اهم ما تطرحه العلاقات الدولية حاليا خاصة في ظل هذه المرحلة الانتقالية بين نظامين عالميين يتصارعان في رسم مستقبل التوازنات العالمية الجديدة اشكالية السيادة الوطنية للدول .
فالحقيقة تقال ان كثيرا من الدول التي تعتبر بنظر القانون الدولي دولا كاملة السيادة تبقى واقعيا ناقصة السيادة بحيث انها لا تستطيع ممارسة سيادتها الفعلية في تسيير شؤونها الداخلية او الخارجية بحرية تامة وذلك لتدخل قوى خارجية في شؤونها لتقييدها او احيانا الغاء سيادتها . فالاشكالية تتركز في ان مثل هذه الدول لا تعتبر من الناحية الدولية دولا ناقصة السيادة ومع ذلك تعجز عن ممارسة سيادتها المطلقة
اهم نموذجين : اللبناني والاوكراني
فالنموذج اللبناني من خلال تجاربه المريرة منذ نشؤ حالات الاستقطاب الاقليمية في الخمسينات والى يومنا هذا تحت شتى العناوين القومية او الدينية او العرقية اثبت بما لا يقبل الشك نقصا في سيادته بالنظر للربط الدائم بين ازمات الاقليم وسيرورة ممارسة لبنان لسيادته : فممنوع على لبنان ان يختار حياده مثلا لان ثمة من في الاقليم ينظر اليه على امن دولة مواجهة او دولة مساندة بافضل الاحوال .
ممنوع على لبنان ان يحدد بحرية سياستها الخارجية لان تلك السياسة يجب ان تبقى جزأ من لعبة المصالح الاقليمية لمحاور ولبنان يحب ان يبقى جزأ من تلك المصالح .
في النموذج الاوكراني ممنوع على دولة ذات سيادة ان تنضم الى حلف الناتو مع ان قرار الانضمام جزء من قرار سيادي يتخذه وحده الشعب الاوكراني تبعا لمصالح اوكرانيا العليا . ومع ذلك نجد اليوم اوكرانيا تدفع ثمن استقلالها وسيادتها في تحديد توجهاتها السيادية في سياستها الخارجية .
فانطلاقا من هذين النموذجين يمكننا الجزم ان لا سيادة مطلقة لاية دولة الا تلك التي تعيش على هامش الصراعات الدولية ولا تتورط فيها . ومن هنا اهمية نظام الحياد الدولي الذي يمنع التدخل في تحديد الدولة لسياساتها الخارجية بما يستجيب لمصلحتها العليا اولا واخرا .
والخوف كل الخوف ان يكون بديل الحياد لتلك الدول التقسيم او في افضل الاحوال وضعها تحت نظام اشراف دولي كالوصاية او الانتداب خاصة متى ثبت عدم اهلية تلك الدول لمباشرة شؤونها بنفسها بالنظر لتدخلات الخارج في مصادرة سياساتها الخارجية وبالتالي قضم سيادتها كدول كاملة السيادة لتتحول بذلك الى دول منقوصة السيادة لا بل دول خادمة .