إنبهر اللبنانيون المتعبون من الوجوه السياسية الممجوجة حين أطلت عليهم وجوه ذات سير ذاتية مميزة وخبرات ونجاحات عالمية عقب حراك "17 تشرين" لتبشّرهم بمنصتي "نحو الوطن" و"كلنا إرادة" ودورهما في رصّ صفوف المعارضة وصقل مواهب الثوار وتأهيلهم والتنسيق بين المجموعات وتحضير الدراسات والخطط والتحضير لتوحيد الجهود لخوض الانتخابات والتوصل الى لائحة من 128 مرشحاً على مساحة الوطن وتوفير الدعم المالي والاعلامي لهم بوجه الطبقة السياسية والحزبية.
إستبشر اللبنانيون خيراً حين إجتاحت"نحو الوطن" بملصقات اعلانية كبيرة ترفع شعارات كـ "الشعب قرر… التغيير بلش" و "هالمرة نحنا منقرر" المناطق اللبنانية منذ أيلول الماضي، أي قبل تسعة أشهر من موعد فتح صناديق الاقتراع، وبكلفة بلغت مئات آلاف الدولارات، وقيل يومها إنها استخدمت ألفي ومئة وخمسين لوحةunipoles ، فإعتبروا انه الضوء الاخضر لإنطلاقها في المعركة الانتخابية، خصوصاً ان الحملة الاعلانية ترافقت مع ندوات كانت إنطلاقتها بندوة مع مدير عام Statistics Lebanon ربيع الهبر، حول المعطيات والأرقام عن الدوائر الإنتخابية.
إلا أن هذه الحملة لم تنجح و اصيب اللبنانيون بخيبة، وإنقلب مسعى توحيد المنصتين الى شرذمة بين الطرفين، رغم نجاح "كلنا إرادة" بضم جزء كبير من "نحو الوطن"، ليصبح الاشتباك بينهما كاشتباك اهل السياسة.
اليوم، وعلى مسافة شهرين ونصف الشهر من الانتخابات، يشعر ثوار "17 تشرين" أن هاتين المنصتين لا تختلفان في ذهنيتهما عن أهل الطبقة الحاكمة، وأنهما قد تكونان في خدمتها عن قصد او عن جهل. فالتخوف من مماطلة هاتين المنصتين في بلورة تحالفاتهما مع بعض المعارضين، من أجل تأخير إنضاج لوائح معارضة، ما يخدم "حزب الله" والمثال على ذلك أن "كلنا ارادة" بادرت الى التعاطي والتفاوض مع النائب فؤاد مخزومي من دون إعطائه أجوبة واضحة، ما ساهم في إضاعة الوقت، لكن في نهاية المطاف تابع النائب مخزومي عمله ومسيرته، فيما الانتظار بات سائداً في ملعب هؤلاء.
كثر من "ثوار الارض" لا المنظرين خلف الحدود او خلف المكاتب يعتبرون أن هاتين المنصتين فشلتا قبل موعد الاستحقاق. فلا توحيد قوى الثورة نجح ولا خطة اعلامية واضحة طبّقت ولا لائحة واحدة موحدة من 128 مرشحاً شكّلت بل لوائح ولا التمويل تأمن والمرشحون يتحدثون عن ان الجهود التي وعدوا بها كثوار تبخرت عملياً…
سكر اللبنانيون بطرح منصتي "نحو الوطن" و"كلنا ارادة" وتأملوا خيراً بأدوارهما في الدفع نحو التغيير…. "فراحت السكرة وإجت الفكرة" حتى قبل الاستحقاق.