أين لبنان من المفاوضات بين واشنطن وطهران؟

flags-leb-iran-1

كتب حسين زلغوط في اللواء:

تنطلق المفاوضات بين واشنطن وطهران حول الملف النووي الإيراني في مرحلتها الثانية السبت المقبل، وسط أجواء تميل بعض الشيء الى التفاؤل حول إمكان التوصل الى ما يشبه ردم مساحة مقبولة من الوادي السحيق الذي يفصل بين الجانبين منذ ما يقارب الثلاثة عقود، من دون أن يعني ذلك أن الإتفاق النهائي بين الطرفين سيكون في قبضة اليد في وقت قريب، وان كانت أميركا كما إيران ومعهم الدول الأوربية يرغبون في أن لا يطول انتظار توقيع هذا الاتفاق، الذي من شأنه بتقدير معظم المراقبين أن يريح المنطقة ويضفي نوعاً من الاستقرار والبرودة على الكثير من الملفات الساخنة.

وإذا كانت الجولة الأولى من المفاوضات التي جرت في العاصمة العٌمانية مسقط، قد أشاعت مناخات إيجابية أولية، إلا أنّ ذلك لا يعني أن الطريق الى الجولة الثانية مزروعة بالورد والياسمين، ولا سيما أن الجانبين المفاوضين سيغوصون في عمق المشكلة التي تنتشر الشياطين في تفاصيلها، كون أن هذا النوع من المفاوضات بين طرفَين هما على عداء كبير منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي سيقارب ملفات صعبة ومعقّدة، تبقى كل الاحتمالات واردة لناحية تحديد النتيجة التي سيفضي إليها الشوط الأخير من عملية التفاوض.

أي مراقب يدرك أن هذه المفاوضات، هي مفاوضات مصيرية، ليس على الطرفين المعنيين بالمباشر بها، بل على المنطقة برمّتها، وكلّ العالم يعوّل على أن تُفضي إلى اتفاق نهائي وملزم التنفيذ للجانبين، لأنه على نجاح هذه المفاوضات يتوقف استقرار الشرق الأوسط، وفي حال كتب لهذه المفاوضات الفشل لا سمح الله فإن ذلك يعني ذهاب المنطقة الى الحرب.
وبانتظار الجولة التفاوضية الثانية التي يقال انها ستحصل في ظل الرعاية العُمانية ذاته إما في مسقط أو العاصمة الإيطالية روما، فإن الأنظار تتجه الى إسرائيل لرصد موقف القيادة السياسية في تل أبيب مما ستؤول إليه، ولا سيما أن إعلام الدول العبري يعكس رفض المستوى السياسي فيها لهذه المفاوضات وقلقها من نتائجها، وهو ما يجعل أي مراقب أن لا يسقط من حساباته أن تحاول إسرائيل «التشويش» عليها والسعي الى تفشيلها، ولا سيما أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو دائم التفكير بضرورة توجيه ضربة للمفاعل النووي الإيراني، وهو بلا شك مستاء من إصرار واشنطن من لجمه وتكبيل يديه لمنعه من القيام بأي عمل متهور يدخل العالم في آتون حرب غير معلومة النتائج، وقد تبلّغ نتنياهو ذلك مباشرة خلال لقائه الأخير مع الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض الذي خرج منه رئيس الوزراء الإسرائيلي أسود الوجه نتيجة ما تبلّغه من الرئيس الأميركي من مواقف كان مخالف تماما لتوقّعاته حول الملف النووي الإيراني، حيث يخشى ألا تأخذ المفاوضات المباشرة مصالح بلاده في أي تسوية مرتقبة، وهو يصلّي يوميا من أجل فشلها.

وفي الوقت الذي قيل ان الجولة الثانية ستعقد في المكان نفسه التي انعقدت فيه الجولة الأولى، فإن موقع «أكسيوس» الأميركي أورد إن تغيير مكان انعقاد اللقاء من مسقط الى روما جاء بمبادرة من الجانب الأميركي، مرجّحاً «أن يعقد اللقاء بين المسؤولين الأميركيين والإيرانيين هذه المرة بصيغة المفاوضات المباشرة وفي غرفة واحدة، على عكس جولة المفاوضات غير المباشرة التي جرت في سلطنة عُمان»، مشيراً «إلى أن الوسطاء العُمانيين قد يحضرون هذه الجولة أيضا».
غير ان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل باقي قال: «انه من المقرر أن تعقد الجولة المقبلة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في مسقط في 19 الحالي، وهو ما خلق بلبلة حول المكان الذي سيذهب إليه الوفد الإيراني برئاسة نائب وزير الخارجية عباس عراقجي، والوفد الأميركي برئاسة المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترامب، ستيف ويتكوف.

والسؤال المنطقي الذي يطرح هو أين موقع لبنان من هذه المفاوضات؟ إن لبنان لن يكون بعيداً من نتائجها سلباً أو إيجاباً، وإذا نجحت وأفضت إلى تسوية فلا بد أن يكون الملف اللبناني جزءاً منها، وإذا فشلت تلك المفاوضات فإن التأثير سيكون مماثلاً، لأن يد إسرائيل ستُطلق في لبنان، علماً أن ثمة من يرى أن نتنياهو سيدفع نحو زيادة تصعيده على الجبهة اللبنانية من خلال العودة إلى رفع وتيرة الاعتداءات أو ربما الاغتيالات من أجل الضغط على المفاوضات.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: