تركت الاستدارة الجنبلاطية أكثر من علامة استفهام، وطُرحت التساؤلات "بالجملة والمفرق" كيف سيكون وقع هذه الانعطافة على علاقة جنبلاط بحلفائه؟، وأيضاً بالدول الشقيقة والصديقة التي تربطها علاقات قديمة وتاريخية مع المختارة ؟، وفي طليعتها المملكة العربية السعودية التي لم تقصّر يوماً مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وكانت لها اليد الطولى في الوقوف إلى جانبه في كل المحطات والمفاصل.من هذا المنطلق، فإنّ أوساطاً متابعة تشير إلى أنّ جنبلاط يدرك هذه المسائل بامتياز، وإنّ لقاءاته مع حزب الله قد تكون فرضتها بعض التغيرات والمتحولات في المنطقة، أو ما يسمى بلعبة الأمم التي تشكل عامل قلق وهواجس لجنبلاط، ولكن ثمة من هم في الحزب الاشتراكي أو من المقربين إلى جنبلاط، لهم علاقات مع إيران وسوريا وحزب الله ويشجعونه باستمرار للسير في العلاقة مع الأخير قدماً، لأنّ هذا الحزب له دوره ولديه فائض القوة، وهذه المسألة لم ترق لجمهور ومحازبيّ رئيس التقدمي، وذلك ما تبدى بوضوح من خلال اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي بالحملات والمواقف الكثيرة من المحازبين والأنصار وأبناء الجبل، شاجبين ورافضين إدارة جنبلاط، وتحديداً باتجاه حزب الله، فيما البعض برر ذلك بأنّ جنبلاط قد يكون لديه مخاوف ومعطيات إقليمية ودولية، في ظل ما يجري اليوم من حروب وصراعات ونزاعات، أملت عليه هذه الخطوة من أجل تنظيم الخلاف مع الحزب، وبالتالي الحفاظ على أمن الجبل واستقراره في هذه الظروف الصعبة.ويبقى أخيراً أنّ هذه الخطوة هي موضع متابعة دقيقة في المرحلة المقبلة، إذ على ضوئها وما سيصدر لاحقاً من مواقف جنبلاطية، يبنى على الشيء مقتضاه، ولا سيّما كيف ستكون هذه الاستدارة؟ هل هي لتنظيم الخلاف؟ أم نتيجتها التحالف مع حزب الله؟ والبعض يرى أنّ التحالف السياسي مع الحزب مستبعد، لأنّه لا يمكن لجنبلاط الخروج من عمقه العربي، وتحديداً لناحية الرياض التي لها باع طويل في دعم لبنان، وفي كل قرية درزية هناك أعداد كبيرة من الذين يعملون في المملكة ودول الخليج، والأمر عينه للبنانيين بشكل عام، ما يعني أنّ جنبلاط يزن خطواته ويجب الترقب والانتظار ليبنى على الشيء مقتضاه لاحقاً.
