نقلاً عن الصحافي جليل الهاشم:
آثر النائب ابراهيم كنعان، عضو تكتل نواب العونيين، ان يقوم بمبادرة لم شمل النواب وكوادر المستقيلين والمصروفين من التيار.
مثّل النائب ابراهيم كنعان حالة مستقلة متنيّة نسبة الى قضاء المتن، واستطاع ان يجعل لنفسه حيثية بجهوده الشخصية ودعم عائلته.
آل كنعان في قضاء المتن هم على غرار الكثير من اللبنانيين، أغرتهم شعارات الجنرال عون، في بداياته، والتي لم تكن بعيدة عن طروحات العميد ريمون اده، لجهة الانتصار لمنطق الدولة على حساب الميليشيات والدويلات، فالتحق ابراهيم بالتيار العوني في بداياته ناشطاً متقدماً على رفاقه لشخصه وحيثية العائلة، فسبب إزعاجا لسلطة الوصاية حينها، وصولا الى تلقيه تهديدات مباشرة، فآثر السفر الى لندن، حيث أسس عملاً حراً هناك، وكان مرجعاً لكل الشباب اللبناني الهارب من لبنان، يأويهم ويحتضنهم ويؤمن لهم اعمالاً، إضافة الى نسجه علاقة مع الادارة البريطانية بصفته أميناً عاماً للمجلس الحقوقي البريطاني، فكان صلة وصل، ثم عمل على تطوير هذه العلاقة، لتمتد الى البطريرك الراحل مار نصرالله صفير، فكان ابراهيم، ناقلاً للرسائل بين بكركي البطريرك صفير، والادارة البريطانية، وكان مكتبه في الجديدة مقراً للقاءات يعقدها مع مجموعة مفكرين، في اعقاب إطلاق مجلس المطارنة الموارنة لندائهم الشهير الذي طالب بخروج الجيش السوري من لبنان عام 2001.
عاد ابراهيم الى لبنان، ناشطاً مميزاً، فاستحق الترشح عن المقعد النيابي في قضاء المتن، وكان من المقربين للجنرال، الذي كان يوزع الادوار على الكوادر والمناصرين، قبل ان يصاهره جبران باسيل. إلا أن ملاحظاته على آداء التيار ورئيسه لا تختلف في جوهرها ومضمونها عن ملاحظات النواب والكوادر التي استقالت او طردت من التيار، ولكن كنعان كان يعمل بصمت وخلف الستائر، للحؤول دون تشرذم التيار، وكان يسعى لدى المعترضين وقيادة التيار والجنرال خصوصاً كي لا تصل الامور الى قرارات بالطرد او الاستقالة او الإقالة، إلا أنه لم يوفّق بسبب رفض الصهر لمبادرته.
بين باسيل وابراهيم كنعان، لا كيمياء ولا فيزياء، فباسيل يريد ابراهيم كنعان “زقيفاً” خلفه، ينفّذ قراراته دون اعتراض، حتى تظهرت مواقف باسيل الساعية الى إقصاء ابراهيم من النيابة في الانتخابات الاخيرة، والانتخابات التي سبقتها في العام 2018، حين اوعز باسيل الى انصار التيار العوني في المتن، بعدم التصويت لإبراهيم كنعان للتخلص منه، إلا أن النتائج خذلته، وفاز ابراهيم كنعان في الدورتين، خلافا لرغبة الصهر، محققاً نتيجة أثبتت انه حالة متنيّة خاصة في معزل عن تصويت التيار العوني.
ومع ذلك، ومع علم ابراهيم والعائلة الكنعانية بموقف باسيل في الانتخابات، آثر عدم ترك التيار.
ومع الفراغ الرئاسي، واستحالة ترشيح باسيل لمنصب رئيس الجمهورية، لأنه معاقب اميركيا بتهمة الفساد، واستغلال السلطة، تم التداول في كتلة النواب العونيين بترشيحه لمنصب رئاسة الجمهورية وكان هناك شبه اتفاق على ان ابراهيم كنعان قد يكون الاوفر حظاً للأسباب التالية:
1- هو عامل جمع داخل التيار ومطلق مبادرات بإمكانه اعادة لم شمل التياريين.
2- بكركي تتبنى ترشيحه نظرا للعلاقة التاريخية التي تربط العائلة بالصرح البطريركي الممتدة منذ سنين طويلة.
3- بإمكان ابراهيم كنعان نسج اتفاق مع القوات اللبنانية، وهو الذي نسج معها ما يسمى ب “اتفاق معراب”، وكان صادقا في مفاوضاته مع زميله في الاتفاق ملحم رياشي موفد القوات، إلا أن باسيل أخلّ بشروط الاتفاق وهذه ليست مسؤولية كنعان.
4- العلاقة الجيدة التي تربطه بمعظم الكتل النيابية والتي تؤمن له في حال انتخابه رئيساً.
5- الدعم البديهي الذي يجب ان يحصل عليه كنعان من كتلة نواب العونيين من جهة والحلفاء من جهة ثانية.
هذه العوامل كانت كافية ليزداد احمرار عين الصهر باسيل من ابراهيم كنعان، فكان العمل على إقصائه انتخابياً وفشل فيه، فحان دور العمل على إقصائه من التيار العوني والكتلة النيابية، وتاليا تعريته من الانتماء الى كتلة نيابية وازنة مسيحياً، ليصبح نائباً متنياً مطروداً من التيار العوني، وتشليحه اي فرصة ممكنة للترشح لمنصب رئيس الجمهورية. بالتزامن مع إطلاق حملة تشويه تطال سمعة كنعان النيابي.
بالتأكيد إبراهيم كنعان خارج النظام الإداري للصهر باسيل، سيكون على المستوى السياسي والوطني رجل دولة يستطيع أن ينفّذ مصلحة الوطن بأكثر إنتاجية، وعلى صعيد المتن “الزعيم”.