كتبت صونيا رزق:
كل فترة يطلق الرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط ” “نقزات” بالجملة، من خلال تصريحاته الفجائية التي تقلب الوضع رأساً على عقب لأيام قليلة، وفي بعض الاحيان لساعات فقط، ثم تعود أدراجها بعد توضيح او إعتذار او سحب أقوال من جنبلاط، تعيد تلك “النقزات” الى مكانها.
تصريحان لجنبلاط قبل فترة وجيزة، الاول أعلن عدم ممانعته من التصويت لرئيس تيار “المردة ” سليمان فرنجية كمرشح رئاسي، فتلقى على الفور تأييداً كبيراً من “الثنائي” علّه يستدير فعلياً نحو بنشعي، ويختار وضعية رئاسية مغايرة، خصوصاً انه مقرّب جداً من رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، الصديق والحليف الدائم كما يصفه جنبلاط.
هذه السياسة المتبعة بين الطرفين تصل دائماً الى هدفها، لانهما يتوافقان في اغلب الاحيان، وفي حال ظهر اي تباين سياسي بينهما سرعان ما يزول، وهذه هي النقطة الاهم التي يراهن عليها “الثنائي”، كما يحفظ جنبلاط دائماً “خط الرجعة” مع حارة حريك، ومنذ فترة بات يحفظ ذلك الخط مع اغلبية الاطراف السياسية، لانه إتبع الخط الوسطي والانفتاح على الجميع، خصوصاً مع حزب الله الذي لا يعاديه لوقت طويل، بل يهادنه لوقت أطول، وما زال يحافظ على هذا النمط منذ فترة ويبدو انه سائر به، لانه جرّب كل الاتجاهات، لكنه عاد ليستقر مع حزبه و”اللقاء الديموقراطي” في خط وسطي.
هذا الانفتاح على حزب الله، يترجم كل فترة بلقاء في كليمنصو، للمواصلة والبحث في كل المستجدات والاستحقاقات، وما نتج عنها كموقف نهائي أنّ زعيم المختارة لن يدعم مرشحاً لا يوافق عليه حزب الله، والايام المقبلة ستؤكد ذلك، من هنا أطلق العنان لموقفه المفاجئ بأنه لا يمانع من انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية، مع إشارته على الفور بأنّ موقفه هذا لن يلقى التأييد الكلي من كتلة “اللقاء الديموقراطي” التي يرأسها نجله النائب تيمور، وهذا يعني انّ الكتلة ستنقسم بين مؤيد ومعارض لفرنجية.
الموقف لم بأت من عدم بل من العشاء الاخير في كليمنصو، الذي جمع عائلتي جنبلاط وفرنجية، حيث خيّمت أجواء الغزل المتبادل، فهل لعبت العاطفة دوراً أنتج عنها ذلك التصريح؟، الذي لم يكن محبّباً على قلب كل نواب الحزب “الاشتراكي”، ثم تلاه سخرية جنبلاط من شعار” لبنان اولاً”، ووصفه بالسخيف ليعود بعد ايام قليلة جداً من سحب “هفوته”، ويطلب اعتبار تصريحه “في غير مكانه”، كي لا يبدو كمَن يتنكّر لحقبة مهمة من تاريخه كما قال.
التراجع هذا بدا خطوة مهمة، بعد نصيحة من مقرّبين لإصلاح تعبيره لطمأنة اصدقائه في السياسة، او بعض الحلفاء الذين سار معهم لفترة معينة.
جنبلاط يبحث دائماً عن دور بيضة القبّان، التي لطالما إنطبقت على حزبه وكتلته النيابية، وفي نهاية المطاف يقوم بما يناسب الطائفة ويخدم مصلحتها.
إشارة الى انّ أكثر من نائب في الحزب “الاشتراكي”، فضّل خلال اتصال موقع” LebTalks ” به الإلتزام بالصمت وعدم التعليق على ما قاله جنبلاط ، كي لا يدخلوا في سجالات هم بغنى عنها لانهم لا يريدون التناحر مع أحد وفق ما قالوا، وأشاروا الى انّ النقاش يحصل دائماً داخل التكتل للوصول الى موقف مناسب، معتبرين انّ إسم الرئيس مرتبط بالظرف القائم.