أطلقت طاولة حوار المجتمع المدني “تجمع دولة لبنان الكبير” في الصرح البطريركي في بكركي، في حضور البطريرك الماروني بشارة الراعي، الرئيس السابق أمين الجميل، ممثلين عن مفتي الجمهورية وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، وحشد من الوزراء والنواب وشخصيات.
وبعد كلمة تقديم للزميل ماجد بو هدير ألقى البطريرك الراعي كلمة، رحب فيها بالحضور شاكراً الاميرة حياة ارسلان على تشكيل طاولة حوار المجتمع المدني.
ولفت الى انه سيترك رأيه لنهاية اللقاء، وقال: “اليوم يوم وطني بإمتياز وسنستمع الى المتحدثين”.
الرئيس الجميّل
وألقى الرئيس الجميّل كلمة بعنوان “لبنان الكبير” البعد الايجابي لدولة ١٩٢٠ والثغرات التي عانت منها”، وقال: “أول الإمتحانات كان سنة 1949، مع قيام دولة إسرائيل وطموحات بعض مؤسسيها التوسّعية، فتوحّد اللبنانيون وواجهوا هذه التحديات.
لا مفرّ من إحياء دولة ١٩٢٠ أي الدولة الواحدة، وإحياء دولة ١٩٤٣ أي الدولة-الدستور، لأن البديل، بالخلاصة، هو العودة الى اللادولة والتفرقة، أي دولة الطوائف، دولة المذاهب، دولة السفارات، دولة توزيع الولاءات واستدراج دول الاقليم، مع ما تفترضه من نزاعات عسكرية في الداخل وولاءات سياسية للخارج.
ثانياً: كما واجه اللبنانيون وصمدوا وأبقوا الرهان السياسي هو الأساس، لا بدّ من تحصين النظام بحركة تحديثية نهضوية تقوم على اعتماد اللامركزية الموسعة التي توفر لكل جماعة حقوقها من دون المسّ بحقوق الجماعات الأخرى. كما من شأن اللامركزية اذا أُحسنَ تطبيقها ان تنمّي مركزية لبنان في المشرق العربي.
ثالثاً: لا بدّ من معالجة فورية لمشكلتيّ الخوف والغبن لدى جميع اللبنانيين، لننتقل عندها من نظام الامتيازات المفروضة واللامساواة الى نظام الدولة الراعية والضامنة، وتحصين لبنان عن التدخلات الخارجية.
رابعًا: لا مفر ايضًا من استعادة حالة لبنان السيادية، الاستقلالية، الوحدوية بتثبيت حياد لبنان، فلبنان هو أصلاً غير منحاز منذ دولة لبنان الكبير التي شكل اعلانها حياداً عن الغرب وعن الشرق.
وتابع: “آن الأوان ان ينقذ لبنان نفسه بأن تتلبنن كل المكونات، فتكتمل الحالة اللبنانية وتتكامل من دون امتيازات، فقط بضمانة الدولة القوية والقادرة، الا اذا أردنا لبنان لبنانات موزعة الى مناطق نفوذ وفق سايكس-بيكو جديد وفرنسيين جدد وإنكليز جدد وهم كثر في الجوار وأبعد من الجوار”.
آن الاوان بعد مئة عام لتثبيت الكيان على قيم الجمهورية في الديمقراطية والحرية والعدالة وحقوق الانسان، أسس من دونها لا قيام للدولة، ومعها يعود لبنان الى مفهوم الوطن الرسالة ويقوى اللبنانيون على خوض غمار المئوية الثانية، وطناً سيداً ومواطنين متساوين متحدين متكافلين متضامنين”.
ريفي
بدوره، قال النائب أشرف ريفي: “كبير هو لبنان. ليس بجغرافيته ولا بموارده، بل بالمعنى الذي يمثله كقيمة فريدة ونادرة.
كبير هو لبنان، ومسؤوليتنا كبيرة في الحفاظ عليه، وطناً نفخر بالانتماء اليه، وبزرع أبنائنا في مدنه وبلداته وجباله.
لبناننا الحالي هو دولة لبنان الكبير، هو لبنان الـ 10452 كلم2″.
أضاف: “ليس صدفة أن يشهد هذا الكيان منذ نشأته، ما شهده من أزمات ومحطات مصيرية وتحولات، حيث بدأ كيان لبنان يترسخ مع تأسيس الإمارة المعنية في العام 1516، لينتقل إلى الإمارة الشهابية، ومن ثم إلى نظام القائمقاميتين، ليتبلور كيانه مع إقرار بوتوكول عام 1861، ووضع نظام مكتوب له وتعيين مجلس لإدارة المتصرفية، وصولاً إلى إعلان دولة لبنان الكبير في العام 1920، إلى إعلان الإستقلال في العام 1943، وتكريس الميثاق الوطني صيغة للعيش المشترك، وانتهاءً بإقرار وثيقة الوفاق الوطني في العام 1989، التي رسخت الوحدة الوطنية والعيش معاً.
ليس صدفة أن ينتج هذا الكيان ما أنتجه في محيطه والعالم، من إبداع قل نظيره في كل المجالات.
ليس هذا تبجحاً ولا تمجيداً للذات، فلبنان هو وطن لم تقتله العواصف، هو ثابت صامد وأقوى، ممن يتوهمون أنهم أقوى منه.
لقد أعلن عن ولادة دولة لبنان الكبير الذي باسمه نلتقي اليوم، وقد ساهم بطريرك جليل هو البطريرك الياس الحويك، مع كثير من المخلصين من كل الطوائف، بولادة الكيان اللبناني الحديث.
عبد المسيح
بدوره، قال النائب أديب عبد المسيح: “يدّعي الكثيرون أن لبنان الكبير هو غلطة تاريخية أو ربما جغرافية، وقد يكونون على حق. ربما لم ننصف التاريخ ولم تنصفنا الجغرافيا. لم نتخلى نحن عن الجغرافيا ( ما عدا الخط ٢٩) مع أن التاريخ تخلّى عنّا.
ولكن في التخلي، التجلي وهنا بيت القصيد. لبنان الكبير بعد مئة عام أصبح الحقيقة، أصبح انتماءنا و هويتنا وحقيقتنا، أضف انه اليوم رسالتنا والحقيقة اكبر وأعمق وأهم من أطماع السياسة والاستعمار وأخطاء التاريخ والجغرافيا.
نحن أبناء هذا الزمان ولبنان الكبير واقعنا، شاء من شاء و أبى من أبى، لا نريده أصغراً ولا مجزءاً. جُلّ ما نطمح اليه ان يكون وطناً. وطن للبنانيين، فقط للبنانيين وجميع اللبنانيين بالتساوي.
لبنان بلد لم نرتقي به بعد لمصاف الأوطان، بل جعلناه ساحة صراع طائفية وأرض محاصصة. ما يجمعنا اليوم في هذه السياسة بالذات هو فشل لبنان الكبير الوطن.
لكن ما يجمعنا أيضاً هو ادراك مشترك من جميع الطوائف والمناطق بأن الفشل هو أضمن طريقة للنجاح، فالإنسان يتعلم من الفشل أكثر مما يتعلم من النجاح. البعض يعتبر ان التعددية هي مشكلتنا الأساسية وان اختلافاتنا تنبع من تباين ديني او عرقي او حتى تاريخي في جغرافيتنا المشرقية.
هاني فحص
بدوره، قال مصطفى نجل العلامة الراحل هاني فحص: “قبل أكثر من مئة عام، ولدَ الفتى الكبير لبنان، ولادته المبكرة، كانت عسيرة،
فاكتمل نموه بعد ثلاث وعشرين سنة، على يد الصيغة التي رعت نموه الطبيعي وغير الطبيعي، إلى هذه اللحظة، لدرجة أن من تولّى أمره، أي طبقته السياسية، شاخت والصيغة لم تشخ.
كانت ولم تزل الصيغة اللبنانية بكل ما لها وعليها، المعادلة الآمنة لدخول الجماعات اللبنانية في وطنهم الكبير، بعدما اقتنعوا جميعاً بأنه وطنهم النهائي.
ونجح سيد هذا الصرح في إقناع هذه الجماعات، بالعيش المشترك ضمن جغرافيا واسعة بتعدّدها وليس بمساحتها. وتجلّى ذلك، برفضه أن يكون بطريركاً على لبنان الصغير المعزول عن جواره القريب، أو البعيد عن عمقه الطبيعي، وأن حدود 1920 هي جغرافيا تميّزه ولا تفصله عن محيطه الكبير.
مسرّة
كما ألقى انطوان مسرة كلمة قال فيها: “لدينا اخفاقات عدة في تاريخنا، حاجتنا في لبنان الى دولة المواطنية التي تحمي الجميع. ثقافة دولة لبنان الكبير غير راسخة في الأجيال الجديدة”.
ارسلان
وفي ختام الكلمات، قالت الأميرة حياة ارسلان: “ان بكركي اليوم بحضور راعيها تعيد كتابة تاريخ مجيد جعل من لبنان دولة. بكركي اليوم تغلق كل أبواب التقسيم والفدرلة وكل الطروحات التي تصغر لبنان الكبير”.
وأكدت أن “طريق بعبدا لن تمر عبر الممارسات غير القانونية”.
وشددت على “أن اللبنانيين شعب واحد”، مشيرة الى انه “من ثوابت التجمع: الدستور هو دين الدولة اما المعتقد الديني والايمان فهما العلاقة المخلصة بين الانسان وخالقه”.
