاء خصوصاً مرضى السرطان، المحتاجين الى مبالغ مالية خيالية للبدء في مرحلة العلاج، لكن من أين وكيف ومتى…؟؟؟
يقول احد المواطنين وهو مريض بالسرطان لموقعنا، انه طلب المعالجة من مستشفيات عدة لكن فقره منعه من دخولها، فقام بطلب الوساطات لكنها لم تفلح بدخوله المستشفى، في إنتظار دفع جزء من المبلغ لا يملكه، اما الحل فكان بعرض تلقاه من نازح سوري لقاء مبلغ من العملة الصعبة،لإستئجار بطاقته الصحية التي يتعالج خلالها على حساب مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة، ، فنقل لنا إحساسه المخجل والمهين لكرامته، سائلاً الدولة عن مدى قبولها بإهانة مواطنيها على ارضهم؟. وسأل:” هم غرباء يتعالجون ونحن اهل البيت نضطر الى هذا التسوّل في وطننا؟.
فيما يشير مواطن آخر لموقعنا الى انه إضطر لبيع سيارته، وبعض أثاث المنزل، لتسديد كلفة عملية جراحية ضرورية، وإلا كان سيلاقي تداعيات خطرة على صحته، قد تؤدي به لاحقاً الى الموت.
اصحاب المستشفيات يئنون : خسائرنا كبيرة!
الى ذلك يبرّر اصحاب المستشفيات بأنّ التكلفة باهظة جداً، وتشمل ثمن الأدوات والمستلزمات الطبية والاستشفائية، واجور الاطباء والمساعدين والموظفين ، وفواتير الكهرباء والى ما هنالك، وكل هذا بالعملة الصعبة، لذا لا تستطيع تحمّل المزيد من الخسائر بحسب قولهم.
وفي السياق علم موقعنا بأنّ كلفة إستئجار البطاقة الصحية من النازح السوري، تصل الى 100 دولار، وقد تتصاعد في حال كان المريض مصاباً بالسرطان الى 500 دولار، مع نصائح من قبله بأنّ هذا المبلغ لا يساوي شيئاً مقابل العلاج، الذي سيحصل عليه على حساب الامم المتحدة.
الرد بإجرات صارمة سرّية
في غضون ذلك ووفق المعلومات، افيد عن إتخاذ المفوضية العليا للامم المتحدة، إجراءات صارمة سريّة رفضاً لما يجري، تحت عنوان الرفض المطلق لعمليات الاحتيال، إنطلاقاً من قانونها الداخلي المعني بهذا الامر، وقد وضعت المفوضية خطوطاً ساخنة لتلقي شكاوى مماثلة، وهنالك عواقب وصفت بالوخيمة لانّ النزاهة مطلوبة في عملها، ولن تتهاون مع اي محتال لا يراعي نظامها.
من هنا نسأل:” ماذا لو حصلت هذه القصة في بلد آخر يحترم حقوق الانسان؟، بالتأكيد لكانت عروش سقطت، لكن في لبنان لا يسقط ولا يهوى سوى المواطن الشريف والفقير.