لا تلوح في أفق البلد أي فرصة أمل بوقف تخبّطه السياسي والأمني والاقتصادي والمالي والاجتماعي على حافة الهاوية، فالعقول السياسية مجمّدة، وكلّ شيء فيه معطّل ومشلول، ويشلّ قدرته على الخروج من دوامة الأزمات المستعصية المتناسلة من بعضها البعض، وعلى النجاة من واسباب وعوامل التفسخ التي تتراكم على مدار الساعة، وتنذر، بخلفيتها السياسية والشعبوية، بخلق وقائع وإحداث منزلقات عواقبها وخيمة وكارثية على كل اللبنانيين.
على الجبهة السياسية، زيارة رسمية كاسرة للجمود، قام بها الرئيس القبرصي نيكوس خريستو دوليدس الى بيروت، فيما يُنتظر أن تشكّل عطلة عيد الفطر انطلاقة متجددة لحركة المساعي المرتبطة بالملف الرئاسي. وكل المستويات السياسية تعوّل على استئناف سفراء اللجنة الخماسية لحراكهم بعد العيد تحديداً في بداية النصف الثاني من الشهر الجاري. ووفق برنامج مواعيد حدّدوها مع عدد من الكتل السياسية، ومن ضمنها كتلة “حزب الله”.
على أنّ الاجواء السابقة لهذا الحراك المنتظر، لا يتبدّى فيها ما يعزز الأمل بحدوث اختراقات جوهرية تكسر حلقات التعقيد وتمهّد الطريق الى انتخاب رئيس للجمهورية، وفق مسار التفاهم والتوافق الذي ترتكز عليه مهمّة اللجنة الخماسية. وكشفت مصادر معنية بحراك “الخماسية” لـ”الجمهورية”، انّ “استراحة سفراء الخماسية في رمضان من الحراك العلني، لم تقفل قنوات الاتصال مع المستويات السياسية، حيث بقي التشاور قائماً على أكثر من خط، وضمن السقف الذي حدّدته اللجنة الخماسية لمهمّتها، كعامل مساعد للبنانيين على انتخاب رئيس”.
ومعنى ذلك، كما استنتجت المصادر عينها، هو “أنّ حراك سفراء اللجنة المنتظر يأتي استكمالاً لحراك ما قبل الاستراحة، لحث الأطراف اللبنانية على خيار رئاسي بالتفاهم والتوافق، والمعطيات الموثوقة تجزم بأن لا مشروع حل رئاسي جديد جاهز في يد “الخماسية”، خلافاً لما تردّد في بعض الاوساط السياسية”، وهذا الامر في رأي المصادر “لا يبشّر بانفراج، بل يضع مهمّة اللجنة الخماسية امام فشل حتمي، سيجعلها تلدغ من الجحر أكثر من مرّة”.
وبحسب المصادر عينها، فإنّ “جوهر حراك سفراء الخماسية، هو تقريب المسافات في ما بين اللبنانيين،على ما يكرّر السفير المصري علاء موسى، والدفع الى توافق على رئيس للجمهورية. ولكن نقطة التشاؤم حيال هذا الامر تتبدّى في أنّ هذا التوافق سبق له أن اصطدم بمطبّ سياسي وديني، حيث أنّ بلوغه يتطلب حواراً، والحوار كما هو معلوم مرفوض من قِبل قوى مسيحية اساسية، كما أنّه مرفوض بالكامل من قِبل بكركي، حيث اكّد البطريرك الماروني بشارة الراعي رفضه لما اعتبره تجاوز الدستور وتكريس مثل هذا الامر (الحوار) في الاستحقاق الرئاسي”.
وبالتوازي مع ضعف احتمالات الخرق الايجابي في الحراك المنتظر لسفراء دول “الخماسية”، قال مرجع مسؤول رداً على سؤال لـ”الجمهورية”: “حالياً، لا توجد لا ابواب ولا مفاتيح، او ممهدات لانفراج رئاسي، ولا قدرة لأيّ طرف سواءً أكانت اللجنة الخماسية أو غيرها، في أن تتغلّب على عناصر التناقض والإختلاف الكبيرة جداً بين اللبنانيين”.
وتبعاً لذلك، استبعد ما وصفه “انبعاث الدخان الابيض على الخط الرئاسي في المدى المنظور. الملف الرئاسي خلف الأحداث حالياً”. مستنداً بذلك إلى ما سمّاها “معطيات تؤكّد أنّ “الخماسية” مقيّدة من داخلها بما يمنعها من تحقيق انجاز”. وقال: “واشنطن تحث على انتخاب رئيس للجمهورية، ولكن لا اتوقع ايجابيات في الوقت الحاضر، كما لا اعتقد أنّ واشنطن مستعجلة للبت بالملف الرئاسي حالياً، فكل الدلائل تؤكّد بأنّ الملف الرئاسي رُحّل الى ما بعد انتهاء الحرب في غزة، للبتّ به ضمن تسوية تصاغ وفق ظروف ما بعد انتهاء الحرب، وحتى ذلك الحين فإنّ الاولوية لدى الاميركيين هي احتواء التوترات على جبهة الجنوب ومنع اسرائيل من توسيع الحرب ضدّ لبنان”.
وعلى جبهة الأمن الداخلي، طبول فوضى وفلتان تُقرع في كل أرجاء البلد، وتراكم المخاطر على حاضر البلد ومستقبله، وكل اللبنانيين صاروا مكشوفين بلا أمن ولا أمان، فقط خوف وقلق يجتاحان كلّ الأرجاء، وأما الدولة ففي منتهى الهشاشة، يستضعفها عجزها وشللها، وتستبيحها عصابات من كل الانواع. وكل ذلك يُضاف إلى الخطر الأكبر المتمثل بالنازحين السوريّين، الذين يقدّمون يومياً دلائل إضافية بأنّهم باتوا يشكّلون عبوة ناسفة لكلّ المجتمع اللبناني، ليس من حيث كثافتهم والعبء الكبير الذي يلقون به على هذا البلد الصغير فحسب، بل من حيث تزايد معدلات الجريمة على انواعها، والتي في غالبيتها، يرتكبها سوريون.
وكشف مصدر أمني لـ”الجمهورية”، أنّه لم يعد جائزاً الاختباء خلف الأصابع، فالاحتقان يتفاقم بشكل خطير في اماكن تواجد السوريين، ويجب تدارك الامر قبل فوات الأوان. وثمّة جرائم، وصدامات، وحوادث متفرقة تحصل في العديد من البلدات بين النازحين وأبناء تلك البلدات”. وقال: “يومياً تحصل اعتداءات على لبنانيين، وكإجراءات احترازية قامت بعض البلديات ببعض الإجراءات في نطاقها، الّا انّها ليست كافية”.
واكّد المصدر “انّ الحل الوحيد يتجلّى بإعادة النازحين الى سوريا، وما يجري لا يعفي الحكومة من مسؤولياتها في القيام بكل ما يمنع محاولات توطين النازحين في لبنان. والتوجّه فوراً، وبلا إبطاء، للتنسيق مع الحكومة السورية لإعادة النازحين بمعزل عن ايّ اعتبارات سياسية او غير سياسية، او ضغوطات دولية لإبقائهم في لبنان”.
الى ذلك، دخلت قضية خطف منسق حزب “القوات اللبنانية” في جبيل باسكال سليمان، منعطفاً جديداً بعد إماطة اللثام عن جريمة مروّعة ذهب ضحيتها المغدور على أيدي مجموعة من المجرمين. فيما وضعت مخابرات الجيش اللبناني يدها على هذه الجريمة وألقت القبض على مجموعة من السوريين المشاركين في عملية الخطف وتصفية المغدور.
وقوبلت الجريمة بموجة استنكار عارمة، فيما أُفيد عن انّ قائد الجيش العماد جوزف عون ووزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي سيزوران بكركي اليوم لإطلاع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي، على آخر التطورات الأمنية، ولاسيما ما يحوط بجريمة