“إستجداء الساحات” على أنقاض “توحيد الساحات”؟!

364821

“طوفان الاقصى” أبعد من عملية نوعية لحركة المقاومة الاسلامية “حماس” في غلاف غزة و7 تشرين الاول 2023 تاريخ سيدخل سجّل الصراع مع إسرائيل من بابه العريض. فدقة التنظيم وتوزيع الادوار وسرعة التحرّك والمباغتة والسريّة من جانب “حماس” المترافقة مع حرب نفسية مارستها “الحركة” بالتوازي عبر تسويق الصور والفيديوهات للاقتحام وتعمّد تظهير المشاهد الدموية وإزلال نخبة الجيش الاسرائيلي وتضعضع وحداته قابلها ضياع عسكري إسرائيلي وإرباك وصدمة وفشل إستخباراتي ذريع وغياب للخطوات الاستباقية.

“طوفان الأقصى” شكّل نكبة لهيبة إسرائيل وصورتها وثقة شعبها بها، لكن هذه العملية فضحت حقيقة نظرية “توحيد الساحات”. فأظهرت أنها غير مرتبطة بموازين الصراع مع إسرائيل وفرص الانقضاض عليها وضربها بالعمق بل مرتبطة بمصالح إيران ومواقيتها. كلّ الساحات في محور الممانعة تسخّر لخدمة طهران أولاً ولو على حساب شعوبها ودولها وعلى حساب القضية الفلسطينية.

فعدم فتح كلّ الجبهات أقله من جنوب لبنان والجولان بالتوازي مع العملية يؤكّد ان كل الحديث عن توحيد الساحات تهويل كلامي وشدّ عصبٍ، لأن القرار الفعلي لتوحيدها ليس عند مطلقي الدعوات من “حماس” الى “حزب الله” وغيرهما بل فقط عند النظام الايراني. طوفان الاقصى” هو خطوة في لعبة “الشطرنج” مع إسرائيل ولا نية لدى “محور الممانعة” بـخوض مغامرة “كش ملك”.

خير دليل على ما جاء أعلاه، عملية حزب الله في مزارع شبعا على ثلاثة مواقع إسرائيلية صباح 8/10/2023 والتي هي رسالة مضبوطة لـ”رفع العتب” أو لتخفيف الضغط عن غزة وإلهاء الجيش الاسرائيلي في جبهته الشمالية. كما أن حصر إسرائيل ردها بالمنطقة اللبنانية التي تم إطلاق النار منها، يؤكد ان الطرفين ملتزمان قواعد الاشتباك او الأصح “قواعد اللعبة” التي يمارسانها منذ ما بعد حرب تموز 2006.

البيان الصادر عن “حزب الله” تحت إسم “المقاومة الإسلامية” في لبنان – وعدم إستخدام “المقاومة الاسلامية اللبنانية” يعني انه موجود في لبنان وغير مرتبط به بل بالأمة الإسلامية الأشمل – وضع العملية في إطارها الصحيح أي تضامناً “مع المقاومة الفلسطينية المظفرة والشعب الفلسطيني المجاهد والصابر” و التبريك وتوجيه التحية والتأكيد أن “إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت”.

نظرية “توحيد الساحات” سقطت في عملية “طوفان الاقصى” و تأكّد ان “الامر الناهي” لكل هذه الساحات هو النظام الايراني، ولكن في حال تكرّر سيناريو حرب 1973 وإستعادت إسرائيل المبادرة في الميدان وأصبح وجود “حماس” مهدّدا هل نكون حينها أمام “إستجداء الساحات” من قبل “حماس” وإضطرار إيران الى تحريك هذه الساحات والقول “مكره أخوك لا بطل” كما قال عمرو بن العاص إلى الامم علي بن أبي طالب حينما امره معاوية بمواجهته؟!

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: