عقدت المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم (LFPCP) و المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، اجتماعا تشاوريا ضمن مشروع حوار في سياسات وطنية من أجل الاصلاح، لعرض ومناقشة آليات إصلاح نظام التقاعد في لبنان: التحديات والسبل المتاحة، بمشاركة وزير العمل محمد حيدر، النواب: الان عون فادي علامة، وضاح الصادق، علي عسيران، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد، قضاةً، خبراء قانونيين، ومنظمات المجتمع المدني وذلك في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وشدد مدير المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم المحامي ربيع قيس على "ضرورة تطبيق نظام التقاعد في لبنان ضمن اطار متطور وتعديلات تضمن حقوق المتقاعد" مشيرا الى ان "المؤسسة تعمل جاهدة على دراسة القوانين المعروضة وتعديلها بشكل يتماشى مع حقوق الانسان وقانون العمل".
واكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد على "أهمية حماية العمال من خلال الوصول إلى صيغة مثلى لنظام التقاعد، وضرورة صدور المراسيم التطبيقية لقانون التقاعد والحماية الاجتماعية الذي أقره مجلس النواب".
وتحدث عربيد عن "وجوب توسيع هذه الجهود لتشمل نظام متكامل للحماية الاجتماعية التي تعتبر استثماراً في الأمن الاجتماعي والنمو الاقتصادي، وليس ككلفة وعبء على المؤسسات والدولة".
وأثنى على "الجهود التي بذلت في مجلس النواب والتي أدت إلى صدور قانون التقاعد، وتلك التي تبذلها الحكومة ووزارة العمل في هذا الصدد".
من جهته اكد الوزير حيدر ان "الأزمة التي تناقش اليوم عمرها عقود، وليست نتيجة الظرف المالي الحالي فقط. فنظام تعويض نهاية الخدمة فقد قدرته على حماية العامل، وتآكل بفعل التضخم. وفي الوقت نفسه، تتسع الفجوة بين القطاعين العام والخاص، وتتراجع الثقة بالمؤسسات الضامنة، مسيرا الى أربع تحديات واضحة:
1- غياب نظام تقاعد فعلي للقطاع الخاص.
2- أكثر من 55% من القوى العاملة خارج أي حماية للشيخوخة.
3- تعدد الأنظمة وغياب التنسيق بينها.
4- ضعف الحوكمة، والحاجة الماسّة إلى تحديث كامل للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي".
وتابع حيدر: "يشهد لبنان ارتفاعًا مستمرًا في معدل الشيخوخة، ما يضاعف الضغط على أي نظام تقاعدي مستقبلي، ويجعل الإصلاح ضرورة وطنية عاجلة لا يمكن ترحيلها".
واشار الى ان "القانون 319 هو أكبر إصلاح تشريعي اجتماعي منذ إنشاء الضمان وهو نقلة نوعية لأنه، ينتقل من تعويض لمرة واحدة إلى معاش شهري مستدام، يفصل صندوق التقاعد عن باقي الفروع لضمان استقلال مالي وإداري، يعيد تشكيل مجلس الإدارة بمعايير حديثة للحوكمة ويساهم في تقليص الفجوة بين أنظمة القطاع العام والخاص"، مؤكدا ان "أهمية القانون لا تكمن فقط في نصوصه، بل في الرسالة التي يحملها أن لبنان قرر الانتقال من منطق الدولة الموقتة إلى منطق الدولة الضامنة".
وكشف حيدر عن "ابرز الخطوات التي قامت بها وزارة العمل ابرزها:
1- إطلاق ورشة إعداد المراسيم التطبيقية عبر لجان متخصصة.
2- إطلاق عملية إعادة تشكيل مجلس إدارة الضمان.
3- تسريع عملية الرقمنة داخل الصندوق والوزارة.
4- خطة لزيادة تسجيل العمال في الضمان، خصوصًا في القطاعات الصغيرة وغير النظامية.
5- تعاون دولي لتأمين دعم اكتواري وتقني وإداري.
6- إطلاق منصة موحدة للتحضير لحسابات التقاعد الرقمية وهي الآن في مرحلة التطوير النهائي".
واوصى في ختام الجلسة "بضرورة الإسراع بإصدار المراسيم التطبيقية للقانون 319 دون أي تأخير,إنشاء هيئة مستقلة لإدارة استثمارات صندوق التقاعد بخبرات مالية متخصصة واخيرا إقرار خارطة طريق وطنية تحدد مراحل الانتقال بوضوح".
وشدد على ان "الهدف الاساسي للوزارة هو:
-ضمان معيشة كريمة لكل عامل بعد بلوغ سن التقاعد.
- ربط نظام التقاعد بالاستقرار الاقتصادي والنمو.
- اعتماد مقاربة تضمن العدالة بين الأجيال.
- استخدام التكنولوجيا لإدارة حسابات التقاعد بطريقة آمنة وشفافة".
واعتبر النائب علامة ان "موضوع التقاعد والحماية الاجتماعية يُشكّل اليوم محورًا أساسيًا للنقاش، لما له من أهمية كبرى تمس كل مواطن لبناني أملاً أن تقوم الوزارات المعنية بوضع المراسيم التطبيقية اللازمة، ليتسنّى للمواطن اللبناني الاستفادة من هذا النظام، آخذين في الاعتبار واقع التضخم وارتفاع الكلفة وكافة التحديات المرتبطة".
بدوره، لفت النائب عون الى "أهمية التوجّه نحو نظام تقاعد موحّد يشمل القطاعين العام والخاص وسائر القطاعات، بهدف إنهاء حالة التشتّت القائمة". وأشار إلى أن "الأمر يتطلب مساهمة وجهدًا من كافة الجهات، من ضمنها الشركات، المواطنين، والدولة اللبنانية"، لافتًا إلى أن "الحل المطروح قد يشبه إلى حد ما مقاربة أزمة الودائع، أي عبر توزيع الخسائر وتحمل المسؤولية بشكل مشترك".
وختم مؤكدا أن "الهدف هو إيجاد حل لتعويضات نهاية الخدمة التي فقدت قيمتها، والتي لا تزال تُحتسب بمبالغ زهيدة لا تليق بجهود الموظفين سواء في القطاع العام أو الخاص".